"ما تقوم به أدمغتنا هو توليد توقعات مستمرة حول العالم من حولنا وإرسالها لأنظمتنا الحسية من أجل تحليلها وتفسيرها بناء على توقعاتنا الخاصة، ومن هنا يتغير كل شيء".
هكذا قدم اختصاصي علم الدماغ وباحث الأعصاب الإدراكي في جامعة جنيفا د.الكنسد بوغيت آلية عمل الدماغ وتفسيراته التي تختلف عن المحيط باستراتيجية ذكية، فمثلا حين يكون الفرد ماشيا أو مارا في أحد الأحياء، وشخص آخر يمشي باتجاهه، فإن الدماغ يقوم بالحساب والتفكير بمن يمكن أن يكون هذا الفرد، بحيث يتهيأ له أنه شخص قريب منه وليس ببعيد. وفي أغلب الأوقات سيكون محقا؛ وهو أمر غير بديهي، ولكنه استراتيجية ذكية، بحسب بوغيت، لأن الفرد يظن أنه بمجرد النظر لوجه الشخص القادم سيعرف من هو ويحدد هويته، ولكن في الحقيقة أن الدماغ يتنبأ باحتمالية هوية الشخص القادم، ومن الأرجح أنه يقوم بها رياضيا. ومن هنا فإن للدماغ تأثيرا على توقعاتنا من خلال خداعنا بصريا، وفق ما جاء في موقع http://news.discovery.com/، والتي تنطبق على أمور مختلفة داخل الجسم منها:
- عدم فقدان الوزن، في الأصل أن يكون فقدان الوزن الزائد معادلة سهلة؛ السعرات الحرارية التتي تدخل تخرج. ولكن أدمغتنا تشوش الأمور، وفق اختصاصية التغذية والمؤلفة ساندرا امودت المتحدثه في برنامج تيد توك.
فالجسم له نقطة محددة، يتحكم بها الدماغ، بحيث يعمل الجسم بجد من أجل الإبقاء في نفس المدى من خلال رسائل كيميائية، ترسل من الغدة تحت المهاد، التي تساعد في تنظيم الجوع ونشاط الجسم وحركته الأيضية. وأي محاولة لتغيير هذه النقطة من خلال اتباع ريجيم وحمية، بحسب امودت، فإن الفرد سيفشل. ومن أجل التحايل على الدماغ تنصح امودت باتباع طرق صحية، عبر نظام غذائي يتوافق وموازينه الخاصة، ويمكن تحقيقها بنجاح من خلال تناول طعام صحي في أي وقت يشعر به الفرد بالجوع، بدلا من اختيار أطعمة دهنية دسمة. وربما لن ينجح هذا في حال كان الفرد يحاول تقليل مقاسه، لكن من البديهي أن العقل يتقبلها فيقل الوزن، لأنها صحية أكثر.
-ذكريات كاذبة، غالبا ما نفكر بالذكريات على أنها أشبه بأشرطة الفيديو الوقائعية، لكن بعض يرون أن كل مرة ندخل بها للذاكرة يمكن ان تخضه للتشويه .
فحين تعيد سرد ذكرى معينة فإن هذه الحادثة او الموقف يتحول لمادة بلاسيتكية ومهما كان متواجد في محيطك في الحاضر فإنه يتدخل في المحتوى الأصلي للذكرى ن وفق اوليفر هاردت الباحث المعرفي وخبير الانظمة العصبية من مركز جامعة ادنبرة.وهذا يفسر سبب تبرئة نحو 200 مدان من بعض التهم بعد إصدار أدلة الحمض النووي بعد شهادات عيان حبستهم لفترة.
- متلازمة الأذن الموسيقية، بعد رحلة طيران طويلة التفتت إحداهن لزوجها وقالت له "كانت الموسيقى جميلة التي وضعوها على متن الطائرة خلال الرحلة"، ولكن الزوج أجابها نافيا ومؤكدا بعدم وجود أية موسيقى، لكنها لم تصدقه وفي رحلة العودة أكدت له أنها سمعت اللحن نفسه، ولم تقتنع بعدم وجود أي صوت موسيقي حتى وضع لها الزوج سماعات الأذن لتدرك أن كل شيء كان فقط بمخيلتها.
نيل بومان؛ مدير مركز الشفاء يسمي هذه الحالة بمتلازمة الأذن الموسيقية، والتي وثق لها أكثر من 1500 حالة. ويوضح الأمر بمايلي: أن الدماغ مثل نظام الطرق الخارجية، حيث السيارات تلتزم المسرب الأيمن، ولكن أحيانا يتسلل واحد في المنتصف. وفي حال قامت "سيارة" أو الصوت من الذاكرة في وضع نفسه على هذا الطريق، فإن الدماغ سيتصور أنه يأتي من الأذنين أي من مصدر خارجي، وحينها يقوم الدماغ بالتعامل معه على أنه صوت حقيقي. وغالبا بحسب بومان ما يتم إساءة تشخيص الحالة من بعض الأطباء، إذ يظنون أن صاحب هذه الحالة يعاني من الجنون، لكن قلة من الأطباء الذين يعلمون عن هذه المتلازمة النادرة، ويحولهم لاختصاصي نفسي ولا يتلقون العلاج الصحيح.
- الهلاوس البصرية، أو متلازمة شال بونيه، والتي تساوي متلازمة الأذن الموسيقية، بحسب بومان، حيث أن التهيئات البصرية وهلاوسها الأكثر شيوعا بين الناس في بداية فقدان البصر. ويفسر بومان هذا الأمر بأن الدماغ متعطش للرؤية والبصر، حيث يقول الناس في حينها أنهم يرون مزرعة على الجدار على سبيل المثال، أو تواجد عدة أشكال وأنماط مختلفة. وهي أمر مخيف بالنسبة للبعض كما في متلازمة الأذن الموسيقية؛ حيث يظن الناس أنها علامات من علامات الجنون أو مشكلة صحية، ولكن في الحقيقة أن الدماغ يسد الثغرات الناجمة عن فقدان وتراجع البصر مع الرؤى المخزنة داخله.
إسراء الردايدة
تعليقات
إرسال تعليق