القائمة الرئيسية

الصفحات

تذكر: وطن في قصيدة



 وطن في قصيدة، وجرح لا يتسع له وطن، وطن لا تجد له معنىً في قواميس ومعاجم خفافيش الظلام جميعها أبداً…
تذكّر … كلمة تختزل الوطن بعذابات أطفاله وآلامهم وآمالهم، بتشردهم ووجعهم وخذلانهم، بفقرهم وجوعهم وأسمالهم، برغيف خبزهم اليابس المغمس بالدم، بمخيمات لجوئهم المتعبة، بدموعهم تسائلنا تعاتبنا تستجدينا، بأصابعهم الصغيرة تخفي الوجل والرعب في عيونهم.
تذكّر … كلمة تتهجأ النوارس أبجديتها، وهو ما لم تتعلمه في المدارس، لا … ولا وردت في نصوص المآذن والكنائس، بل تلقنوها قهراً وقسراً ودسائس :
تذكّرت ليلنا العربي والسنين الخواليا
 وأياماً لا يعدو فيها على الدهر عاديا
 إن العوادي تعدو على دهرنا وعلينا، نراها كل يوم في عيون أطفالنا الخائفة المترقبة، من نازلة ما قد تنزل بأوطاننا، أراها في عيني طفلي الصغير وفي أسئلته المتكررة، عن وجود الموت مختبئاً بين ظهرانينا، فأُطمئن صغيري وأهدهد قلقه حتى يغفو، فنحن بخير يا أمي، وهناك عيون ساهرة عظيمة وجبّارة لا تغفو كي تنام بسلام، عيون ترفرف حولك تحميك بالهدب إن حضرت روحها، وبالسهر المقيم فوق السحاب إن غابت، نم يا صغيري نم، واحلم إن استطعت بحمامة بيضاء تنشر جناحيها فوق سريرك، وغصن زيتون أخضر يزهر زيتاً وهّاجاً، علّه يضيء هذا الظلام ويهزمه، نم يا صغيري نم، واحلم برفاق لك في القدس ودمشق وبغداد وصنعاء، كي يشاطروك الحلم الجميل الذي تستحقون.
من أي حدب جاءنا هذا البلاء، وفي أي ليل نبت وترعرع، وأية قلوب سوداء تلك التي أنبتته؟!!! وكيف اجتاح أوطاننا وسكن في الحواري والأزقة والخرائب؟؟
 ليتهم يتذكّرون أن ما تزرعه أيديهم، سيحصدونه بأيديهم حتماً، وأن الحقد والكراهية التي يتنفسونها، ستخنق أنفاسهم الكريهة بدّاً، وأن النار التي حرقوا بها الأبرياء والرصاص الذي غرسوه في قلوبهم، سترتدّ وبالاً عليهم، بل وسيقتّلون بعضهم بعضاً، وسيخرّبون بيوتهم بأيدهم أيضاً، ولن يجدوا لهم قبوراً، وستظل أرواحهم هائمة في الفيافي والأصقاع، ترتجف وتنوح باحثة عن مستقر، ولكن أنّى لها المستقر؟؟!! وقد ضيعت بوصلة الطريق في مبتداها، فكيف لها أن تهتدي إلى منتهاها؟؟!!
متى سنتقن الفرح يا وطني ؟؟!!! أم أن الفرح لا يليق بنا الآن !!!! في زمن تضيق به الأرض على أبنائها أو تكاد، والسماء كذلك تضيق وإن رحبت أو تكاد، زمن ضاق به قابيل بهابيل، وكلما أرداه كشّر عن أنيابه وأوغل في وحشيته، وعميت بصيرته قبل بصره ونسي أخوّة الدم، وعاث في الأوطان البريئة تخطيطاً وتدبيراً، وابتدأ بأخيه من شاركه اللقمة وتقاسمها معه، فخان نفسه وتنكّر لوجهه، بعد أن أدمن تعاطي الموت، وتربع على عرش الخراب.
إن من يتقن الفرح هو الذي يستحق اعتلاء صهوة الحياة، وليس من يتقن الموت والدمار، من يتقن القتل والتنكيل والتكفير !!!
صغارنا هم من يستحقون الفرح والحياة، ويستحقون الأمن والسلام، وأمهات الشهداء أمهاتنا هن من يليق الفرح بهن، فلهن الفرح والسلام.
خولة مغربي
Reactions

تعليقات