الأربعيني علي يعاني كثيراً من أحد زملائه في العمل الذي يعتبر أنه يعترض أكثر مما يعمل، فهو بغض النظر عن القرار الذي يتم اتخاذه في العمل سواء كان لمصلحة الموظفين أو ضدهم لا بد أن يعترض ويفسر الأمور بطريقة خاصة به.
ويشير الى أن شخصية هذا الشخص أصبحت معروفة لدى الجميع، فما إن يتفق كل الزملاء على شيء حتى لو كان بسيطا، مثل طلب وجبة الغداء يكون هو المعترض الأول، لافتاً الى أنه في البداية كانوا يأخذون برأيه من باب المجاملة، لكن فيما بعد بات لا أحد يكترث به، لأنه على كلا الحالتين سيعترض بغض النظر عن الأمر فهي خصلة لا يمكن أن تتغير.
وفي جلسات بين مجموعة من الأصدقاء، يناقشون فيها مواضيع الشأن العام، وحتى ما يجري في الدول العربية وفي العالم أجمع، يظهر واحد منهم، ليبدأ “بالتنظير”، عليهم، ومخالفتهم، واشعارهم أنهم لا يفقهون شيئا ولا علم لهم بشيء، وهو فقط الأدرى بكل ما يحصل.
ذلك الشخص، وفق ما يتحدث عنه صديقه سيف، يعتقد أن الرأي المخالف، وإن كان على غير قناعة، يؤكد على أهميته، ومكانته، وثقافته وعلمه، وفهمه لكل ما يدور حوله.
ويبين سيف أن هذا الشخص كان سيقول العكس، لو كان لهم رأي مثل رأيه من البداية! لأن ما يهمه أن يختلق رأيا في عقله لا يمت بصلة لما يقوله الآخرون، لإثبات مقولة “خالف تعرف”، ومحاولة التميز عن الآخرين.
الاختصاصي النفسي د. محمد حباشنة يبين أن هذه سمات الشخصية “السلبية العدائية” التي تميل الى الانتقاد والاعتراض وعدم الرضى والشكوى والنظرة الى الأفعال والزملاء بشكل يحمل دائماً المعنى السلبي.
كما ينظر صاحب هذه الشخصية الى أي فعل على أنه ليس انجازا، وفي حال اعترف بأنه انجاز يكون وراءه فعل خاطئ ويقزم من الأشياء عن قصد، وفق الحباشنة الذي يلفت إلى أنها شخصية لا تعمل وليس لها إنتاجية. يتكلم وينتقد دون أن يفعل شيئا.
ويشير حباشنة الى أن هذه الشخصية أكثر وجوداً في مجتمعاتنا العربية، تنتقد بدون فعل وبدائل، وهذا كله يعود لأساس تربوي واجتماعي.
ويعتبر أن التعامل معها يكون بالاجماع برفض السلبية وعدم اعطائها الاهتمام الكبير، فقد يشعر حينها بأن عليه تغيير أسلوبه، مبينا أن المشكلة تكمن في الأشخاص الذين يجاملون كثيراً، وكأنهم “يصبون على النار زيتا”، على اعتبار أنه ذكاء اجتماعي.
اختصاصي علم الاجتماع د. حسين الخزاعي يرى أن هذه النوعيات من الشخصيات تحب دائما الظهور والاعتزاز بالنفس على أساس القاعدة التي تقول “خالف تعرف”، وعلى أن رأيهم هو الرأي الصواب، ولفت النظر لآرائهم حتى لو كانت خاطئة.
ويشير الى أنهم يحبون الظهور والتفرد بالرأي وإلغاء آراء الآخرين، وهم أشخاص عدائيون يقمعون الرأي الآخر، ولا يحبون أن يناقشهم أحد، بل يرفضون رأي المجموعة، ويميلون إلى حب الظهور، والإثارة، ولا يعنيهم العمل بروح الفريق الواحد.
الاختصاصي التربوي د. موسى مطارنة يعتقد أن هذه الشخصية فردية، لا يمكن أن تتعامل مع الجماعة أو تندرج تحتها، كونها تتواجد في المجتمع على شكل سلبي دائماً تعطل الجهود والإنجازات وتقف أمام أي تقدم أو إنجاز. ويشير إلى أنها شخصية نشأت في بيئة اجتماعية “منبوذة”، ثقافتها بالغالب قليلة ومضطهدة داخل أسرة غير مستقرة، فتنتج هذه الإسقاطات في محاولة لإظهار الذات، وتعطيل المسيرة بشكل مستمر والتسبب دائما بخلل ما.
ويعتبر أن الأفضل أن يتم استيعابها باتباع أسلوب التصويت في القرار وأخذ رأي الأغلبية، مبيناً أن هذه الشخصية إذا تواجدت في بيت أو مؤسسة تخلق أزمة كبيرة لذلك لا بد من معرفة كيفية التعامل معها.
الغد
تعليقات
إرسال تعليق