بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني كانت له شخصية متفردة أو "كاريزما". ونفس الشيء ينطبق على جون كينيدي الرئيس الاميركي الذي أغتيل قبل أربعة عقود. ولكن معظم الزعماء السياسيين وأساطين الصناعة يفتقرون جملة وتفصيلا إلى هذه السمة الشخصية المتفردة.
وكلمة "كاريزما" ترجع أصولها إلى اللغة اليونانية القديمة. وتشير المعاجم ودوائر المعارف في تعريفها لهذه الكلمة على أنها "إلهام أو موهبة إلهية".
غير أن علماء النفس المعاصرين الذين يعملون في مجال التدريب يعتقدون أن هذه الصفة يمكن تعلمها واكتسابها.
ويقول وولف لاساكو الذي يدير مؤسسة للتدريب في ألمانيا "إن بعض الناس يعتقدون بأنه من عدم اللياقة العمل في تدريب الشخص على اكتساب الكاريزما. فإما أن تكون لديك هذه الموهبة وإما أنك لن تتعلمها أو تكتسبها".ويضيف قائلا "ولكن هذا ليس صحيحا لان الكاريزما تعتمد على القناعة الشخصية من الداخل".
ويتفق نيكولاوس انكلمان مدرب الدوافع الذاتية المشهور في ألمانيا مع هذا الرأي ويقول: "الزعم بأن الكاريزما موهبة من الله هي مجرد أكذوبة لاحباط الآخرين".
أما مايكل ريتر الذي ينظم دورات للتدريب على اكتساب المهارات الشخصية في ألمانيا وفي جزيرة باتموس اليونانية فإنه يعتقد بأن اتخاذ وضع الاسترخاء وانتظام دقات القلب هما أساس اكتساب الكاريزما.
ويضيف ريتر "في التدريب يمكن البدء بالنفس ولكن هذا المدخل يحتاج لوقت أطول. وإذا كنت مدربا وبدأت بوضع الجسد في مركز اهتمامك فسيكون هناك تأثير متبادل على المستوى النفسي".
ويصف انكلمان الكاريزما على أنها فن "تحقيق الشخص لاهدافه بوسائل لطيفة". وهذا يعني دفع الآخرين لاتباعك ليس بوسائل الضغط ولكن عن طريق قوة جاذبية الشخص نفسه".
فأي إنسان تشع منه العصبية عن طريق اتخاذ المواقف أو النظر أو الصوت هو النقيض للشخصية الكاريزمية أو الجذابة. ويقول انكلمان أن النظر الحاد بالعين والصوت المرتفع من الامور التي تضيع الشخصية ولكن المدربين يعتقدون أن مجرد القضاء على هذه الصفات ليس هو العلاج الناجع.
وينبه لاسكو إلى أن مجرد تقليد الآخرين ليس هو الطريق الصحيح. فمن يتسمون بالكاريزمية يميلون إلى سحر الآخرين، لانهم يعرفون متى وكيف يعدلون قواعد الوفاق الاجتماعي. أما من يسعى إلى كسب هذه المهارة يجب عليهم قبل كل شيء أن يروا أنفسهم مستقلين ويؤكدون على التحكم في انفعالاتهم.
ويقول لاسكو "إن كثيرين يرجعون فشلهم إلى العالم الشرير من حولهم أو إلى رئيس لا يحبهم ويرتاح إليهم أو إلى الوضع الاقتصادي. وباتخاذه مثل هذا النوع من المواقف يكون الشخص هو عدو نفسه".
والنقطة الاساسية هو أن تكرس جهدك تماما لانجاز عملك أو أن تكون عندك القدرة على التغيير حيث يقول لاسكو أن "الناس يلحظون بسرعة إن لم يكن قلبك وعقلك في العمل".
والكاريزما تستطيع أن تعلن عن نفسها فقط إذا كان الشخص المعني لديه شخصية قوية ويفهم جيدا المجال الذي اختار العمل فيه. وفي هذه الحالة يمكن العمل على نقاط القوة لتدعيمها وتطويرها.
وتطلب ريجينا فورست، مدربة المهارات الشخصية، من المتدربين لديها وضع قائمتين تحتوي الاولى الجوانب الايجابية في شخصيتهم فيما تتناول الاخرى الجوانب السلبية. وعادة ما تكون القائمة الثانية هي الاطول.
وتطلب فورست بعد ذلك من المشاركين الآخرين التأكيد على الجوانب الايجابية التي لم يشر إليها زملاؤهم المتدربون. فإذا كان هناك من لا يستطيع رؤية الجانب الجيد في شخصيته فإن آخرين سوف ينبهونه إلى ذلك. وبمجرد معرفة الشخص لقدراته الشخصية فانه غالبا ما يصاب بالدهشة ويبدأ بالاعجاب بنفسه.
والذين لم يلحظوا في الماضي قدراتهم يتعلمون تقدير أنفسهم ويكتسبون القدرة على قهر الجوانب السلبية في شخصياتهم.
تعليقات
إرسال تعليق