القائمة الرئيسية

الصفحات

معنى وقصة المثل: "تحت الرغوة اللبن الصريح"


«تحت الرغوة اللبن الصريح» مثل عربي يقوله الفطن الذي لا يخدع بما بطن فليس كل ما تحت الرغوة لبن.


قصة المثل
كان عامر بن الظرب يدافع الناس في الحج، فرآه احد ملوك حمير، فغضب عليه، فقال: لن أدع هذا المعتدي حتى اذله وافسد عليه امره.

فلما رجع الملك الى دياره، ارسل الى عامر بأن «زرني حتى اقربك إلي وأكرمك»، فأتى قومه يستشيرهم، فقالوا له: فلنخرج معك حتى يرى جاهك وعزك بين قومك، فخرج الى الملك ومعه جمع منهم.

فلما وصل الى بلاد حمير، أصابه هاجس وشك، واحس بسوء ما صنع بنفسه وبقومه باستعجاله الذهاب الى الملك، فقال لأصحابه: ألا ترون ان الهوى يقظان، وان العقل نائم، وهو ايضا مثل هو اول من قاله، «فمن هناك يغلب الرأي الهوى، ومن لم يغلب الهوى بالرأي ندم، عجلت حين عجلتم، ولن اعود بعد ما اعجل برأي، لقد تورطنا في بلاد هذا الملك، فلا تسبقوني بريث امر اقيم عليه، ولا بعجلة رأي اخف منه، دعوني وحيلتي، فإن رأيي لي ولكم».

ثم انه قدم على الملك فأكرمه واصحابه، فقالوا لعامر: قد اكرمنا كما ترى وبعدها ما هو خير، فقال لهم: لا تعجلوا، فإن لكل عام طعاما، ولكل راع مرعى، ولكل مراح مريحا، و«إن تحت الرغوة اللبن الصريح»، وهو القول الذي ذهب مثلا.

ثم ان عامر بن الظرب مكث وقومه اياما، حتى بعث اليه الملك، وقال له: اني رأيت ان اجعلك الناظر في امور قومي، فقد ارتضيت عقلك، فتفرغ لما اريد، فقال له عامر متحايلا: «احسب ان رغبتك في قربي بلغت بي ان تخلع لي ملكك، وقد تفضلت اذ اذهلتني لهذه المهمة، ولي كنز علم لست اعمل الا به، تركته في الحي مدفونا، وان قومي لا يتخلون عني، فاكتب لي سجلا بجباية الطريق فيرى قومي طمعا تطيب انفسهم به عني، فأستخرج كنزي، وأرجع إليك».

خدع الملك بحيلة عامر، فكتب له سجلا بجباية الطريق، فجاء به الى اصحابه، وقال لهم: ارتحلوا، فلما ابتعدوا عن بلاد الملك، قالوا له: لم نر كاليوم وافد قوم ولا ابعد منالا منك، فقال لهم: مهلا، فإنه ليس على الرزق فوت، وغانم من نجا من الموت، والملك خوف، والسيف حيف، ومن لم ير باطنا يعش واهنا.

فــ «تحت الرغوة اللبن الصريح» مثل يقوله الفطن الذي لا يخدع بما بطن، فليس الكل يرى ما تحت الرغوة من لبن، فينجرف وراء معسول القول، وحلو الحديث، فعلى المرء ان يلم ببواطن الأمور، وان يأخذ الحيطة والحذر حتى يسلم فيسلم قومه.
Reactions

تعليقات