إن مجرد التفكير في فقدان ذاكرتنا وإحساسنا بالذات والهوية يبدو وكأنه كابوس، إلا أن الأمر كذلك بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من مرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى.
ولكن كيف يمكنك معرفة ما إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك تعاني من المراحل المبكرة من مرض ألزهايمر أو أن الأمر مجرد نسيان عادي؟
النسيان أمر شائع، خاصة مع تقدمنا في السن، فمن منا لم يكافح لتذكر اسم شخص ما؟ والدخول إلى غرفة لا يتذكر فيها ما دخل من أجله هو تجربة أخرى شائعة جداً. وعلى الرغم من كونها مربكة ومقلقة في بعض الأحيان، فإن هذه الهفوات في الذاكرة لا تدعو للقلق عادة.
تقول البروفيسورة هانا بوريانوفا، عالمة الأعصاب بجامعة بورنماوث ومستشارة العلامة التجارية البريطانية هيلثسبان: «تبدأ أدمغتنا في الشيخوخة من أوائل العشرينيات من العمر، وبمجرد توقفها عن التطور، تبدأ في التقدم في السن، مما يعني أنها تفقد الروابط بين الأجزاء المختلفة»، وفق صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وعندما يتقدم الدماغ في العمر بشكل مرضي، فإن الخلايا العصبية، التي تنقل الرسائل إلى أجزاء أخرى من الدماغ، تموت، وهذا الموت هو ما يحدث مع مرض ألزهايمر.
وتكشف البروفيسورة بوريانوفا في ما يلي عن علامات يجب ألا تتجاهلها أبداً:
1- النسيان أو الضياع في مكان تعرفه
من السمات المميزة لمرض ألزهايمر المبكر فقدان الذاكرة، ولكن كيف يمكنك معرفة ما إذا كان أحد أفراد أسرتك الأكبر سناً نصاباً أم لا؟
تقول البروفيسورة بوريانوفا: «نعلم من الأبحاث أن كبار السن، الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، سيفقدون بعض التفاصيل في ذاكرة السيرة الذاتية، لكن ذاكرتهم للحقائق والكلمات أفضل من الشباب».
وغالبًا ما يكون سبب النسيان المعتاد لكبار السن الأصحاء هو أنهم لا ينتبهون في المقام الأول.
ويشير العلماء إلى أن الفرق بين الدماغ الذي يتقدم في العمر بشكل صحي، والتنكس المرضي، هو الموت التدريجي للخلايا العصبية، وأن التغييرات ستحدث تدريجياً. ويحدث موت هذه الخلايا عادةً في أجزاء الدماغ المعنية بالذاكرة مثل القشرة الشوكية الداخلية والحصين.
وينسى المصاب المحادثات التي أجراها للتو، أو قد يضيع في مكان ما يعرفه جيدًا، أو ينسى طريق العودة إلى المنزل.
2- تكرار القصص بوقت قصير
نسمع في كثير من الأحيان أحباء لنا كبارا في السن يروون نفس القصص في أوقات متباعدة، لكن المصاب بمرض ألزهايمر سيكرر نفس المعلومات مرارًا وتكرارًا في فترة زمنية قصيرة.
قد نروي القصص عدة مرات، خاصة لشركائنا، وتقول البروفيسورة بوريانوفا: «قد يكون هناك تلميح يذكرنا، وهذا هو سبب استرجاعنا، لكن الشخص المصاب بمرض ألزهايمر يكرر شيئًا ثلاث مرات متتالية، إنه أحد أعراض فقدان الذاكرة على المدى القصير».
3- تغيرات مفاجئة في المزاج
إذا أصبح الشخص المقرب لديك فجأة قلقًا أو مكتئبًا، فقد يكون الأمر أكثر من أزمة منتصف العمر.
وتشمل العلامات المبكرة للخرف الجبهي الصدغي (FTD)، كالتي يعاني منها الممثل الأميركي بروس ويليس، تغيرات في الشخصية.
وتقول البروفيسورة بوريانوفا: «إنه أمر صعب للغاية حيث يصاب الناس بالاكتئاب والقلق».
وللتوضيح يشبه العلماء الدماغ بشبكة كبيرة يبدأ جزء منها بالانكسار، ثم تبدأ بقية الشبكة بالتمزق، اعتمادًا على المكان الذي تبدأ فيه هذه العملية، ستختلف الأعراض.
4- عدم القدرة على الكلام
إذا بدأ المتحدث الذي كان يتحدث بطلاقة في السابق فجأة في التعثر على كلماته، فاحذر. حيث يمكن أن يسبب الخرف الجبهي الصدغي FTD صعوبة في الكلام وفهم اللغة. تقول البروفيسورة بوريانوفا: «هناك منطقة في الفص الجبهي لها علاقة ببدء اللغة ربما تخبرهم بشيء وأنت تدرك أنهم لا يفهمون، أو يبدأون في التلعثم أثناء محاولتهم التحدث».
5- تغييرات في الشخصية
إذا بدأ كبير السن الهادئ في إلقاء النكات غير المفهومة على غير عادته، فقد يكون ذلك علامة على مرضه.
تقول البروفيسورة بوريانوفا: «اعتمادًا على نوع الخرف الذي تعاني منه، يمكن أن تتغير شخصيتك بمجرد أن تبدأ في التأثير على قشرة الفص الجبهي لديك».
ويمكن أن يكون هناك الكثير من الخوف أو الوسواس القهري، ويمكن أن تصبح مهووسًا للغاية.
نظرية جديدة: ألزهايمر مرتبط بالمناعة الذاتية
لسنوات، ركّز العلماء على محاولة علاج مرض ألزهايمر عن طريق منع تراكم كتل من البروتين على الدماغ، لكن مركز أبحاث كندي يقول إن هذا الجهد قد يكون من دون فائدة، ويحتاج إلى تغيير التركيز على التفسيرات التي تربط المرض بالدماغ.
وفي ورقة بحثية بموقع «ذي كونفرسايشن»، يقول دونالد ويفر، أستاذ الكيمياء ومدير معهد بحوث كرمبيل، وشبكة الصحة الجامعية بجامعة تورنتو، إن معهد كريمبيل للدماغ توصل إلى نظرية جديدة لمرض ألزهايمر.
واستناداً إلى السنوات الـ30 الماضية من البحث، بدأ المركز في النظر إلى ألزهايمر على أنه مرض لا يصيب الدماغ في المقام الأول، بل هو في الأساس اضطراب في الجهاز المناعي داخل الدماغ.
والجهاز المناعي الموجود في كل عضو في الجسم، هو مجموعة من الخلايا التي تعمل للمساعدة في إصلاح الإصابات.
ويقول الباحث إن العملية نفسها تحدث في الدماغ، فعندما يصاب شخص بصدمة في الرأس يبدأ الجهاز المناعي للدماغ في العمل للمساعدة على إصلاح ذلك.
بروتين «بيتا أميلويد»
وحتى الآن يعتقد العلماء أن ألزهايمر سببه تراكم بروتين يدعى «بيتا أميلويد»، الذي يُنتج بشكل غير طبيعي، لكن نظرية المركز الجديدة تقول إن البروتين يأتي بشكل طبيعي، وهو جزء من جهاز المناعة في الدماغ.
وعندما تحدث صدمة دماغية، أو عندما تكون البكتيريا موجودة في الدماغ، فإن بروتين «بيتا أميلويد» هو مساهم رئيسي في الاستجابة المناعية الشاملة للدماغ. وهنا تبدأ المشكلة، بحسب المركز.
ويفسّر الباحث أنه بسبب أوجه التشابه المذهلة بين جزيئات الدهون، التي تشكل أغشية البكتيريا وأغشية خلايا الدماغ، لا يستطيع «بيتا أميلويد» معرفة الفرق بين البكتيريا الغازية وخلايا الدماغ، ويهاجم عن طريق الخطأ خلايا الدماغ ذاتها التي من المفترض أن يحميها.
ويخلص الباحث إلى أن كل هذا يؤدي إلى فقدان مزمن وتدريجي لوظيفة خلايا الدماغ، والتي تبلغ ذروتها في نهاية المطاف بالإصابة بالخرف، وكل ذلك لأن جهاز المناعة في الجسم لا يستطيع التمييز بين البكتيريا وخلايا الدماغ.
تعليقات
إرسال تعليق