القائمة الرئيسية

الصفحات

ما هو XNA وما علاقته ب DNA




أضحت جزيئات DNA شيئا من ماض تقادم عهده، فقد ابتكر علماء البيولوجيا التخليقية منظومة من الجزيئات سموها زَنا XNA، تتمتع بجميع خصائص الحمض النووي الريبـي المنقوص الأكسجين (
) والحمض النووي الريبـي (RNA)، إضافة إلى قدرات خاصة أخرى. وتتيح جزيئات XNA هذه للعلماء إمكان إنشاء أنماط حياتية لا تعتمد على DNA لاستمرار بقائها وتطورها.
 
ويُبيِّن <.P هوليگر >[من مختبر البيولوجيا الجزيئية التابع لمجلس الأبحاث الطبية في كامبريدج بإنكلترا] أن «الحياة لا يمكن أن تنشأ من دون منظومة لتخزين ونسخ المعلومات الجينية genetic information، ولكن DNA وRNA ليسا متفردين في ذلك، بل يمكن لپوليمرات (متماثرات) polymers أخرى مماثلة - ستة على الأقل - أن تقوم بالوظيفة ذاتها.» ويضيف قائلا: «إن اعتماد الحياة النباتية flora والحيوانية fauna الأرضية على DNA وRNA دون غيرهما ناجم عن حادث عارض يعود إلى نشأة الحياة.»
 

 
والحروف XNA صيغة مختصرة للكلمات xeno nucleic acid، أي حمض نووي زينو (xeno تعني «أجنبي»). وكما في DNA، فإن للحمض XNA بنية تشبه سُلَّما ملتفا. ففي DNA تؤلف أربعةُ أسس نووية مختلفة درجاتِ السلم، ويرمز لها بالحروف A وC وG وT. في حين تؤلف مجموعات فوسفاتية وجذور سكرية جانبي السلم اللذين يعرفان أيضا باسم الفقار (العمود الفقري عند الإنسان) backbone. ويعكف العلماء منذ ثلاثين عاما على تعديل الجذور السكرية بغية تكوين أحماض نووية صنعية تصلح أدوات بحث في الطب لتطوير عقاقير يمكنها الارتباط بالدنا.
 
وفي السعي إلى صنع جزيئات XNA، لم يكتف <هوليگر> وزملاؤه بتعديل السكاكر في فقار جزيء DNA، بل استبدلوا بها جزيئات مختلفة تماما، كالهكسان الحَلقي cyclohexane والثريوس threose. ولا يقل عن إنجازهم هذا أهمية ابتكارهم إنزيمات يمكنها التفاعل مع جزيئات XNA لتأليف منظومة جينية genetic system متكاملة.
 
وتُمكِّن الإنزيماتُ جزيئاتِ XNA من القيام بما لا يستطيع أي من الأحماض النووية الصنعية القيام به: ألا وهو التطور. ففي الخلايا الحية يعمل إنزيم يدعى الپوليميراز polymerase على قص ولصق ووصل مكونات الدنا للحصول على المعلومات الجينية. ومن دون هذا التآثر يبقى الدنا معطلا عطل موسوعات متروكة للغبار على الرفوف. وقد تولى <هوليگر> برمجة مجموعة من إنزيمات الپوليميراز التي توجد في الطبيعة، لتحويل جزيئات DNA إلى جزيئات XNA، ثم بالعكس، منشئا بذلك منظومة مستحدثة لتخزين المعلومات الجينية ونقلها، وهذا بالذات هو أساس التطور. ومن بين أصناف XNA المبتكرة حمض نووي يتضمن جذور الهكسيتول المنقوص الهدروجين، تختصر تسميته بالحروف(HNA) ، أمكنَهُ الاحتفاظ بكوده الجيني genetic code على نحو موثوق به، بل تطور بحيث أضحى قادرا على الالتصاق ببروتين معين بدقة متناهية.
 
وحالما يتسنى <لـهوليگر> تحسين أداء جزيئات XNA وإنزيماتها، سيتمكن من الاستعاضة بها عن DNA وRNA في خلية حية. وقد يتناول الباحثون، على سبيل المثال، بكتيرة بسيطة التكوين، ويستعيضوا بجزيئات XNA عما تحويه من جزيئات DNA.
 
ولربما قام العلماء، بدلا من ذلك، بوضع جزيئات XNA ضمن خلايا أولية protocells قد تصير أساسا لأنماط حياتية جديدة يمكن أن تتطور بطرائق لا يمكن التنبؤ بها. وفي حين أنجز بعض علماء البيولوجيا التخليقية، من أمثال <.C .J فنْتر>، تقدما ملحوظا في إعادة كتابة الكود الجيني الحالي، فإن أحدا لم يتمكن حتى الآن من تكوين حياة صنعية تامة - أي حياة لا تعتمد بأي صورة على ما أتاحه لنا تطور الأنواع، بل على ما يتوصل إليه الإنسان من مخترعات.

 
ويؤكد <هوليگر> أن الأنماط الحياتية المعتمدة على XNA ما زالت بعيدة المنال، لكنه يدرك في الوقت نفسه ما يميزها؛ فهي لا تستطيع البقاء في الطبيعة فيما لو تسربت بعيدا عن المختبر، ما لم يوفر لها الإمداد المستمر بالإنزيمات الخاصة بجزيئات XNA. وكذلك لا يمكن أن يندمج الزنا ضمن جينومات genomes المتعضيات organisms الموجودة في الطبيعة، لأن إنزيماته الأصلية لا تستطيع تعرفها، إذ إن البكتيريا التي تُطوَّر استنادا إلى جزيئات الزنا لأغراض من قبيل تبديد بقع النفط المسكوبة أو استمداد الطاقة الكهربائية من المياه العادمة لن تكون قادرة على عرقلة عمل المتعضيات الأصلية.
 
وقد وجِد أن جزيئات XNA متممة DNA، ومع ذلك فهي متفردة بنيويا، وهذا يجعلها ذات فوائد جمة في أبحاث الطب والتقانة الحيوية والبيولوجيا. ويعتقد <هوليگر> بإمكان حقن جزيئات من XNA في جسم الإنسان للكشف المبكر عن علامات مرضية دقيقة تخطئها التقانات الراهنة.
 
وقام <.S بنر > [زميل في مؤسسة التطور الجزيئي التطبيقي في گينـزفيل بولاية فلوريدا] برفد أبحاث <هوليگر> عن طريق توسيع الألفبائية الجينية genetic alphabet وإضافة أساسيْن نووييْن جديديْن هما Z و P. وتسمح ألفبائية تضم المزيد من الحروف بتطوير طيف أوسع من الجينات؛ ومن ثم تصنيع مجموعة أكبر من الپروتينات. ويرى <بنر> أن «الغرض المنشود هو إيجاد نظم يمكن التحكم فيها كيميائيا، ولها سلوك النظم البيولوجية من دون أن تكون نظما بيولوجية بالفعل. وفي اعتقادنا أن بإمكانك عمليا تحقيق جميع ما يمكنك تخطيطه على الورق.»
 
Reactions

تعليقات