«اللحوح» نحلة تحوم فوق الرأس ولا تكف عن الطنين، قد يختلف البشر الذين يعيشون في هذه الدنيا كليا في طباعهم عن بعضهم البعض حتى وان كانوا أخوة في الدم، فهناك من يبحث عن سعادته ويحصل عليها من خلال جهد ذاتي، في حين ان البعض يربط سعادته بالآخرين. وقد يتعلم الانسان قيمة الصمت عندما يستمع الى الثرثار، وقيمة الاجتهاد عندما يرى الكسول، وقيمة التواضع عندما يعاين كبر المتكبر، وقد يتعلم ايضا ان الاصرار على النجاح والمثابرة امر مطلوب، يشير الى ان صاحبه ذو شخصية مثابرة ومستقلة، ومن المؤكد ان الشخص الذي يبالغ في الالحاح يجلب على نفسه ردة فعل سلبية من الاشخاص المحيطين به؛ هذا لأن الالحاح صفة غير محببة ومنفرة جدا. الزن كوثر.ك، التي تعيش معاناة خاصة مع شقيقتها والتي تلح دائما على أتفه الأمور، تشير إلى أن هذا الطبع ينتج عن شعور في ذات الشخص بالنقص حيال شيء ما، فيحاول تعويضه بطلباته المتكررة من الآخرين باستمرار وبدون أي جهد يبذله. وبالمقابل، لا ترفض كوثر طلبات شقيقتها، كمحاولة منها للخلاص من كثرة الإلحاح، الذي يسبب لها الإزعاج والتفكير الطويل، مشيرة إلى أنها حاولت أن ترفض بعض الأمور، إلا أن كثرة «الزن» أدت إلى تجاوبها مع إلحاح شقيقتها. في حين ترى عبير .خ، والتي تعلق الشخص بمبدأ الإلحاح إلى الوالدين، مؤكدة أنهما المسبب الرئيسي لمثل هذا التصرف غير اللائق مع الآخرين، فعند تلبيتهما طلبات هذا الابن منذ صغره، وبالتحديد عند بكائه، تتولد عنده هذه العادة شيئا فشيئا، حتى تصبح تدريجيا من مكونات شخصيته. شخص اناني ومن وجهة نظرها، فإن الشخص اللحوح أناني، لا يتقبل آراء الآخرين، وإن كانت صحيحة، مما يتسبب بانطوائية الأشخاص المتعرضين للإلحاح، مؤكدة أن ابنها الصغير مؤيد كان لحوحا، إلا أن الصرامة التي استخدمتها معه في عدم تلبية كافة الأمور له عدلت من سلوكه. أما ابراهيم .ع فيعاني من كثرة إلحاح زوجته، ويقول «تنقلب حياتي إلى جحيم بمجرد محاولة زوجتي طلب شيء معين، حتى ولو كان بسيطا، كونها تظل تلح حتى أصل ذروة ضجري، مما يسبب لي الضغط النفسي، وأضطر إلى قبول تنفيذ الأمر. ولا ينكر الى أنه استخدم أكثر من أسلوب مع زوجته، ومنها الحوار في محاولة لإقصائها عن الإلحاح، وإقناعها بأنها طريقة غير مناسبة، إلا أنها تصر على أن سلوكها طبيعي. تفعل العكس أما هالة .ص، فهي أم لثلاثة أطفال لحوحين، مما جعلها وفق قولها تكره شخصية اللحوح، خصوصا إذا كان الفرد راشدا وعاقلا، موضحة أنها أصبحت ترى أن الإلحاح يؤدي بها إلى اختيارات خاطئة أغلب الأحيان. مشيرة إلى أن الإلحاح يقودها لتفعل عكس ما يقوله الشخص الملح، حتى ولو كان فعلا سيئا، موضحة أن الأمر بات يشكل لها ضغوطات ومشكلات بتلك الاختيارات، وهذا نتاج معاناتها الطويلة مع أطفالها الذين بنظرها استمدوا تلك الصفة من زوجها. الحماس سبب ايضا احمد (موظف) قال: انه غالبا ما يقودنا الحماس لتحقيق اهدافنا الى عدم مراعاة الاصول في طريقة ايصال رغباتنا الى الاخرين، وقد يجعلنا هذا الحماس نرى تصرفاتنا عادية وضمن المعقول، ولكنها تكون في حقيقة الحال تصرفات منفرة جدا، فعلى سبيل المثال عندما نكون ننتظر خبرا من شخص ما تجدنا نداوم على الاتصال به وبشكل متكرر ما يجعلنا نقع ضمن دائرة ثقال الظل، وغالبا ما يكون هذا الالحاح عن حسن نية، لكن هذا لا ينفي انه سلوك مزعج وغير محبب. ويبين أسامة انه يشعر بضيق من الاشخاص اللحوحين الذين ليس لديهم القدرة على إدراك حدود التعامل المناسبة مع الاخرين، حيث تصادفهم صعوبة كبيرة في الإبقاء على مسافة فاصلة بينهم وبين هؤلاء الأشخاص، كما انهم احيانا يصرون على فعل بعض الاشياء التي يعتقدون ان فيها خيرا لهم بينما تكون هي على العكس تماما. الحصول على ما ارغب اما إحسان .و، تقول: انها من الاشخاص الذين اذا ارادوا شيئا يستمرون في المطالبة به حتى يحصلون عليه، وتضيف انا لا اجد ان هذا امر معيب لأنه يجلب الخير ويجعل الشخص يحصل على ما يريد، وعبرت عن قناعتها بأن الذين يستسلمون قبل تحقيق اهدافهم هم اشخاص ضعفاء، وانها لا ترغب بأن تحسب ضمن هؤلاء الاشخاص. رأي العلم تقول الدكتورة فاطمة الرقاد اختصاص علم اجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية إن الأهل هم السبب الرئيسي لجعل اي شخص يتصف بصفة الالحاح، وذلك منذ مرحلة الطفولة، إذ يبدأ الاهل في الاستجابة لجميع طلبات طفلهم الصغير المدلل فتكون النتيجة انه ينضج وقد زرع فيه حب الحصول على كل ما يريد، وتؤكد الدكتورة الرقاد ان هؤلاء الاشخاص يعتقدون ان كثرة الإلحاح هي الطريقة المثلى لنيل المطالب، ويعتقدون ايضا ان حصولهم على ما يريدون هو انتصار عظيم وطريقة مثالية لاثبات الشخصية، وبينت الرقاد ان الإلحاح يتم التغلب عليه في الاصرار على عدم الاستجابة للشخص الملح حتى يفقد الأمل فى تحقيق الاستجابة. مروة .خ، تبين أن الإلحاح هو أن تطلب شيئا قد لا يقبله الطرف الآخر لأسباب أو ظروف واقعية، مع تكراره مرات متعددة خصوصا مع عدم استجابة الآخر. وقد يتحول الطلب إلى أمر مرفوض بتاتا من قبل الآخرين مع كثرة الإلحاح، والتي تبين أن الطلب قد يتحول إلى منغصات تؤثر على حياة العائلة بين الأزواج وأفراد الأسرة. وتوضح أن على الأفراد الذين يواجهون أشخاصا لحوحين، أن يتعاملوا معهم بتهذيب السلوك من خلال اتباعهم النصائح وعرضها على اللحوح، وهي مواجهة الشخصية بحقيقته وإخباره أنه شخص لحوح. -
الدستور
الدستور
تعليقات
إرسال تعليق