لماذا يبدو البعض أصغر من أعمارهم، بينما يبدو آخرون أكبر من سنهم الحقيقي؟
قد تعتقد أن ذلك ضرباً من الحظ، إلا أن عدة دراسات تظهر أن ذلك يُعزى إلى تداخل عدة عوامل يمكن للإنسان التحكم بها، حيث أظهرت دراسة نشرتها مجلة الابحاث الأكاديمية الوطنية للعلوم لباحثين من جامعة داندي البريطانية أن معدل شيخوخة الجسم يعتمد على عدة مؤشرات حيوية.
وقد قام الباحثون بتتبع العمر الفسيولوجي لحوالي ألف شخص منذ ولادتهم في عام 1973-1972 إلى الوقت الحاضر لقياس وتيرة تقدم عمر أجسامهم في كل سنة (بمعنى وتيرة الشيخوخة).
وذلك عبر متابعة قياس 18 مؤشرا حيويا، مثل: ضغط الدم، عدد خلايا الدم البيضاء، وظائف الكبد والكلى، معدل الدهون وانتظام سكر الدم، كتلة العضلات، ليكتشفوا أنه يمكن تحديد الأشخاص الذين سيشيخون أسرع أو أبطأ عبر دمج نتائج هذه المؤشرات الحيوية (تقوم بتحديد «العمر البيولوجي»).
وبشكل عام، وجد الباحثون أن أعراض الشيخوخة تبدأ بشكل خفي خلال سنوات الثلاثين، ما يدل على أن هذه السنوات تعتبر المفتاح المفصلي في تحديد سرعة شيخوخة الجسم مستقبلاً. ورغم أن غالبية المتطوعين كانوا يتقدمون في العمر فسيولوجياً سنة واحدة مع مرور كل سنة، إلا أن البعض كانوا يشيخون سريعاً وبواقع 3-2 سنة بيولوجية في كل سنة فعلية.
وقد كانت وتيرة تقدم عمر 3 من المتطوعين أقل من الصفر، ما يعني أنهم بدؤوا يصبحون أصغر سناً بيولوجياً منذ سنوات الثلاثينيات.
وعلق رئيس فريق البحث البروفيسور ريتشي بولتون قائلاً: «الأكبر سناً من الناحية البيولوجية هم الذين تقدموا في السن بوتيرة أسرع من مرور الوقت الفعلي.
والسبب الأساسي لهذا الأمر هو بدء تدهور نتائج قياساتهم الحيوية، ما ساهم في انخفاض قدرتهم الجسدية وظهور علامات الشيخوخة الدماغية والجلدية وظهورهم بشكل أكبر سناً».
خلطة من العوامل الداخلية والخارجية من جانب آخر، بينت د. غنيمة العمر، استشارية الأمراض الجلدية وتجميل الجلد بالليزر أن المظهر الخارجي وظهور أعراض تقدم العمر (أو شيخوخة الجلد) يعتمد على عدة عوامل، وشرحت قائلة: «يمكن القول إن ما يؤثر على المظهر الخارجي وما يحدد سرعة شيخوخة الجلد هو (خلطة) ما بين العوامل الداخلية والخارجية. من أهمها: -
العوامل الجينية الوراثية.
- الظهور المبكر للشعر الأبيض (الشيب).
- التعرض المفرط لأشعة الشمس والخضوع لجلسات التسمير (التان) في عمر صغير.
- لون البشرة: يعرف بأن البشرة الداكنة (السمراء) لا تشيخ بذات سرعة البشرة البيضاء. فالتجاعيد تظهر متأخراً على أصحاب البشرة السمراء كما تتمتع بشرتهم بطبيعة ومظهر أصغر سناً. فارتفاع تركيز صبغة الميلانين في البشرة السمراء يزيد وقاية وحماية مكونات البشرة (بخاصة الكولاجين وحمض الهايلورنيك) من تأثيرات أشعة الشمس السلبية.
- ارتفاع وعي الفتيات بأهمية العناية بالبشرة ووضع كريم الوقاية من الشمس. فمن الجيد أن يبدأ روتين ترطيب ورعاية البشرة في سن صغيرة (من فترة المراهقة).
- التدخل المبكر عبر بعض الأجهزة والتدخلات التجميلية غير الجراحية مثل الحقن يساهم في تأخير ظهور التجاعيد.
ولكن يجب استخدامها في سن معينة وتحت إشراف طبي وبالطريقة الصحيحة. - لأسلوب الحياة تأثير كبير على المظهر الخارجي.
فهناك عدة عوامل يمكنها أن تؤثر سلباً وتسرع ظهور علامات تقدم العمر، من أهمها:
عدم ممارسة الرياضة، ارتفاع معدل التوتر والقلق، نظام العمل (نوبات العمل الليلية)، مشاكل النوم، التدخين، الجفاف والاكثار من شرب المنبهات.
الحفاظ على الشباب أمر منطقي بحسب التعريف العالمي، إن مرحلة الشيخوخة تبدأ مع وصول الشخص إلى عمر 65 سنة، واعتبارها المرحلة النهائية في قطار العمر أمرا لا يدعو الى الفرح والاحتفال كشأن مرحلة الشباب مثلاً.
لذا، يتوقع الكثير أن الابتسامة والضحك والإيجابية أمور غريبة على كبار السن، ومن يقم بها خلال هذه المرحلة سيبدو أصغر سناً أوتوماتيكياً.
بناء على هذا الوصف، فمن الطبيعي أن يقوم الإنسان بكل ما يلزم لتأخير الوصول إلى مرحلة الشيخوخة.
وبحسب نادية عبدالله نعيم، مدربة الحياة، فإن العمر مجرد رقم، والأهم هو ما يشعر به الشخص من صحة نفسية وبدنية واعتزازه بنفسه. لأن ذلك سينعكس على مظهره الخارجي.
وشرحت قائلة: «نعلم أن عمر البشر ينحصر في عدد سنوات معينة مثل سبعين أو ثمانين أو 100 سنة على أكبر حد. لذا، فتقسيم العمر إلى مراحل مثل الطفولة والمراهقة والشباب ثم الشيخوخة هو طريقة للتذكير بأننا نتقدم في طريق العمر.
ورغم أن الغالبية تتقبل هذا الواقع، فإن البعض لا يخاف منه ويشعر بأن عليه القيام بكل ما يلزم للتمسك بالشباب.
من هنا يأتي الشعور بالفرح إن أشار لنا شخص بأننا نبدو أصغر سناً، وكأن ذلك دليل على أننا أطول عمراً وأكثر صحة».
مبرر طبيعي من الطبيعي أن يحاول الشخص أن يبدو أصغر سناً. فيحرص على اتباع عادات تحافظ على صحته ونفسيته واختياره لأسلوب حياة وتغذية صحية. ويضاف إلى ذلك اهتمام المرأة بشكلها الخارجي واستعانتها بالعلاجات التجميلية لإزالة التجاعيد وأعراض التقدم في العمر، بينما يهتم الرجل في الحفاظ على قوته الجسدية وإخفاء الشعر الأبيض.
كل ذلك بهدف التمتع بمظهر جميل وشاب لأطول فترة من العمر.
ولكن لا بد من أن يرافقها الاهتمام بالصحة النفسية، والشعور بالإيجابية والاتزان والتصالح مع النفس. وهذه سلوكيات طبيعية ومنطقية، دافعها هو الحفاظ على الجسد السليم والعقل السليم لأطول فترة ممكنة في حياته.
وهناك رغبة لدى الإنسان أن يكون دائماً أصغر ويتمتع بشبابه، وهو ليس هوسا أو عيبا بل أمر طبيعي، ولكن السلبية في هذا الامر المبالغة في التجميل والاهتمام بالصحة إلى حد أن يصبح ذلك هاجساً وسلوكاً مسيطراً على أسلوب حياة. صحة
عن القبس
تعليقات
إرسال تعليق