"جلد الذات" مصطلح نفسي يحمل معنى معنويا وآخر ماديا، المعنى المعنوى هو المبالغة فى انتقاد الشخص لذاته ولومه لنفسه وتأنيبه لها لارتكابه سلوكيات خاطئة، أما المعنى المادى فهو إلحاق الأذى بنفسه متعمدًا رغبة فى الشعور باللذة والمتعة.
جلد الذات سلوك سلبي غالبًا ما ينتاب الشخص عندما يصاب بالإحباط فيتصدر الفشل الواجهة بينما تتوارى النجاحات التى غالبًا ما تكون صورتها باهتة وضعيفة وغير واضحة فى ذهنه، هو شعور سلبي ينتج عن رغبة الشخص اللاشعورية بالتغلب على الفشل بالهروب منه بدلاً من مواجهته لعجزه عن إدراك مواطن ضعفه وقوته، وعدم معرفته بمواطن ضعف وقوة التحديات التى يواجهها بل وأحيانًا ما يعطيها حجم وقوة أكبر مما هى عليه بالفعل.
جلد الذات ينتاب الشخص الذى يتوقع تحقيق النجاح والوصول إلى هدفه فى وقت قصير، ولا يضع فى اعتباره أنه يحتاج لجهد ووقت وتخطيط ليصبح حلمه حقيقة فهو يعيش فى الوهم والخيال بعيدًا عن الواقع، وقد أثبتت الدراسات أن الشعور بالألم النفسي والجسدى بصورة طفيفة يؤدى لتحسين قدرات الفرد ويؤثر على أدائه بصورة إيجابية لأنه يحفز هرمون الأدرينالين، إلا أنه إذا استمر سيؤثر بشكل سلبى على الشخص وقد يدفعه لتصرفات خارجة عن إرادته ومنافية لقيمه ومبادئه وأخلاقياته.
آثاره النفسية تظهر على الفرد والمجتمع فى عدة صور مثل عدم القدرة على مواجهة الأزمات، وضعف التواصل الاجتماعى، وفقدان الأمل فى المستقبل، والشعور الدائم بالأرق والقلق والتوتر، وعدم القدرة على التركيز، والكوابيس والشعور بالكآبة.
أي مرض نفسى لا بد من احتوائه من المحيطين بالمريض سواء الأهل أوالأصدقاء المقربين حتى يؤتى نتيجة، لكن لابد للشخص نفسه أن يكون لديه الاستعداد والرغبة فى الشفاء، فكل إنسان عليه أن يتحلى بالصدق مع نفسه، ومحاسبة النفس ونقدها بدلاً من جلدها حتى يتعرف على مواطن التقصير والخطأ فيتمكن من معالجتها، فجلد الذات هو الاستمرار فى تعذيبها وإيذائها دون معالجة الأسباب، التحلى بالصبر فى علاج أى مشكلة، التعلم من الأخطاء، تطوير القدرات ومحاولة إيجاد البدائل، التوازن والحفاظ على الذات بإكرامها وعدم إهانتها أو جلدها. هناك شخص يخطئ ولا يبالى، وآخر يخشى من الخطأ وإن أخطأ يجلد نفسه ويؤنبها، التوازن هو أفضل شىء وعلينا محاولة تجنب الخطأ وإذا وقع لا نلوم أنفسنا ونؤنبها بشكل مبالغ فيه بل نحاول أن نتعلم منه ولا نكرره، يكفى أن نعلم أن كل من حقق مكانة عالية لم تخلو حياته من الأخطاء المهم أن تكون أخطاء يمكن إصلاحها.
علينا أن ندرب أنفسنا على نقد الذات وليس جلدها، فالنقد شعور إيجابي يتيح لنا أكتشاف مواطن الضعف والقوة بموضوعية، فنجيد قراءة أنفسنا ولا نخشى من مواجهة التحديات، نستفيد من أخطائنا، نتمكن من الوصول لأهدافنا من خلال التخطيط الجيد والنظرة الموضوعية، الشعور الإيجابى لنقد الذات ينبع من الرغبة الحقيقية قى النجاح والثقة بقدرتنا على الوصول لأهدافنا.
اليوم السابع
تعليقات
إرسال تعليق