الاكثار من مسكنات الألم، كيف يؤثر على صحتك؟
مسكنات الألم هي نوع من العقاقير التي تستخدم بهدف ايقاف الألم، ورغم ان هناك أنواعا آمنة ومتوافرة على أرفف الصيدليات، فإن انواعا منها قوية المفعول ويتطلب صرفها وصفة طبية، ومنها مسكنات ألم تحتوي على مواد أفيونية تستخدم على المدى القصير لعلاج الآلام الشديدة، مثل تلك الناجمة عن الإصابة او الجراحة او السرطان او حتى آلام مزمنة. ورغم فائدة مفعولها، فإن وصفها يجب ان يخضع لإشراف طبي لتفادي الاصابة بإدمانها. من جانبه، شرح د. محمد الموسوي، استشاري أمراض الباطنية والسكر في مستشفى دار الشفاء قائلا «سهولة الحصول على هذه الأنواع من العقاقير هو سبب شيوع ادمانها عالميا. حيث بينت اخر الإحصائيات بأن ثلث الأميركيين لديهم هذا النوع من الادمان. والوضع المحلي قد يكون مشابها لذلك. فلا يغفل التنبيه الى ان سهولة الحصول على هذه الادوية في ظل عدم وجود رقابة (سواء رقابة امنية من وزارة الداخلية او رقابة طبية من وزارة الصحة) من أهم العوامل التي تسهل الحصول عليها وانتشار إدمانها». أنواعها تستخدم هذه العقاقير لتخفيف الألم او ايقافه من دون ان تسبب فقدان الوعي. وتختلف المسكنات باختلاف آلية عملها في الجسم، وتتوافر عدة انواع منها، من اهمها: 1- الأسيتامينوفين أو الباراسيتامول: من اكثرها استخداما لعلاج العديد من الآلام الخفيفة والمتوسطة. 2 - مضادات التهابية غير ستيرويدية: مثل الآيبوبروفين والاسبرين المفيدة لتخفيف الآلام الخفيفة والمتوسطة. وتعتبر من فئة العقاقير غير المسببة للادمان. 3 - المسكنات الافيونية: تتوافر منها عدة انواع تجارية وتستخدم لعلاج الألم المتوسط والشديد والمزمن. وتندرج هذه ضمن العقاقير التي تسمى (المؤثرات العقلية والمخدرات)، لذا فسوء استخدامها قد يؤدي الى الإدمان. وأضاف الموسوي موضحاً «تقسيم بعض العقاقير المسكنة للألم قد يكون مبهما احيانا، مما يعلل إدراج وزارة الصحة الكويتية الكثير من منتجاتها أخيرا ضمن فئة المؤثرات العقلية والمسببة للإدمان مثل عقار لاريكا. حيث ضمتها تحت قسم المؤثرات العقلية التي يستوجب صرفها الحصول على وصفة خاصة من الطبيب». الأكثر عرضة لهذا الإدمان 1- من يتناولون مسكنات الألم لفترات طويلة أو بشكل مزمن لأكثر من 6 أشهر. 2- غير المستقرين نفسياً ويعانون فرط القلق والتوتر أو نوبات الهلع أو الاكتئاب. 3- المصابون بأمراض ومتلازمات تسبب آلاما مبرحة، مثل المصابين بتكسر الدم المنجلي. فنوبات هذا المرض تسبب أحيانا آلاما شديدة تمتد الى كل الجسم وخاصة أسفل الظهر والحوض. 4- المصابون بالأمراض المزمنة مثل السكر (تحتل الكويت المرتبة الثالثة عالمياً من حيث نسبة الإصابة بأمراض السكر). فبسبب تقدّم مضاعفات السكر وتأثيره السلبي على صحة الأعصاب قد يعاني المرضى من آلام مبرحة في أسفل القدم والركب وأسفل الظهر. 5- المدمنون على أمور أخرى، مثل الخمور أو التدخين أو المخدرات. كما أن فئة كبيرة منهم تكون من المثقفين الذين يفضلون تناول المسكنات لاعتقادهم بأنها في نهاية المطاف أدوية طبية، وليست مثل إدمان الحشيش أو المخدرات أو المواد الممنوعة. كيف تكتشفها؟ يتطلب تشخيص إدمان هذه العقاقير وجود دلالات نفسية وسلوكية وفزيولوجية والخضوع للفحوصات الطبية. ولفت د. محمد الموسوي إلى أن من الدلالات السلوكية على هذا النوع من الإدمان هو تجميع المريض وتخزينه لكمية من هذه الأدوية عبر قصده المتكرر لعدد من العيادات الطبية المختلفة. وشرح قائلاً: «نجد المريض يقصد أكثر من طبيب حتى يطلب هذه العقاقير ويجمع كمية كبيرة منها، وذلك حتى يضمن بأنه لن يحرم منها في أي وقت. وبشكل عام، فالإدمان بكل أنواعه آفة، موجهاً رسالة إلى كل ولي أمر بأن يلاحظ أي تغيير على سلوك الأبناء أو الأهل حتى يكتشف وجود الإدمان في مرحلة مبكرة، حتى يمكن علاجها والتخلّص منها قبل أن يتغلغل ويسبب أضراراً صحية جمة». كيف تؤثر في الدماغ؟ أكد د. محمد الموسوي ضرر إدمان مسكنات الألم، وقال: «من أكثر الأمثلة الدالة على خطر إدمان مسكنات الألم هي وفاة المغني العالمي الشهير مايكل جاكسون نتيجة جرعة زائدة من مسكنات الألم. وفي حين يمكن وصف المواد الأفيونية بأنها واحدة من أكثر علاجات الألم فعالية، إلا أن سوء استخدامها أو استخدامها لفترات طويلة يصاحبه الإدمان ومجموعة من الآثار الضارة طويلة الأمد وبخاصة على الدماغ». واستعرض الموسوي أهم الآثار الطويلة الأمد لمسكنات الألم على الدماغ: 1 ــ تغيّر النواقل العصبية وآلية عمل الدماغ: مع مرور الوقت، سيتكيف الدماغ مع وجود المسكنات ويتوقف عن العمل بشكل طبيعي من تلقاء نفسه. 2 ــ تقليص حجم الدماغ: وجدت دراسة أن استخدام مسكنات الألم لمدة 30 يوماً يمكن أن يقلل حجم مادة الدماغ المسؤولة عن تنظيم العواطف والرغبة الشديدة والألم. ومع استمرار الإدمان يزداد هذا الفقد الدماغي ليؤدي إلى مجموعة من المشكلات الأخرى. 3 ــ الاكتئاب: دلت دراسات عدة إلى أن من يستخدمون المسكنات لمدة 180 يوماً على الأقل هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة %53 مقارنة بمن يستخدمون المسكنات لفترة زمنية أقصر. 4 ــ تدهور القدرات العقلية والخرف: ثبت أن استخدام المسكنات على المدى الطويل يدمّر خلايا الدماغ المرتبطة بالتعلم والذاكرة والإدراك، حيث وجدت دراسة أن استخدام المواد الأفيونية على المدى الطويل يقلل تدفق الدم إلى الدماغ، ويؤدي إلى فقدان الذاكرة على المدى القصير. كما وجدت دراسة أخرى أن الاستخدام الطويل الأمد للمواد الأفيونية يزيد من خطر الإصابة بالخرف والتدهور المعرفي. 5 ــ الإدمان: بينت دراسات عدة أن تناول المواد الأفيونية لأكثر من سبعة أيام يزيد خطر إدمان الفرد عليها بشكل كبير. والإدمان تعريفاً هو مرض دماغي مزمن يمكن أن يسبب عدداً من التغيرات العاطفية والسلوكية بسبب الطريقة التي تغيّر بها المواد المؤثرة وظائف وكيميائية للعقل. عوامل تساعد في إدمان المسكنات ◄ سهولة الحصول على هذه العقاقير ◄ بعضها لا يحتاج وصفة طبية ◄ تهاون في الرقابة الصحية والأمنية
تعليقات
إرسال تعليق