القائمة الرئيسية

الصفحات

الأمطار الغزيرة لدرجات الحرارة القياسية: ما السبب خلف الطقس المتطرف الذي نمر به الآن؟




يرى الكثير من الناس عدم صحة ربط حالة معينة من الطقس الشديد بتغير المناخ الذي تسبب به البشر، لكن التطور السريع في مجال علم المناخ يُشير إلى أن ذلك ليس صحيحاً، بحسب تقرير نُشر في صحيفة The Guardian البريطانية.
وكان مالكولم تيرنبول، رئيس وزراء أستراليا، الذي كان يقوم بجولة في ولاية "تسمانيا" بعد حدوث فيضانات مدمرة هناك في يونيو/حزيران الماضي، أشار الى أن علماء المناخ تنبأوا بـ"عواصف أكبر وأكثر تواتراً"، لكنه تابع بعد ذلك بالحديث المُعلب المكرر دوماً: "لكن لا يمكن أن تنسب أي عاصفة معينة لظاهرة الاحتباس الحراري، لذا دعونا نكن واضحين جداً حول ذلك. نفس العلماء كانوا ليتفقوا حول تلك النقطة".
لكن في الحقيقة، يعمل علماء المناخ على إيجاد سبل لدراسة تأثير المستويات المتزايدة من الغازات الدفيئة - المسببة للاحتباس الحراري - في الغلاف الجوي على الأحداث المناخية القاسية.
هذا أحد المجالات العلمية ويُدعى بحث العزو أو الإسناد. الذي شارك فيه د. أندرو كينغ - من جامعة ملبورن - في العديد من الدراسات الخاصة به.
يقول كينغ: "هل أدى تغير المناخ لتغير احتمال وقوع حدث ما، مثل الفيضانات في ولاية لويزيانا والموجة الحارة في ملبورن؟ نستطيع أن نقول عادة مع تلك الأنواع من الأحداث إن تغير المناخ زاد من احتمال وقوع الحدث".
عندما تصيبنا الظواهر الجوية المتطرفة، يظهر المزيد من الأسئلة حول التأثيرات البشرية. ويرغب بعض العلماء في أن نكون قادرين على الإجابة بسرعة بالمزيد من الإجابات ذات الصلة، قبل أن تنتقل دورة الأخبار إلى أي مكان آخر.
على سبيل المثال، انضم كينغ لزملائه في دراسة درجات حرارة البحر الدافئة التي تسببت في تبييض المرجان بكثرة في الحيّد المرجاني العظيم بالصيف الماضي. ظهرت النتائج في أبريل/نيسان بينما كانت مأساة الشعب المرجانية لا تزال تتصدر عناوين الصحف.
يقول كينغ: "وجدنا أن درجات الحرارة الدافئة لمياه البحر تكررت بما لا يقل عن 175 ضعفاً من المعتاد بسبب تغير المناخ على الأرجح".
فحص كينغ مجموعتين من النماذج المناخية من أجل إجراء مجموعة من الأبحاث. إحداهما جُهزت لتقوم بإعادة إنتاج مستويات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي الموجودة الآن، وفي الأُخرى أُزيلت التأثيرات البشرية.
باختصار، أظهرت النماذج أن هذا النوع من الظروف - التي قتلت في النهاية نحو ربع الشعاب المرجانية الموجودة بالحيد - من المتوقع الآن أن تحدث مرة كل 4 سنوات تقريباً. ولكن في عالم خالٍ من الغازات الدفيئة الزائدة، من الممكن أن نتوقع أن نرى درجات حرارة المحيطات تلك مرة واحدة كل 1000 عام، هذا إذا حدثت من الأصل.
يوشك بحث الشعاب المرجانية أن يُنشر في مجلة علمية، وبالتالي فإن النتائج قد تتغير. لكن كينج يقول إن الطرق المُستخدمة مرَّت بعملية مراجعة الأقران.



hot climate
بحث كينج أيضاً في موجة الحر، إذ وجدت دراسته أن احتمالية وصول درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية في نوفمبر/تشرين الثاني زادت "ما لا يقل عن 44 % أكثر" بسبب تغير المناخ.
من الأمطار الغزيرة للدرجات القياسية لحرارة المحيطات، وموجات الحر وكسر الأرقام القياسية لدرجات الحرارة العالمية الشهرية والسنوية الذي أصبح معتاداً، تكتشف المزيد والمزيد من الدراسات وضوح بصمة الإنسان المميزة على الأحداث.
فحصت مجموعة من دراسات الإسناد سجلات الحرارة في أستراليا. ووجدت دراسة لدرجات الحرارة القياسية المتتابعة في الربيع عام 2013 وعام 2014 أن حدوثها كان مستحيلاً تقريباً بدون هذا القدر الزائد من ثاني أكسيد الكربون في الجو.
كما وجدت دراسة أخرى أنه بدون الغازات الدفيئة المضافة، لم يكن ليأتي صيف أستراليا الساخن في عام 2013 إلا مرة واحدة كل 12,000 سنة. لكن الآن، وبفضل حرق الوقود الحفري منذ الثورة الصناعية بشكل أساسي، نتوقع كسر الأرقام القياسية كل 6 سنوات.
شاركت د. صوفي لويس، من الجامعة الوطنية الأسترالية في كلا الدراستين، وقالت إن إسناد الأحداث لتغير المناخ "مجال سريع التطور"، وذلك بفضل زيادة سرعة أجهزة الكمبيوتر، والتعاون الأفضل، والأساليب الراسخة المتبعة.
ولكن مثل كينغ فهي ليست من محبي السؤال إذا ما كان تغير المناخ "تسبب" في شيءٍ ما، أو يُمكن "إلقاء اللوم" عليه لوقوع أحداث معينة، وضربت مثالاً بتزامن كون 2015 هو أدفأ عام على كوكب الأرض على الإطلاق مع نظام النينيو المناخي.
وقالت لويس إن النينيو هي أحداث طبيعية تميل إلى إحداث درجات حرارة أكثر ارتفاعاً ولكنها تزيد على الاحتباس الحراري الناجم عن الأنشطة البشرية، وتدفع درجات الحرارة لتسجل أرقاماً قياسية.
كما أضافت: "نعلم أن كلاً من التغير المناخي الطبيعي والذي سببه الإنسان لهما تأثيرات على الأحداث، ولا نريد أن نفقد هذا التعقيد. الناس يفهمون أن البيئة والنظام المناخي أمور معقدة".

السرعة مهمة


الحصول على النتائج بشكل أسرع يمنح وسائل الإعلام والجمهور وصناع القرار إجابات أكثر وضوحاً سريعاً بعد وقوع الأحداث.
على سبيل المثال، في أوائل أغسطس/آب ضربت لويزيانا الأمطار الغزيرة التي تسببت في فيضانات هائلة - ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً وتدمير حوالي 60 ألف منزل. وبعد أقل من شهر استنتج فريق من العلماء أن تغير المناخ الناجم عن الإنسان ضاعف - على الأرجح - من احتمالات سقوط الأمطار الغزيرة على لويزيانا بهذا الشكل.
أخبرني د. كارين فان دير فيل - المؤلف الرئيس لهذه الدراسة عضو بجامعة برينستون وبالإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي التابعة لحكومة الولايات المتحدة - أن "الأحداث القاسية لطالما حدثت، وكان من الممكن وقوع هذا قبل 100 عام. لكنه كان سيصبح أكثر ندرة بكثير".
يقول فان دير فيل: "إن الباحثين تمكنوا من إجراء التحليل سريعاً لأن البيانات من النماذج المناخية كانت متوافرة بسهولة، كما كان لديهم بيانات جيدة عن هطول الأمطار بالمنطقة".
وقُدمت دراسة لويزيانا لمجلة علمية وهي في مرحلة مراجعة الأقران. لذا، مرة أخرى، الاستنتاجات قد تتغير.
الآن، بعض العلماء يتشددون بخصوص الأبحاث التي تُنشر قبل مرورها بمرحلة مراجعة الأقران، وذلك لأسباب واضحة. على سبيل المثال، ماذا لو كان هناك خطأ في التحليل قد يُغير الاستنتاجات تماماً؟
يقول كلٌّ من فان دير فيل وكينج إنها بإمكانهما الوثوق في نتائجهما إلى درجة ما، لأن الأساليب قد اختُبرت من قبل. سأترككم مع أفكار كينج بخصوص هذا، "حسب ما رأيت حتى الآن، أحد أهداف عزو الحدث هو توصيل للجمهور ولصناع السياسة أن تغير المناخ بإمكانه التأثير على كيفية حدوث الظواهر القاسية، سواء من تواترها أومدى سوئها".
وتابع: "هذا هو السبب في أننا نحاول القيام بهذا العمل بشكل أسرع. إذا كنا نستطيع إثراء النقاش الدائر، فإن ذلك يوفر بعض المعلومات المفيدة المرتكزة على أساس علمي، بدلاً من التكهنات الموجودة".
Reactions

تعليقات