يسعى غالبية الأشخاص لتجنب الصمت. وللقيام بهذا الأمر، فإنهم يحاولون الابتعاد عن الأماكن التي يكونون فيها بمفردهم أو يحاولون إيجاد مصدر للصوت في معظم فترات اليوم، الأمر الذي يصعب استماع المرء لنفسه ويجعل إمكانية الحصول على الهدوء الداخلي مع النفس من المستحيلات.
وحتى عندما تمر لحظات من الهدوء خلال تحاور المرء مع غيره، فإنه يسعى جاهدا لتغطية تلك اللحظات كونها تشعره بنوع من الارتباك المزعج بالنسبة له، حسبما ذكر موقع "OMTimes".
يسعى المرء لتجنب الصمت والانخراط في الحديث في شتى المواضيع وذلك لـ:
- تجنب تعرف المرء على ذاته بشكل كامل ومتعمق.
- الهروب من شيء داخلي تصعب مواجهته.
- السيطرة على مشاعر عدم الراحة والانزعاج التي تمر به.
- تقليل الشعور بالعزلة والإحساس بالترابط من الآخرين.
- محاولة أن يبدو خدوما بالنسبة لجميع من يقابلهم.
- محاولة التعرف على أشخاص جدد بما يخدمه مهنيا.
لكن الذي يجب على المرء معرفته هو أن تجنب الصمت سيفقده القدرة على التعرف على نفسه وإدراك قدراته واحتياجاته. فالسماح بمعايشة الصمت لفترات معينة يعد من الطرق الفعالة للتعرف على نفسك وإدراك تلك الجوانب الخفية بالنسبة لك والتي لم ترها من قبل لديك.
كما وأن الصمت يساعدك على التفكر بخلق الله والنعم التي أمدك بها لتدرك كرمه وجوده عليك، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على شخصيتك لو واظبت عليه وسيشعر من هم حولك بالتغير الإيجابي الذي تمر به شخصيتك.
ومن الأمور التي يجب عليك إدراكها أن الصمت "الهادئ" ليس مجرد التوقف عن الكلام والابتعاد عن مصادر الصوت الخارجية، وإنما يمكننا تعريف الصمت بأنه الحصول على الهدوء الداخلي والخارجي في الوقت نفسه. في لحظات الصمت يمكنك التعرف على أفكارك بتمعن أكثر وستمنح نفسك الفرصة لتعديل السلبي منها وتطوير الإيجابي.
من المعلوم أن كثرة التفكير والحديث بشتى المواضيع مع الآخرين يتطلب بذل المرء الكثير من الجهد والطاقة، الأمر الذي يؤدي في النهاية للشعور بالإرهاق الذي قد لا يقل عن الإرهاق الناتج عن ممارسة الجهد البدني. لذا لو تمكنت من كبح أفكارك اللانهائية إلى جانب كبح الرغبة بالحديث المتواصل مع الآخرين، فإنك ستعمل على الحفاظ على طاقتك واستخدامها في الوقت الذي تحتاجها فيه فعلا.
في حال تمكن المرء من العيش في عزلة يومية لبعض الوقت، سيجد بأنه أصبح أكثر قدرة على التفكير والتعامل مع مصاعب الحياة التي يمر بها. هذه القدرة لا يمكنه الحصول عليها إلا في حال تمكن من الوصول إلى مرحلة من الحب والانسجام والرضا تجاه نفسه بحيث يمكنه كسر العوائق التي كانت تحول بينه وبين التعرف على نفسه بشكل كامل رغم أن عدم معرفة المرء لنفسه بشكل صحيح سيمنعه من التعرف على أي شخص آخر وبالتالي سيفشل في علاقاته على اختلاف أنواعها.
فضلا عما سبق، فإن تعرفك على ذاتك من خلال أوقات الصمت "الهادئ" الذي يحقق الانسجام الداخلي والخارجي سيمنح من حولك مثالا جيدا يحتذى به وسيصبحون أكثر قربا ورغبة في التواصل معك.
تعليقات
إرسال تعليق