يتعرض الطفل المريض لأشكال مختلفة من الصعوبات والضغوطات التي تؤثر على مجرى حياته وتقيد نشاطاته الاعتيادية، ويلقي المرض عليه ظلاً ثقيلاً من العزلة والوحدة، والانفعال والغضب السريع، والتعلق الزائد بالأم.
وأول ما يلزم الطفل المريض هو مساندة أقرب الناس إليه، وهم أفراد أسرته، الذين اعتاد رؤيتهم والعيش بينهم, وحتى تتمكن الأسرة من دعم طفلها والوقوف إلى جانبه وتقديم أفضل خدمة له, لا بد من توفر قدر من الحب والعطف والحنان أكثر مما يحتاج إليه في الأحوال العادية, لأن الطفل يكون في فترة المرض أكثر حساسية منه في حال الصحة.
والمرض تجربة نفسية مزعجة جداً للأطفال, فبعده عن المدرسة يعني افتقاده لأصدقائه، وابتعاده عن دروسه وتأخره عن زملائه في التحصيل الدراسي.
يقول مستشار الطب النفسي د.فوزي عبابنة "إن الطفل الذي يمرض بأي مرض مهما كان نوعه سواء مرضا نفسيا أو جسديا هو كسائر الناس لابد أن تتوفر له معاملة تخفف عنه أعباء هذا المرض الذي يعاني منه، خاصة وأن معظم الأمراض تدخل فيها الرعاية النفسية".
ويفضل د.عبابنة أن يكون التعامل والعلاج النفسي متداخلا مع العلاج الجسدي، وعدم تضخيم حالته المرضية أمامه,لافتا إلى أهمية أن نشرح للطفل المريض أنه يعاني من شيء محدد كي يستطيع أن يحافظ على علاجه وألا يجهد نفسه, وكي يقوم ببعض الاجراءات التي تتلاءم مع حالته الصحية.
ويؤكد د.عبابنة أن إهمال الأهل, أو عدم إخبار الطفل بحالته المرضية قد تكون عائقا للمعالجة مما يجر عليه مضاعفات حسب نوعية المرض وطبيعته, منوها إلى انه يجب عدم المبالغة في شرح حالة الطفل له لكي لا يعاني من صدمة نفسية ويعتقد أن حالته غير قابلة للشفاء.
تحذير
ويحذر د.عبابنة الاهل من التدليل الزائد لابنهم عندما يمرض لكي لا يستغل هذه المعامله المبالغ فيها، سواء من حيث الحنان والعطف أو من حيث المبالغة في الرعاية والاهتمام, أو من حيث المصروف والهدايا لكي لا يوهم أهله أنه مريض للحصول على الدعم والهدايا.
وبذلك علينا أن نعرف حالة الطفل بدقة واستشارة الطبيب، وعدم إهماله, مهما كانت الحالة فقد تؤدي إلى سلبيات حتى لو كانت مجرد شكوى بسيطة, ويجب التقيد بتعاليم الطبيب حرفيا وإكمال العلاج حسب الأصول وألا يتوقف العلاج إلا بأمر الطبيب.
ويزيد د.عبابنة:"لا بد من اتخاذ اجراءات وقائية واحتياطية مع بدء أعراض المرض عند الطفل ويجب الاهتمام به بتوازن ومتابعته ومراقبته وإعطاؤه العلاج حسب التعليمات الطبية الصحيحة دون أن نشغله بالاهتمام الزائد، لكي لا يستغله .
ويختتم د.عبابنة: أن المريض دائما وأبدا بحاجة لمن يراقبه عن بعد دون أن يشعر بذلك, وأحيانا من الممكن أن توجه للطفل بعض الأسئلة لمعرفة مجريات حالته لنقلها إلى الطبيب, لأن الطفل المريض غالبا لا يستطيع التعبير عن مرضه, وبذلك على الأهل أن يكونوا قد تعرفوا بدقة على تفاصيل الأعراض لكي يكون الطبيب المعالج على بينة وتكون المعالجة ناجحة.
شخصية نكدة
بينما ترى اختصاصية التربية وعلم النفس سهى أبو أسعد أن على الأم ألا تظهر الانزعاج وألا تؤنب طفلها وتقسو عليه, بل عليها إعطاؤه مزيداً من الحب والثقة والتشجيع, خاصة أن سلوكه أثناء مرضه قد يصبح مشابها لسلوكه عندما كان أصغر سناً, فإذا كان قد انقطع عن مص أصابعه فقد يرجع إلى مصها وهو مريض, ويجب أن تعتبر هذه الأمور شيئاً طبيعياً يتوقع حدوثها.
وتضيف أبو أسعد أن الطفل الذي ترتفع حرارته مثلا يشعر بأنه متعب, لكنه يريد أن يلعب كطفل سليم مثل باقي أصدقائه، يلعب ويركض، ويذهب إلى المدرسة، ويأكل الحلوى، وهو يكره الإبرة، ولا يحب الطبيب، ولا يطيق المكوث في مكان واحد, مشيرة أن على الأم مراعاة ذلك, خاصة أنه قد يصبح شخصية نكدة إلى ان تزول أعراض المرض ويشفى.
وتضيف أبو أسعد: إعطاء الطفل الحنان مهم جدا للشفاء, فمعنوياته تتحسن, لكن يجب الانتباه الى عدم المبالغة في ذلك, حتى لا يتمارض الطفل في المرات القادمة ليحصل على الدعم من الجميع, وعلى الأم إعطاء ابنها الدواء في وقته وتدعيم ذلك بالعصائر الطبيعية, وعدم اعطائه"الشوكلاته والشيبس", اذا طلب ذلك لأنه سيفقد شهيته امام الطعام المفيد.
تعليقات
إرسال تعليق