القائمة الرئيسية

الصفحات

اضطراب الميزوفونيا: متلازمة حساسية الصوت الانتقائية


الكثير منا يتذكر ذلك الصديق أو الأخ “الحساس” بشكل مفرط، الذي ينزعج من كل صوت خفيف يصدر حوله، فيطلب من كل الجالسين معه التوقف عن مضغ اللبان مثلاً أو أكل البزر، وقد يصل فيه الأمر أن يخبئ اللبان وأكياس البزر ورقائق البطاطا والجزر والخيار والتفاح التي تحضرونها، أو أن ينزل من الباص إذا كنتم سوياً وسمع أو رأى أحدهم يعلك اللبان.
هذا الأخ أو الصديق ليس مجرد حساس آخر على وجه الأرض، إنما هو يعاني-بشكل لا يمكن للآخرين إدراكه- من توتر كبير وهيجان في المشاعر السلبية إذا ما سمع أصواتاً معينة. وليس بالضرورة أن تكون هذه الأصوات عالية أو مزعجة أو قبيحة، وقد لا يكون مصدرها قريباً منه.

تعرف هذه الحالة باسم اضطراب “ميزوفونيا” أو “متلازمة حساسية الصوت الانتقائية” أو “كره الأصوات”. وهو اضطراب عصبي يكون المصاب به حساساً لمحفزات سمعية أو بصرية لا ينتبه لها الآخرون، وغالباً ما تكون الأصوات التي تزعجهم متعلقة بالفم مثل المضغ والسعال، أو في البيئة المحيطة مثل صوت الكتابة على لوحة المفاتيح أو أصوات أنفاس الآخرين.

ولا يرى الآخرون أي مشكلة مع الأصوات التي ينزعج منها المصاب ولا تسبب لهم أي رد فعل سلبي إذا ما تعرضوا لها. في حين أن كل صوت من هذه يحفز عند المصاب بشكل فوري المشاعر السلبية مثل التوتر الشديد والغضب. وقد تتنوع ردود الفعل من حيث حدّتها، ففي حين تكون ردود أفعال البعض هي الشعور بعدم الارتياح المتوسط، وقد تزداد حدة حتى تصل لنوبة ذعر حقيقية.
إلى جانب ذلك، خلال تعرض المصاب لتجربة محفزة، أي سماع صوت مزعج كمضغ اللبان، قد يقوم البعض بإظهار رد فعل غاضب بشكل دفاعي أو هجومي، وقد يختار أيضاً الابتعاد عن الموقف أو التعبير عن انزعاجهم وطلب إيقاف الصوت.
بما أن تفهم غير المصابين لحالة المصابين قد يكون صعباً، ينصح محاولة إيصال الشعور لهم عن طريق طلب تخيل صوت ينزعج منه الناس عامة، مثل خرمشة الأظافر على لوح الكتابة الخشبي. فقد ينفع هذا بجعل المحيط يتفهم ويتخيل رد الفعل الفزيولوجي الذي يصيب صاحب الاضطراب.
بحسب المركز العام لدعم المصابين بـ”الميزوفونيا”، فإن وجود بيئة داعمة هو عامل مهم جداً في التسهيل على المصاب. والبيئة الداعمة تعني أن يتفهم الأهل والأصدقاء وزملاء العمل انزعاج المصاب من هذه الأصوات وعدم إصدارها، ومحاولة تجنب دعوته لأماكن قد تحوي مصدراً للصوت المزعج.
ويعتبر البحث في هذا المجال حديثاً، ولم تعرف بعد بشكل واضح مسببات الاضطراب الدقيقة. لكن دراسة دنماركية أجريت عام 2013 على 42 من المصابين، بيّنت أن الاضطراب غير مرتبط بوجود اضطرابات نفسية، لكنه وجد ارتباط بنسبة 52.4 بالمئة مع الوسواس القهري. وعليه فإن من الممكن أن يكون العلاج المعرفي السلوكي مفيداً للتخفيف من الاضطراب.



Reactions

تعليقات