القائمة الرئيسية

الصفحات




«زفتى» قرية أعلنت نفسها جمهورية منفصلة عن مصر، ومستقلة عن الإنكليز، تضامناً مع سعد زغلول.. ولم يظهر مناضلوها إلا بعد الإفراج عنه.


وراء إعلان استقلال جمهورية «زفتى»، أو زفتة كما يسميها بعض المصريين، أو «زفس» إلهة الجمال عند الرومان، قصة مشوقة وطريفة.

«زفتى» بلدة صغيرة تقع على ضفاف النيل في محافظة الغربية من مصر، تم إعلانها كأول جمهورية في الشرق، فقد أعلن استقلالها عن المملكة المصرية الواقعة تحت الاحتلال البريطاني في مارس أثناء ثورة 1919، فما قصة هذه الجمهورية؟ ولماذا أعلنت؟ وكيف قامت؟

عندما قام الإنكليز باعتقال سعد زغلول ونفيه ومجموعة من رفاقه إلى جزيرة سيشل، عقاباً لهم على قيادتهم لثورة 1919، أول ثورة شعبية في الشرق، انفجرت الجماهير في كل أنحاء مصر، مطالبة بإطلاق سراحهم، وكانت أيضاً أول ثورة تشترك فيها النساء بقيادة صفية زغلول.

إلا أن مجموعة من الشباب الجامعي والفلاحين والتجار، من بلدة صغيرة يقطنها بضعة آلاف تسمى «زفتى»، رأت القيام بعمل يساعد على الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، فاتفقوا على انفصال بلدتهم عن المملكة المصرية وإعلانها جمهورية مستقلة عن التاج البريطاني، كان ذلك في صباح يوم 18 مارس 1919. تجاوب مع إعلان الاستقلال جميع أهالي البلدة من فلاحين وأعيان وشباب، ووصل الأمر أن توسّل رجل من الخارجين على القانون، يقال له «سبع الليل» كان يقود عصابة تروّع البلدة وما جاورها من قرى للانضمام إليهم، فتم له ما أراد بعد أن أعلن توبته، لرغبته في قتال الإنكليز، فإن مات فسيصبح بطلاً، حتى أنه أوصى منشد البلدة بأن يتغنى ببطولاته لو قُتل على أيديهم. ذهب المحامي يوسف الجندي مع بعض الأهالي إلى ضابط النقطة في البلدة، وكان يدعى حمد أفندي، لإقناعه بالانضمام له، ولأنه رجل وطني انضم إليهم وفتح لهم «السلاح ليك» مخزن السلاح، والطريف أنه ولأول مرة يجتمع رجل الشرطة وزعيم العصابة على هدف واحد، وهو محاربة الغزاة.

في صباح ذلك اليوم كوّنوا مجلساً حاكماً برئاسة يوسف الجندي، وأعلنوا الاستقلال، وتم نشر الخبر في صحف القاهرة، كما قامت اللجنة المنظمة بإصدار جريدة يومية اسمها «جريدة جمهورية زفتى»، أما لجنة الأمن والحماية، فتولى الإشراف عليها الضابط الشاب حمد أفندي يعاونه المجرم السابق سبع الليل.

طبعاً الإنكليز لم يسكتوا عن هذا التمرّد، فقاموا بعدة محاولات لاقتحام جمهورية «زفتى»، وكان لسبع الليل بطولاته الخاصة به، فقام مع عصابته بقطع قضبان السكة الحديد حتى يمنع تدفق القوات البريطانية لجمهوريته الفتية.

ولخطورة الموقف في كل أنحاء مصر وانتشار الثورة في أرجائها، ولتهدئة الهيجان والثورة، أعلنت إنكلترا عزلها لمعتمدها على مصر، السير ونجت، وعيّنت بدلاً عنه الجنرال اللنبي.

احتل الإنكليز جمهورية «زفتى» في فجر يوم 29 مارس 1919، وبدأوا بالبحث عن رئيسها الشاب يوسف الجندي، إلا أن الأهالي كانوا قد هرَّبوه ورفاقه إلى عزبة سعد زغلول باشا، الواقعة في قرية مسجد وصيف، فقامت السيدة صفية زغلول، الملقبة بأم المصريين، بإخفائهم في أماكن مختلفة، حتى أُفرج عن سعد زغلول ورفاقه يوم 17 أبريل من عام 1919.
القبس
Reactions

تعليقات