القائمة الرئيسية

الصفحات

الاهل يتسببون بعصبية الاطفال وسوء تصرفاتهم


تسيطر العصبية على كثير من الأطفال، منهم من يغضب ويثور، ويحطم كل شيء أمامه، ولا يستقر على حال، ولا يهدأ في مكان.
ويستغرب عدد من الأهالي هذه التصرفات، لكنهم لا يعلمون أن تصرفات أبنائهم نابعة من سلوكيات آبائهم، ومن طريقة التعامل معهم.
ويؤكد اختصاصيون أن الأسرة تؤثر في شخصية الطفل، بشكل كبير؛ فالعلاقات السائدة في الأسرة هي التي تحدد إلى حد كبير شخصية الطفل، فيكون شخصا عصبيا وسريع الغضب، بناء على تصرفات والديه معه أو أمامه، ولذا على الكبار مراعاة مشاعر الأطفال ونفسياتهم، وعليهم ألا يُفجروا غضبهم أمامهم، حتى لا ينتقل هذا الغضب إليهم فتضطرب مشاعرهم وتهتز شخصياتهم.
لأن الطفل الذي يشعر بأنه محبوب ومرغوب فيه سينشأ سويا وراضيا عن نفسه، أما إن شعر أنه غير محبوب فسوف ينشأ غير راض عن نفسه وغير واثق من قدراته، فتملأ حياته التوترات والصراعات النفسية، نتيجة الحرمان من الدفء العاطفي.
تقول ميسر الحاج إن ابنها عصبي كثيرا، ولا يهدأ في معظم الأوقات، فهي تعاني كثيرا في التعامل معه، بسبب تصرفات والده "زوجي دائم العصبية، وللأسف لا يحسب حساب الآخرين، فهو يفجر غضبه أمام ابنه، وأمام الضيوف".
وتتابع ميسر أنها عبثا حاولت أن تقنع زوجها بعد عودة الهدوء إليه، بأن يغير تصرفاته، لأنها تؤثر على سلوك ابنها. فطفلها يحب والده، ولذلك يقلده في كل شيء، فيغضب مثله، ويكسر أشياء كثيرة في البيت. وتتساءل "فإذا كان حاله هكذا الآن فكيف سيصير عندما يكبر؟ سوف يصبح من الصعب السيطرة على تصرفاته، وساعتها حتى والده لن يستطيع ردعه، لأنه هو السبب فيما وصل إليه".
على عكس ذلك، يبين أكرم عبدالله، أنه يحاول دائما تلافي مشاعر الغضب أمام عائلته، وخصوصا أطفاله، فهو حريص على تفادي الغضب أمام أطفاله منذ أن غضب ذات يوم وقام بكسر جهاز تحكم التلفزيون، فقلده ابنه وكسر الهاتف النقال. وعندما هدأ سألته أمه "لماذا تصرفت هكذا؟" فكانت الإجابة "أنا معصب زي بابا، وبدي أكسر البيت، أنا زلمة!".
ويعلق أكرم قائلا "هذه الإجابة كانت صادمة، ولم أع أن أسلوبي في الحياة وتعاملي مع الآخرين سينعكس على طفلي في كل مناحي حياته".
ومن الناحية التربوية، تؤكد الاختصاصية التربوية رولا أبوبكر أن الأب العصبي، والأم العصبية يعلمان أطفالهما هذا السلوك من حيث لا يدريان، فإذا كان الأب والأم هادئين، فإن الطفل يتعلم منهما السلوك الهادئ؛ لأن الطفل، بطبعه، يتعلم منهما كل شيء، ويقلدهما.‏
وتلفت أيضا إلى أن الدلال الزائد ينمي في الطفل صفات الأنانية، ولذلك فهو يحب كل شيء لنفسه، وإذا لم تلب رغباته بسرعة غضب، حتى تستجاب طلباته. ومن المظاهر اللاإرادية للغضب قضم الأظافر، وترميش العين، أو مص الأصابع، أو عض الأقلام، وكل هذه الحركات عصبية مرجعها التوتر النفسي الذي يعاني منه الطفل.
وترى أنه لوقاية الطفل من العصبية يجب على الآباء والأمهات أن يعرفوا أن معظم الأطفال يعانون من ظاهرة العصبية، نتيجة حالة التوتر والقلق التي يرونها من حولهم في البيت، لذا يجب أن تسعى الأسرة للابتعاد عن حالة التوتر والعصبية، وأن يسودها التفاهم.
كما ‏يجب على الآباء أن يعودوا أبناءهم على الحرية، وعلى اتخاذ القرار بمفردهم، كي يعتمدوا على أنفسهم، حتى لا يكونوا اتكاليين. وعلى الآباء أن يكونوا خير قدوة في حياة أطفالهم، والعمل على إشباع حاجاتهم النفسية، حتى يشعروا بالأمان والطمأنينة، شريطة ألا يصل إشباع رغبات الطفل إلى حد الدلال الزائد أو المفرط، كما يجب تفادي ضرب الأبناء وتوبيخهم، خاصة أمام الآخرين.
ويرى اختصاصي علم النفس د.محمد مصالحة، أن التوتر العصبي كلمة شائعة لما يعرف علميا بـ"العصاب النفسي"، أما أسبابه فهي حقيقية وكثيرة، لكنها مجهولة أحيانا ولا يمكن تحديدها إلا عن طريق التحليل النفسي؛ إذ ثمة أسباب، كما يقول مصالحة، مرسبة، وأسباب مهيأة. فالأسباب المرسبة هي التي تنتج عن ميول فطرية للقلق والتوتر والعصبية، وقد تلعب الوراثة دورا فيها. وأما الأسباب المهيأة فهي التي تنتج عن الظروف الحياتية غير المواتية؛ كالصعوبات الأسرية والصعوبات في محيط العمل، وغيرها من العوامل، كالوضع الاقتصادي والاجتماعي، وما إلى ذلك. هذا إلى جانب عوامل أخرى، ومنها الأسباب العضوية، كزيادة إفراز الغدة الدراقية التي تؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر.
لكن كل هذه العوامل لا يمكن أن تكون مبررا منطقيا للغضب، فعلى كل عاضبٍ أن يغضب بعيدا عن أطفاله، كي لا يكسبهم هذا السلوك الخاطئ، وكي لا يعزز عندهم هذه التصرفات التي تنتقل إليهم بالعدوى السريعة.
فمن يغضب على زوجته أمام ابنه كأنه يقول لهذا الابن "تطاول على أمك مثلي، واغضب كما أغضب!".
وليس من علاج لذلك، كما يقول مصالحة، سوى محاولة إزالة الأسباب التي تؤدي إلى الغضب، إن وُجدت، ومحاولة إبعاد الطفل عن أجواء التوتر التي قد تنشا بين الأب والأم. وإن تفاقم الأمر وجب اللجوء إلى العلاج النفسي. وينصح مصالحة بالقيام بتمارين الاسترخاء، فهي فعالة جدا في علاج القلق، ويمكن تعلم هذه التمارين بواسطة الكتيبات والأشرطة التي تشرح كيفية الاسترخاء.
كما ينصح الشخص العصبي بممارسة الرياضة، لعلاج حالة القلق والتوتر العصبي، والتخلص من شحنات الطاقة السلبية، والترويح عن النفس.
Reactions

تعليقات