تتنوع الممارسات التي تتبعها الأمهات مع المولود الجديد، باعتبارها تمثل جانباً من الموروث الشعبي. وتشكل بعض هذه الممارسات، كموروث شعبي، عادات خاطئة ثبت علمياً ضررها، مثل الكحل للمولود، فيما تحمل أخرى معتقدات لا تستند على أسس علمية.
أثار اقتراح الجدتين بتكحيل حفيدتهما الجديدة استياء الثلاثينية سارة محمد، التي ما إن سمعت الاقتراح حتى بدأت حديثاً مطولاً تبين فيه سلبيات الفكرة ومضارها على الأطفال.
وتلفت إلى أن هذه المفاهيم سيطرت على زمن الأمهات والجدات، مؤكدة ضرورة إلغائها في ظل ما وصل إليه العلم من تطور، إضافة إلى ثبات ضررها على الطفل.
بيد أن إصرار الخمسينية مريم عواد على ممارسة العادات كان أكثر إزعاجا، خصوصا وأنها تعتقد بأهميتها لضمان صحة الطفل وسلامته.
"نحن وأولادنا تربينا على هذه العادات وها هم يتمتعون بصحة جيدة"، لافتة إلى أن الجدات، بحكم الخبرة، أكثر دراية من الأطباء الذين يدرسون كل شيء نظريا.
الثلاثيني علي حسن، كانت له وجهة نظر أخرى من خلال اطلاعه الدائم على الدراسات الحديثة وكل ما يتعلق بكيفية التعامل مع حديثي الولادة، ما جعله يرفض تدخل أمه وحماته في مولوده الجديد، واصفا ما تقومان به بأنه مجرد "خزعبلات".
"الكحلة بالعين والتمليح من العادات التي نسجها خيال أمهاتنا"، هكذا يقول، وهو الأمر الذي أثار غضب والدته وأمه اللتين اعتبرتا الأمر شخصيا لا دخل له فيه.
رفض العشرينية ليلى برهان قيام حماتها بوضع مرود الكحل في البصل، ومن ثم فركه في عين طفلها، ما لبث أن سبّب لها الكثير من المشاكل مع زوجها ووالدته اللذين اعتبرا رفضها تمردا على عادات وأعراف العائلة.
وتتابع ليلى قائلة "ليس بالضرورة أن يكون ما قامت به الجدات والأمهات صحيحا، خصوصا في ظل التقدم والتطور العلمي، والكم الهائل من الدراسات التي أثبتت حجم الأخطاء الهائل الذي ارتكبته الكثير من الأمهات مع أبنائهن".
مضيفة "لم أتعلم وأقرأ الكثير حتى أبقى أسيرة لتلك الخزعبلات"، مبينة أن مصلحة طفلها الصغير أكثر أهمية من إرضاء حماتها وزوجها.
وتصنف ليلى التي تعمل في مجال الأدوية والمستحضرات الطبية بعض العادات، مثل الكحل للأطفال، وفرك جسم الطفل بالملح والزيت، أو ما يسمى بـ"التمليح" كموروثات اجتماعية بُنيت على معايير خاطئة.
من جانبه، يجد خبير التراث نايف النوايسة، أن التعامل مع المولود، استناداً إلى الممارسات الشعبية، مصدره عادات تناقلتها الأمهات عن الجدات، بالمشاهدة والأحاديث التي غدت مع الوقت معتقدات بيئية راسخة.
ويرجع النوايسة بعض العادات الراسخة في مجتمعاتنا إلى معتقدات دينية، من ضمنها الموالد الغنائية التي أدخلت عليها عناصر جديدة، مثل شعير المولد، وتبخير المولود لحمايته من الحسد.
ويتابع "تناقلت أمهاتنا عادات كثيرة ورثنها عن الجدات"، موضحا أن هذه الممارسات تعتمد على التجربة من دون الاستناد إلى أسس علمية، لافتاً إلى أن نجاح التجربة لمرة واحدة يجعل منها مسلّمة تطبق على حالات عدة.
ويعدد النوايسة بعض الممارسات السلبية المبنية على معتقدات خيالية، ومن ضمنها الخرزة الزرقاء (التميمة) التي توضع للأطفال، اعتقادا بأنها تحمي الأطفال من العين والحسد.
ومن ضمن الممارسات المتوارثة في مجتمعاتنا، والتي ثبت ضررها، يتحدث النوايسة عن "التقميط" الذي استخدم وما يزال يستخدم اعتقادا بأنه يحقق استقامة عظام المولود وعموده الفقري.
وهو ما ينفيه اختصاصي طب الأطفال، الدكتور هاشم الحوراني، الذي يؤكد أن "التقميط" يحد من حركة الطفل وحركة عضلاته، كما قد يتسبب في رفع درجة حرارة جسم الطفل، خصوصاً في فصل الصيف.
ويعتبر الحوراني "الكوفلية" وضعا قهريا لا يتحمله الطفل، لاسيما وأن وضعية الطفل في رحم الأم تكون مختلفة، ما يتطلب أربعة أشهر على الأقل حتى يتمكن الطفل من التأقلم.
ويلفت الحوراني إلى العديد من الأضرار التي يسببها "التقميط" للطفل، ومنها أنه يعيق حركته ويبطئ نموه الجسدي واستجابته وحركته وتفاعله مع محيطه الخارجي.
كما يعيق طرح الفضلات من جسم الطفل، حيث يلاحظ ذلك حالما تقوم الأم بفك قماطه، فيبدأ الطفل بطرح فضلاته. بالإضافة إلى أنه يعيق تنفسه الطبيعي؛ إذ كثيرا ما يعيق قفصه الصدري وحجابه الحاجز. كما يتسبب القماط في الوقت ذاته في حبس مادة اليوريا الناتجة عن البول التي يبقى الطفل فيها مدة طويلة داخل القماط المبلل، وهو ما يسبب تآكل جلده وسلخه والتهابه بسبب الرطوبة والاحتكاك.
ومن العادات الأخرى التي يحذر الحوراني منها؛ تمليح الطفل، وهي العادة التي تعتقد الأمهات والجدات بأنها مفيدة لجلد الطفل، مستهجنا قيام الكثير من الفتيات بها، رغم أنهن متعلمات.
ويقول "تمليح الطفل ليست له أي فوائد صحية بل هو مضر للغاية"، مشيرا إلى أن جلد الطفل رقيق وحساس، ومن الممكن أن يمتص الملح عن طريق الجلد، ما قد يسبب ارتفاعا في نسبة الصوديوم (الأملاح) في دم الطفل، الأمر الذي قد يتسبب في فقدان الطفل للسوائل في جسمه وارتفاع ضغطه.
كما حذر الحوراني من تكحيل الطفل، مؤكدا أنه يضر بالعين ويؤذي البصر، خصوصا تلك الأنواع الشائعة في المنطقة العربية والخليجية، لاحتوائها على نسبة كبيرة من الرصاص.
وقد وجد الأطباء في مستشفى الملك فيصل التخصصي، بعد تحليل عينات عشوائية من الكحل الذي يباع عند العطارين والمتوافر في الأسواق، وكذلك الأنواع الهندية على الأخص، بأن نسبة الرصاص فيها تتراوح بين 85 في المائة إلى 100 في المائة في كل غرام من الكحل.
وأوضح الأطباء أن هذه النسبة من الرصاص تضر بالعيون، وخصوصا عند الأطفال، بعد أن تبين وجود علاقة بين استخدام الكحل والتسمم الناتج عن الرصاص عند الأطفال، وما يسببه من اعتلالات دماغية، مشيرين إلى أن مثل هذه الاعتلالات تؤدي على زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال إلى 25 في المائة.
ونبه الاختصاصيون إلى عدم صحة المعتقدات الشائعة، التي تدعي أن الكحل يقوي النظر ويزيد من سماكة الرموش ومتانتها، ويعزز من كثافة الحواجب.
ومن العادات السيئة جدا التي يمارسها الكثير من الأهالي على أطفالهم حديثي الولادة، بودرة الأطفال التي تسبب الحساسية والربو، وتحنيك الطفل، حيث يقوم الأهل بمضغ تمرة ووضعها في فم المولود، وهي من الأمور الأسوأ على الإطلاق، حيث تتسبب في ظهور الالتهابات والإسهال، وترفع نسبة السكر بشكل كبير عند الأطفال.
كما يحذر الحوراني من قيام العديد من الأمهات بإعطاء أبنائهن أعشابا، مثل البابونج واليانسون والميرمية، مؤكدا أن الطفل في هذه الفترة لا يحتاج سوى إلى حليب أمه.
أثار اقتراح الجدتين بتكحيل حفيدتهما الجديدة استياء الثلاثينية سارة محمد، التي ما إن سمعت الاقتراح حتى بدأت حديثاً مطولاً تبين فيه سلبيات الفكرة ومضارها على الأطفال.
وتلفت إلى أن هذه المفاهيم سيطرت على زمن الأمهات والجدات، مؤكدة ضرورة إلغائها في ظل ما وصل إليه العلم من تطور، إضافة إلى ثبات ضررها على الطفل.
بيد أن إصرار الخمسينية مريم عواد على ممارسة العادات كان أكثر إزعاجا، خصوصا وأنها تعتقد بأهميتها لضمان صحة الطفل وسلامته.
"نحن وأولادنا تربينا على هذه العادات وها هم يتمتعون بصحة جيدة"، لافتة إلى أن الجدات، بحكم الخبرة، أكثر دراية من الأطباء الذين يدرسون كل شيء نظريا.
الثلاثيني علي حسن، كانت له وجهة نظر أخرى من خلال اطلاعه الدائم على الدراسات الحديثة وكل ما يتعلق بكيفية التعامل مع حديثي الولادة، ما جعله يرفض تدخل أمه وحماته في مولوده الجديد، واصفا ما تقومان به بأنه مجرد "خزعبلات".
"الكحلة بالعين والتمليح من العادات التي نسجها خيال أمهاتنا"، هكذا يقول، وهو الأمر الذي أثار غضب والدته وأمه اللتين اعتبرتا الأمر شخصيا لا دخل له فيه.
رفض العشرينية ليلى برهان قيام حماتها بوضع مرود الكحل في البصل، ومن ثم فركه في عين طفلها، ما لبث أن سبّب لها الكثير من المشاكل مع زوجها ووالدته اللذين اعتبرا رفضها تمردا على عادات وأعراف العائلة.
وتتابع ليلى قائلة "ليس بالضرورة أن يكون ما قامت به الجدات والأمهات صحيحا، خصوصا في ظل التقدم والتطور العلمي، والكم الهائل من الدراسات التي أثبتت حجم الأخطاء الهائل الذي ارتكبته الكثير من الأمهات مع أبنائهن".
مضيفة "لم أتعلم وأقرأ الكثير حتى أبقى أسيرة لتلك الخزعبلات"، مبينة أن مصلحة طفلها الصغير أكثر أهمية من إرضاء حماتها وزوجها.
وتصنف ليلى التي تعمل في مجال الأدوية والمستحضرات الطبية بعض العادات، مثل الكحل للأطفال، وفرك جسم الطفل بالملح والزيت، أو ما يسمى بـ"التمليح" كموروثات اجتماعية بُنيت على معايير خاطئة.
من جانبه، يجد خبير التراث نايف النوايسة، أن التعامل مع المولود، استناداً إلى الممارسات الشعبية، مصدره عادات تناقلتها الأمهات عن الجدات، بالمشاهدة والأحاديث التي غدت مع الوقت معتقدات بيئية راسخة.
ويرجع النوايسة بعض العادات الراسخة في مجتمعاتنا إلى معتقدات دينية، من ضمنها الموالد الغنائية التي أدخلت عليها عناصر جديدة، مثل شعير المولد، وتبخير المولود لحمايته من الحسد.
ويتابع "تناقلت أمهاتنا عادات كثيرة ورثنها عن الجدات"، موضحا أن هذه الممارسات تعتمد على التجربة من دون الاستناد إلى أسس علمية، لافتاً إلى أن نجاح التجربة لمرة واحدة يجعل منها مسلّمة تطبق على حالات عدة.
ويعدد النوايسة بعض الممارسات السلبية المبنية على معتقدات خيالية، ومن ضمنها الخرزة الزرقاء (التميمة) التي توضع للأطفال، اعتقادا بأنها تحمي الأطفال من العين والحسد.
ومن ضمن الممارسات المتوارثة في مجتمعاتنا، والتي ثبت ضررها، يتحدث النوايسة عن "التقميط" الذي استخدم وما يزال يستخدم اعتقادا بأنه يحقق استقامة عظام المولود وعموده الفقري.
وهو ما ينفيه اختصاصي طب الأطفال، الدكتور هاشم الحوراني، الذي يؤكد أن "التقميط" يحد من حركة الطفل وحركة عضلاته، كما قد يتسبب في رفع درجة حرارة جسم الطفل، خصوصاً في فصل الصيف.
ويعتبر الحوراني "الكوفلية" وضعا قهريا لا يتحمله الطفل، لاسيما وأن وضعية الطفل في رحم الأم تكون مختلفة، ما يتطلب أربعة أشهر على الأقل حتى يتمكن الطفل من التأقلم.
ويلفت الحوراني إلى العديد من الأضرار التي يسببها "التقميط" للطفل، ومنها أنه يعيق حركته ويبطئ نموه الجسدي واستجابته وحركته وتفاعله مع محيطه الخارجي.
كما يعيق طرح الفضلات من جسم الطفل، حيث يلاحظ ذلك حالما تقوم الأم بفك قماطه، فيبدأ الطفل بطرح فضلاته. بالإضافة إلى أنه يعيق تنفسه الطبيعي؛ إذ كثيرا ما يعيق قفصه الصدري وحجابه الحاجز. كما يتسبب القماط في الوقت ذاته في حبس مادة اليوريا الناتجة عن البول التي يبقى الطفل فيها مدة طويلة داخل القماط المبلل، وهو ما يسبب تآكل جلده وسلخه والتهابه بسبب الرطوبة والاحتكاك.
ومن العادات الأخرى التي يحذر الحوراني منها؛ تمليح الطفل، وهي العادة التي تعتقد الأمهات والجدات بأنها مفيدة لجلد الطفل، مستهجنا قيام الكثير من الفتيات بها، رغم أنهن متعلمات.
ويقول "تمليح الطفل ليست له أي فوائد صحية بل هو مضر للغاية"، مشيرا إلى أن جلد الطفل رقيق وحساس، ومن الممكن أن يمتص الملح عن طريق الجلد، ما قد يسبب ارتفاعا في نسبة الصوديوم (الأملاح) في دم الطفل، الأمر الذي قد يتسبب في فقدان الطفل للسوائل في جسمه وارتفاع ضغطه.
كما حذر الحوراني من تكحيل الطفل، مؤكدا أنه يضر بالعين ويؤذي البصر، خصوصا تلك الأنواع الشائعة في المنطقة العربية والخليجية، لاحتوائها على نسبة كبيرة من الرصاص.
وقد وجد الأطباء في مستشفى الملك فيصل التخصصي، بعد تحليل عينات عشوائية من الكحل الذي يباع عند العطارين والمتوافر في الأسواق، وكذلك الأنواع الهندية على الأخص، بأن نسبة الرصاص فيها تتراوح بين 85 في المائة إلى 100 في المائة في كل غرام من الكحل.
وأوضح الأطباء أن هذه النسبة من الرصاص تضر بالعيون، وخصوصا عند الأطفال، بعد أن تبين وجود علاقة بين استخدام الكحل والتسمم الناتج عن الرصاص عند الأطفال، وما يسببه من اعتلالات دماغية، مشيرين إلى أن مثل هذه الاعتلالات تؤدي على زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال إلى 25 في المائة.
ونبه الاختصاصيون إلى عدم صحة المعتقدات الشائعة، التي تدعي أن الكحل يقوي النظر ويزيد من سماكة الرموش ومتانتها، ويعزز من كثافة الحواجب.
ومن العادات السيئة جدا التي يمارسها الكثير من الأهالي على أطفالهم حديثي الولادة، بودرة الأطفال التي تسبب الحساسية والربو، وتحنيك الطفل، حيث يقوم الأهل بمضغ تمرة ووضعها في فم المولود، وهي من الأمور الأسوأ على الإطلاق، حيث تتسبب في ظهور الالتهابات والإسهال، وترفع نسبة السكر بشكل كبير عند الأطفال.
كما يحذر الحوراني من قيام العديد من الأمهات بإعطاء أبنائهن أعشابا، مثل البابونج واليانسون والميرمية، مؤكدا أن الطفل في هذه الفترة لا يحتاج سوى إلى حليب أمه.
تعليقات
إرسال تعليق