معاداة السامية هي عمل عدائي أو تحيز ضد المواطنين اليهود.
أما الصهيونية فتشير إلى الحركة التي سعت لإنشاء دولة لليهود في الشرق الأوسط، مشابهة للأرض التاريخية المزعومة لإسرائيل، وهو ما يعارضه المناهضون للسامية.
لكن البعض يقولون بإنه يمكن استخدام كلمة "صهيوني" كوسيلة لهجوم مستتر على اليهود، بينما يعارض آخرون هذا ويقولون إن الحكومة الإسرائيلية وداعميها يخلطون عمدا بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية لمنع انتقادها.
وكان حزب العمال البريطاني قد علق عضوية عمدة لندن السابق، كين ليفينغستون، بعد سلسلة تعليقات عن إسرائيل، منها أن هتلر، الزعيم الألماني الشهير، كان مؤيدا للصهيونية قبل الهولوكست.
وجاء هذا القرار بعد تعليق الحزب أيضا عضوية نائبته بالبرلمان عن برادفورد، ناز شاه، بعد الكشف عن تعليق سابق لها بدعو إلى "نقل دولة إسرائيل إلى الولايات المتحدة".
كما تعرضت الرئيسة الجديدة لاتحاد الطلاب الوطني، ماليا بوعطية، لانتقادات شديدة بسبب تعليقاتها عن الصهاينة.
ويقول الكثير من اليهود إن استخدام "صهيوني" كمصطلح مسيء لهم يعكس وجود موجة متصاعدة من التعصب والعنصرية الموجهة نحو اليهود.
وقال عوض مجلس اللوردات العمالي، مايكل ليفي، لبي بي سي نيوزنايت :"يمكن انتقاد دولة إسرائيل، لكن معاداة السامية، باستخدام كلمة "صهيوني" كشكل آخر لمعاداة السامية، لا يمكن التغاضي عنه بعد الآن."
ورد عليه آخرون، ومن بينهم ليفينغستون، بأن معاداة الصهيونية ليست مثل معاداة السامية، ومن الخطأ الخلط بين التحيز ضد اليهود وبين الخلاف القانوني مع ما تقوم به دولة إسرائيل.
ومع ذلك فإن الرافضين لمعاداة الصهاينة يشيرون إلى الانتقادات الشديدة لإسرائيل تتخطى أحيانا فكرة عدم الاتفاق مع السياسيات، لتنكر حق الدولة اليهودية في الوجود.
وقال عمدة لندن السابق لصحيفة ديلي بوليتكس :"لا خلط بين معاداة السامية وبين انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية ومعاملة الفلسطينيين."
ومن البديهي أن الفرق واضح بين أن يكون الشخص صهيونيا وأن يكون يهوديا.
فهناك صهاينة ينتقدون سياسات الحكومة الإسرائيلية، من بينها احتلال الضفة الغربية، وبناء المتسوطنات، وكذلك مسار الجدار العازل (الذي تبنيه إسرائيل داخل وحول الضفة الغربية والتي تقول إنه لصد المهاجمين الفلسطينيين، بينما يرى داعمو فلسطين إن الجدار وسيلة لسرقة ومصادرة الأرض).
وبالمثل، كان هناك معارضة يهودية للحركة الصهيونية، التي سعت لإنشاء وطن يهودي، قبل إعلان قيام دولة إسرائيل 1948.
والآن تعارض جماعات يهودية متشددة، مثل حركة ناطوري كارتا الرافضة للصهيونية، دولة إسرائيل، لأنها تؤمن بأن الدولة اليهودية الحقيقية ستقام فقط مع عودة المسيح.
وبالإضافة لهذا يشير البعض إلى أن الصهيونية تمثل مشروعا سياسيا يدعمه عدد من غير اليهود، بما في ذلك حكومات غربية ومسيحيون إنجيليون بالولايات المتحدة.
ولكن تنتشر على نطاق واسع أقاويل بأن مصطلح "صهيوني"يصبح الكلمة المرادفة لـ "يهودي"، لدى بعض الدوائر، وهذا التحيز ضد الشعب اليهودي يجري التعبير عنه باستخدام لغة معاداة الصهيونية.
وكان حزب العمال قد علق عضوية كاظم حسين، العمدة العمالي السابق لمدينة برادفورد، وذلك بعد مشاركة تعليقات على صفحته الخاصة على فيسبوك أشارت إلى "الستة ملايين صهيوني الذين قتلهم هتلر."
وقال أليكس تشالمرز، الرئيس السابق لنادي عمال جامعة أوكسفورد :"إن بعض النواب يستخدمون باستمرار كلمة "صهيوني"، رغم أنها تمثل إهانة عرقية."
وهوجمت رئيسة اتحاد الطلاب الوطني، ماليا بوعطية، بعد اكتشاف أنها شاركت، عام 2011، في كتابة مدونة لأصدقاء جماعة حملة فلسطين، قالت فيها :"جامعة برمنغهام تمثل نوعا من البؤر الصهيونية في التعليم العالي البريطاني."
كما هاجمت أيضا "ما تقدمه وسائل الإعلام التي يقودها الصهاينة". وقال منتقدوها إنها تردد أساطير معاداة السامية حول المؤامرات اليهودية للسيطرة على وسائل الإعلام.
من ناحية أخرى، فإنها تقول دائما إن توزيع اتهامات معاداة السامية تهدف لإسكات الأصوات التي تنتقد الحكومة الإسرائيلية أو لتحقيق أغراض سياسية أخرى.
ومن جانبها قالت بيا فيغ، من جماعة يهود مانشستر من أجل العدالة للفلسطينيين، لبرنامج جيريمي فين على بي بي سي راديو 2 إن "معاداة السامية تستخدم لإخماد وقمع مخاوفي ومخاوف الآخرين حول ما يجري للفلسطينيين."
وقالت الجماعة اليهودية الإشتراكية في بيان لها عقب تعليق عضوية ليفينغستون :"إن اتهامات معاداة السامية دائما ما كانت سلاحا موجها لمهاجمة قيادة جيريمي كوربين لحزب العمال."
على صعيد آخر يتساءل مؤيدو إسرائيل لماذا تتعرض الدولة اليهودية وحدها لانتقادات واسعة في حين لا تواجه دولا أخرى مثل إيران وروسيا والصين هجوما بسبب سجلهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأوضحت البارونة جوليا نويبيرغر لبي بي سي أن معاداة الصهيونية تعني أن "اليهود ليس لهم الحق في تقرير المصير، على عكس الآخرين".
وقال مارك والاس، الذي يكتب لموقع كونزرفاتف هوم، على أرض الواقع تعني معاداة السامية إما السماح لأعداء إسرائيل بمحوها أو "إنكار حق الملايين من اليهود الإسرائيليين في وطنهم وترحيلهم".
ويقول بعض مناهضي الصهاينة إن الصهيونية في حد ذاتها "أيديولجيا عنصرية"، بسبب طريقة تعامل دولة إسرائيل مع الشعب الفلسطيني، من وجهة نظرهم.
وتقول حملة التضامن مع فلسطين إنها تعارض جميع أشكال العنصرية، بما فيها التحيز ضد اليهود والتمييز العنصري والطبيعة الصهيونية لدولة إسرائيل.
على الرغم من أن حملة التضامن مع فلسطين تواجه اتهامات بالعنصرية لتوجهاتها المعادية للصهيونية.
وقالت بوعطية إنها رفضت مزاعم التحيز، "بالنسبة لي أخذ موقف من السياسات الصهيونية لا تعني أخذ موقف من كون المرء يهوديا، وهناك بشر من مختلف الديانات ينتهجون السياسات الصهيونية، وكذلك السياسات المعادية للصهيونية."
وتستمر اتهامات معاداة السامية تطارد حزب العمال، ، وأجبرت فيكي كيربي على التخلي عن ترشحها في الانتخابات البرلمانية بعد كتابتها تغريدة تشير إلى أن هتلر هو "إله صهيوني."
كما وصف جيري داوننغ، الذي طرده حزب العمال "السياسيين الصهاينة بالهيمنة على الطبقة الحاكمة في أمريكا وأوروبا."
كما اتهم النائب العمالي، جون مان، ليفينغستون بأنه "يعيد كتابة التاريخ" بسبب ما كتبه عن دعم هتلر للصهيونية.
قد ينكر القليلون وجود معادين للسامية يطلقون على أنفسهم معادين للصهيونية، أو من الممكن وجود من ينتقد إسرائيل دون أن يكون عنصريا أو متحيزا.
لكن الاتفاق حول كيف يمكن الربط بدقة بين الحالتين يبدو أمرا بعيد المنال.
تعليقات
إرسال تعليق