قد يبدو تكديس الحاجيات أمرا طبيعيا لدى عديدين، إلا أنه إن زاد الأمر على حدوده الطبيعية فهو يلتحق بالوسواس القهري ويسمى عندئذ بالتكديس القهري أو بمتلازمة التكديس القهري "compulsive hoarding syndrome".
وتعرف هذه المتلازمة بأنها الجمع المفرط للحاجيات مع عدم القدرة على التخلص منها، ما يؤدي إلى تضييق مكان العيش على الشخص وعائلته مع ترك طرق ضيقة متفرقة بين ركام الحاجيات، وفضلا عن جمع الحاجيات، فقد يقوم المصاب بجمع أعداد كبيرة من الحيوانات تفوق قدرته على العناية بها، ما يؤدي إلى أن تعيش هذه الحيوانات حياة غير صحية، ويذكر أن مصابي هذه المتلازمة ربما لا يكونون مصابين بأعراض أخرى للوسواس القهري.
وقد بين موقع www.mayoclinic.com، والذي أوضح ما سبق، أن ما يجعل أمر علاج هذه المتلازمة صعبا هو عدم اقتناع المصابين بأن ما يقومون به من سلوكات ناجمة عن مرض، إلا أن العلاج المكثف يساعدهم على فهم طبيعة مرضهم، ومن ثم علاجه والاستمتاع بحياة أكثر أمنا.
ويجدر التنويه هنا إلى أن التكديس يختلف عن التجميع؛ كتجميع الطوابع، على سبيل المثال، فالذين يقومون بالتجميع يبحثون عن أشياء معينة ويقومون بتنظيمها وعرضها بشكل أنيق، أما من يقومون بالتكديس، فهم يجمعون الحاجيات بشكل عشوائي، حيث تكون بيوتهم وما بها من أسطح؛ كأسطح المناضد والمكاتب، مليئة بالحاجيات، وذلك فضلا عن أماكن أخرى في المنزل؛ كالسلالم والمغاسل وغيرها، كما قد يصل الأمر إلى تكديس الحاجيات في المرآب والحديقة وحتى السيارة في حال زيادة الحاجيات على سعة المنزل. وتتضمن الحاجيات التي يجمعها المصابون أكوام الصحف والمجلات والبريد الذي لا حاجة له، فضلا عن جمع المناديل الورقية من المطاعم وغير ذلك.
الأعراض
تؤثر متلازمة التكديس القهري على مشاعر المصاب وأفكاره وسلوكاته، ذلك بأن أعراضها وعلاماتها تتضمن صعوبة تنظيم الوقت واتخاذ القرارات، بالإضافة إلى التسويف والارتباط المفرط وغير الطبيعي بالممتلكات لدرجة الشعور بعدم الراحة إن استعارها أحد أو حتى مسها.
ويذكر أن مصابي هذه المتلازمة عادة ما يقومون بجمع الحاجيات لاعتقادهم بأنهم سيحتاجونها أو أنه ستصبح لها قيمة يوما ما، كما أن المصاب قد يقوم بتكديس حاجيات لها معنى نفسي بالنسبة له، أو كتذكير بلحظات سعيدة أو بأشخاص أعزاء. ويشار إلى أن المصابين يشعرون بالأمان وهم محاطون بتلك الحاجيات.
ومن الجدير بالذكر أن بعض المصابين يقومون بتكديس الحيوانات، فهم قد يجمعون العشرات أو المئات منها، ونظرا لكثرة عدد الحيوانات التي يجمعونها، فإنها عادة ما لا تحصل على الرعاية الكافية والمناسبة، وعادة ما يكون الأطباء البيطريون هم من يكتشفون إصابة مالك الحيوانات بالمتلازمة المذكورة، وذلك في حالات متعددة، من ضمنها قيام المالك بطلب علاج مجموعة كبيرة من الحيوانات، أو بتكرار طلب علاج حيوان أو أكثر.
الأسباب والعوامل المساعدة على الإصابة بمتلازمة التكديس القهري
لا تعرف الأسباب التي تؤدي إلى متلازمة التكديس القهري بشكل دقيق، إلا أنه قد بات من المعروف أنها قد تصيب أي شخص، وذلك بصرف النظر عن سنه وجنسه وحالته ومستوييه الاجتماعي والاقتصادي، إلا أن هناك عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بها، ومن ضمنها ما يلي:
- بداية سن المراهقة، فعادة ما تبدأ هذه المتلازمة في سن 13 أو 14 عاما. ويذكر أنها في بعض الأحيان تزداد سوءا مع الوقت إن لم تعالج، ويشار إلى أن هذه المتلازمة قد تصيب من هم أصغر سنا، حيث يقوم بجمع الألعاب المكسورة، على سبيل المثال.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بهذه المتلازمة، فهناك ارتباط قوي بين كون أحد أفراد العائلة مصابا بهذه المتلازمة وإصابة الشخص بها.
- التعرض لأحداث سيئة على الحالة النفسية، فبعض الأشخاص تنشأ لديهم هذه المتلازمة بعد تعرضهم لحدث وجدوا صعوبة في تخطيه أو حتى لم يستطيعوا ذلك، كموت شخص عزيز أو الطلاق أو فقدان ممتلكات في حادثة ما، كالحريق.
- الانعزال الاجتماعي، فعادة ما يكون مصابو هذه المتلازمة منعزلين اجتماعيا.
علاجها
ربما يكون من الصعب إقناع المصاب بحاجته للعلاج، وخصوصا إن كان لا يدرك ما لهذه المتلازمة من تأثيرات سلبية عليه، لاسيما إن كانت ممتلكاته من حاجيات أو حيوانات تجلب له الراحة.
ويشار إلى أن هناك أسلوبين علاجيين رئسيين لعلاج هذه المتلازمة؛ وهما العلاج النفسي والعلاج الدوائي، ويعد العلاج المعرفي السلوكي أكثر أشكال العلاج النفسي شيوعا لهذه المتلازمة، فهو يقوم بعدة أمور، من ضمنها تعليم المصاب ما يلي:
- اكتشاف السبب الذي يجعله يقوم بالتكديس.
- تنظيم وفرز ممتلكاته ليتعرف على ما يمكن التخلص منه.
- إزالة ركام الحاجيات التي يمكن التخلص منها، وذلك يتم خلال زيارات يقوم بها الاختصاصي المعالج.
- تحسين مهارات اتخاذ القرارات.
ويذكر أنه قد ينصح بإدخال المريض المستشفى إن كانت حالته شديدة، أما عن العلاج الدوائي، فمجموعة المثبطات الانتقائية لإعادة امتصاص السيروتونين، والتي تحتوي على الباروكسيتين، المعروف تجاريا بالباكسيل، تعد الأكثر استخداما في علاج هذه المتلازمة.
ليما علي عبد- صحيفة الغد
تعليقات
إرسال تعليق