القائمة الرئيسية

الصفحات

نصائح للحفاظ على استمرارية العلاقات

تجمل العلاقات حياتنا اليومية، سواء كانت رومانسية أو مجرد صداقة، فأي اتصال مع شخص آخر يعد من أفضل الخبرات التي تقدمها الحياة لنا.
وبطبيعة الحال في إطار العلاقات، إلى جانب أمور حياتية أخرى، فإن التغيير أمر لا مفر منه، فلا يبقى شيء على حاله حتى مع الأصدقاء وربما في الحب؛ حيث تتغير الأحوال، وهو أمر طبيعي في دورة الحياة، فبعض العلاقات تدوم وأخرى تختفي، وتلك التي تبقى وتستمر ترتبط بنقاط معينة تجمع بين الطرفين في أي علاقة كانت، وهي التي تمكن من الصمود وتعد ذات أهمية كبرى في استمرار العلاقات بشكل عام وأبرزها إيلاء الاهتمام للآخر وعوامل أخرى وهي كالآتي:
- تصرف على حقيقتك، فالعديد من الناس يجدون أن القيمة في علاقاتهم مع الآخرين ترتبط بالتنازل، ولكن حين يتعلق الأمر بالتخلي عن عناصر وأمور من جانبك من أجل الحفاظ على العلاقة، هذا في الأصل يعني علاقة غير صحية؛ حيث يوجد طرف دائما ما يضحي. وأفضل العلاقات التي تدوم لفترة طويلة هي تلك التي يكون فيها كلا الطرفين على طبيعته بدون أي خوف من حكم مسبق أو جهد لإرضاء الآخر أو ضغط من أجل التغيير، فهذه حالة وهمية تسبب في النهاية انهيار أحد طرفي العلاقات وخراب العلاقة.
- الإبقاء على مساحة لكلا الطرفين؛ أي أن يكونا منفصلين ومستقلين بذاتهما، أي إتاحة المساحة لوجود كيان منفصل ومستقل لكل منكما يسهم في خلق "نحن" في العلاقة.
والفرق بينك وبين شريكك لا يجب أن يكون سلبيا، فأنت لا تحتاج لأن تكون مع شخص يوافقك على كل شيء، على الرغم من أننا قد نخشى الاختلافات مع الشريك وعدم التوافق، ولكن في الحقيقة أن هذه الاختلافات هي التي تحافظ على علاقة مثيرة وممتعة بعيدة عن الملل والروتين.
لا تتوقع من شريكك أن يملأ وجدانك بالعاطفة، بمعنى أن كل واحد من الطرفين هو الوحيد القادر على شفاء نفسه من أي جرح سابق أو ألم مهما كان مصدره فيما يتعلق بالعلاقات، ولكن يلعب الدعم بين الطرفين دورا كبيرا في هذه العملية من خلال علاقة محبة مفعمة بالثقة والتفاهم لرغبات ومساحة الطرفين.
- لا وجود للمقارنة، وهي جزء مهم لإدامة العلاقة؛ إذ لا مجال لعنصر المقارنة بين الطرفين، بحيث يحاول أحدهما التفوق على الآخر، فكل طرف مختلف بطبيعته عن الآخر، ودخول عنصر المقارنة بأن أحدهما حقق أمرا أكثر أو بذل جهدا أكبر. فأفضل العلاقات هي تلك التي يلقى فيها جانب المقارنة بعيدا، وبخاصة ذلك الذي يستند إلى غرور، ويحل مكانها سعادة حقيقية من أجل إنجازات الآخر.
- أن تكونا معا لا يعني أن تفعلا كل شيء معا: فحين تقوم بمخطط بدون شريك لا يعني أن تشعر بالذنب. فكلاكما بحاجة لوقت بمفرده بين الفينة والأخرى، ولا يعني أن تمارسا كل شيء معا طيلة الوقت. فالشريك يجب أن يكون داعما جيدا لشريكه في الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء، بغض النظر عن الأوقات الصعبة، فإن وجود شريك يوفر هذا النوع من الدعم يشكل فرقا كبيرا في العلاقة ومتانتها واعتماد أحدهما على الآخر والشعور بالأمان، فنقص الدعم هو سبب في خراب العلاقات نظرا للدور الذي يلعبه الشريك الآخر في تشجيعك ومواساتك وتوفير كتف للبكاء حين تحتاج إليه، وهو ما يمنحك الشعور بالأمان حين تكون الأوضاع قاسية وصعبة.
- الاختلاف لا يكسر العلاقة، فإيجاد أرضية ثابتة مع الطرف الثاني في العلاقة أمر مهم، ولكن هذا لا يعني أن يحمل كلاهما الصفات نفسها ويجمعهما روابط مشتركة كثيرة، فهذه الحالة تولد خلافات كثيرة، وبخاصة في طريقة تنفيذ الأمور والحكم عليها. ولكن وجود اختلاف بين الطرفين يجعل من العلاقة أمرا ممتعا، وتحديا خاصا في إيجاد طرق للتواصل والتفاهم والتوافق، وبذل المجهود نفسه من الأطراف كلها لبلوغ النهاية معا، وهذا هو جوهر بقاء العلاقة بين أفراد مختلفين عن بعضهم، مقارنة بمن يتشابهون تماما، ولكل فرد مساحته هنا وحده.
فالعلاقة الناجحة تتألف من طرفين؛ لكل منهما إحساس محدد بهويته وفهم خاص لها، وبدون فهمنا لأنفسنا ومن نحن وما الذي يميزنا يصبح من الصعب الانخراط في عملية تكوين علاقات خارجية مع من حولنا بطريقة دائمة وناجحة إزاء بيئة آمنة تعززها.
- إحساس واضح بالذات من أجل التواصل بسهولة، وفهم لاحتياجات ورغبات الشريك، فوجود هذا التصور لا يشعرنا بوجود تهديد للعلاقة الخاصة مع الشريك، وتمكن من رؤية الصفات المختلفة في الطرف المقابل، وهي التي من المحتمل أن تقربهما من بعضهما بعضا.
ولكن في فكرة الشراكة المثالية، يمكن أن يسمى هذا بـ"الترابط"، وفيه تكون الخلافات بين الطرفين لها احترامها وتسهم في إنضاج العلاقة، وتساعدها على التطور وتعزز فهم الأفراد لخبراتهم العاطفية، علما أن الحدود الشخصية هي الحدود التي نضعها في العلاقات، وتمكننا من حماية أنفسنا من التلاعب من قبل الطرف الآخر كحاجز منيع يقي من الغرق في حاجات الآخر العاطفية، وتنبع هذه الحدود من الإحساس الجيد بقيمة ذاتنا وأهميتها، وهو أمر صحي.
- لا مكان لألعاب العقل، وبخاصة في العلاقات العاطفية؛ حيث يقوم الكثير من الناس بإضفاء أجواء من الحب والتشويق والغموض الذي يرافق مع محاولة التعرف عليهم، وهذا يؤدي في النهاية لفشل كثير من العلاقات الأكثر قيمة، فألعاب العقل تلك تسبب الحيرة بين الطرفين، بينما العلاقات الأكثر متانة هي تلك التي يحب فيها الآخر كما هو، ويكتشفه براحة مع مرور الوقت، متيحا المجال له بأن يكون كل واحد منهما على طبيعته بدون أي استعجال أو الحاجة للتظاهر بما ليس فيها وراضيا بحقيقته كما هو بحسناته وسيئاته. الأمر الذي يجعل الحديث بينهما طويلا وعنصرا جاذبا.
وهذا يعني خلق بيئة آمنة؛ حيث يمكن تبادل الثقة بدون أي خوف، أن تعتذر في الموقف المناسب وإن كنت غاضبا لحد لا تستطيع فيه أن تستمع لأحد، قم بمغادرة المكان وامنح نفسك مساحة وتنفس كي تهدأ. ولا تنس أن شريكك ليس عدوك، فضلا عن القدرة على فصل الحقيقة عن المشاعر، ما تؤمن به وما تشعر به يؤثر عليك خلال النزاعات، وهنا يمكن أن تسأل نفسك هل لماضيك تأثير على وضعك الحالي؟، عليك أن تكون قادرا على التفريق بين الحقيقة والمشاعر، ما يتيح لك أن ترى علاقتك وشريكك بطريقة أوضح وتكون قادرا على حل أي صراع بينكما.
وفي المحصلة، فإن هذه العلاقات ما هي إلا امتداد للتجربة الإنسانية وأساس سعادتها؛ حيث يعتمد كل منا على الأخلاء ليشعر بالوفاء والرغبة في العطاء والاستقلالية، ولو تواجدت أي ضغوطات في إطار هذه العلاقة، فإنها وسيلة لبلوغ مرحلة أنضج وأعمق من هذه التجربة التي تعبر عن حقيقتها ومتانتها وسر استمراريتها ودوامها بأي شكل وإطار كانت.
Reactions

تعليقات