ما هو شرح هذه الأحاديث: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، ثنا يونس بن أبي إسحاق، أخبرني عمار الدهني، عن أبي الطفيل، عن محمد بن الحنفية، قال: كنا عند علي -رضي الله عنه- فسأله رجل عن المهدي، فقال علي -رضي الله عنه-: هيهات، ثم عقد بيده سبعا، فقال: ذاك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل: الله الله قتل، فيجمع الله تعالى له قوما قزعا كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد، يدخل فيهم على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون، ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر. قال أبو الطفيل: قال ابن الحنفية: أتريده؟ قلت: نعم، قال: إنه يخرج من بين هذين الخشبتين، قلت: لا جرم والله، لا أريهما حتى أموت، فمات بها، يعني مكة حرسها الله تعالى. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. يقول الإمام الفراهيدي في كتابه "العين" (3/ 133: وفي الحديث: يخرجُ رجل في آخر الزَّمانِ يسمى أمير الغصب، له أصحاب مُنَحَّوْنَ، مَطْرُودُون، مقصون عن أبواب السلطان، يأتونه من كل أوب، كأنهم قزع الخريف، يورثهم الله مشارق الأرض ومغاربها). وقال في (3/ 134):ويقال: يخرج في آخر الزمان رجلٌ أصحابُه مُحَسَّرون، أي مُقْصَونَ عن أبواب السُلطان، ومجالس الملوك، يأتونه من كل أوب كأنهم قزع الخريف، يورثهم الله مشارق الأرض ومغاربها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الأحاديث من الأحاديث التي يذكرها أهل العلم في الفتن، ولم نجد أحدا من العلماء شرحها شرحا كاملا، وإنما يذكر بعضهم ما ورد فيها من غريب الحديث، ونحن نذكر ما ورد من كلامهم في ذلك مما يتضح معه المعنى الإجمالي.
فقزع الخريف بمعنى قزع السحاب، وهي قطع السحاب المتفرقة.
قال ابن الأثير- رحمه الله- في النهاية في غريب الأثر: ومنه حديث علي: [ فَيجتمعون إليه، كما يَجْتمع قَزَعُ الخَريف] أي قِطَع السَّحاب المُتَفَرقة، وإنما خَصَّ الخريف؛ لأنه أوّل الشتاء، والسَّحابُ يكون فيه مُتَفرِّقاً غير مُتراكم، ولا مُطْبِق، ثم يَجْتمع بعضُه إلى بعض بعد ذلك. انتهى.
وقال الزبيدي في تاج العروس: وفي حَديثِ عَلِيَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ ذكر فتْنَةً فقال: ( إِذَا كَانَ ذلِكَ، ضَربَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه، فيجْتَمعُون إِليه كما يَجْتَمع قَزعُ الخَرِيف). قال الأَصْمَعِيُّ: أَراد سَيِّدَ النَّاس في الدِّين يَوْمَئذٍ. وقيل: ضرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه، أَي فَارَقَ الفِتْنَةَ وأَهلَهَا ( وضَربَ في الأَرْض ذاهباً) في أَهْل دينه. وذَنَبُه: أَتباعُه. وضَرَب، أَي ذَهَب في الأَرْض مُسَافِراً، أَو مُجَاهِداً. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: الضرْبُ بالذَّنَبِ هنا مَثَلٌ للإِقَامَة والثَّبَاتِ، يَعْني أَنَّه يَثْبُتُ هو ومَن يَتْبَعُهُ عَلَى الدِّين. وقال أَبو سعيد: وضَرْبُه بِذَنَبه: أَن يَغْرِزَه في الأَرضِ إِذَا بَاضَ كما تَسْرَأُ الجَرَاد، فمعنَاه أَنَّ القائمَ يَوْمَئذٍ يَثْبُتُ حتى يَثُوبَ الناسُ إِلَيْهِ، وحتى يَظْهَرَ الدينُ ويَفْشُوَ. انتهى.
وقال الزمخشري في الفائق: في الحديث: إن المسلمين كانوا يحتسبون الصلاة، فيجيئون بلا داع. أي يتعرفون وقتها ويتوخونه، يأتون المسجد قبل أن يسمعوا الأذان. يخرج آخر الزمان رجل يسمى أمير المعصب، أصحابه محسرون، محقرون، مقصون عن أبواب السلطان، يأتونه من كل أوب كأنهم قزع الخريف، يورثهم الله مشارق الأرض، ومغاربها. حسر محسرون: مؤذون، محمولون على الحسرة، أو مدفعون مبعدون من حسر القناع: إذا كشفه. أو مطرودون متعبون من حسر الدابة إذا أتعبها. من كل أوب. قال ابن السراج: معناه أنهم جاءوا من كل مآب يرجعون إليه، ومن كل مستقر. القزع : السحاب المتفرق. انتهى.
وأمير العصب معناه أمير العصابة، وهي الجماعة من الناس.
قال ابن الأثير في النهاية: ثم تكون في آخِر الزَّمان أميرُ العُصَب: هي جمعُ عُصْبة كالعِصَابة، ولا واحدَ لها من لفْظِها. انتهى.
والله أعلم.
اسلام ويب
تعليقات
إرسال تعليق