يطغى اللونان الأبيض والأسود على حياة البعض بحيث يصبح لا وجود للون ثالث في حياتهم. فنظرتهم لأنفسهم ولمن حولهم تكون محكومة دائما بهذين اللونين. فعلى سبيل المثال فإن هؤلاء الأشخاص يحكمون على كل من يقابلونه بأنه إما جيد أو سيء.. إما قوي أو ضعيف.. إما ذكي أو غبي.. إما أن يكون مصيبا أو مخطئا!!
عند امتلاك عقلية اللونين الأبيض والأسود فإنه يصبح من السهل أن ينتقل المرء بلحظات من حالة السعادة إلى حالة الاكتئاب كونه مقتنع بضرورة إما الحصول على كل شيء، أو لا شيئ، حسبما ذكر موقع "dumblittleman". وبالتالي فإن هذه العقلية، النابعة في معظمها من تجارب المرء في طفولته، تؤثر سلبا على درجة سعادته فضلا عن سيطرتها حتى على علاقاته بمن حوله.
يعيش صاحب عقلية اللونين الأبيض والأسود في حالة من الانتظار والترقب للأسوأ، وأن غالبية الناس لا يمكن الوثوق بهم بينما يوجد قلة من الناس الذين يمكن الاعتماد عليهم. هذه العقلية تعتبر أحد أنواع الوسائل الدفاعية التي يتبناها البعض عند مواجهة شدائد الحياة وتحدياتها. لكن هذه العقلية في الواقع تمنع صاحبها من رؤية حقيقة الأشياء من حوله.
عند امتلاك المرء لعقلية اللونين الأبيض والأسود فإنه يقوم، وبشكل لا إرادي بتضخيم الأحداث بحيث يراها إما في غاية الروعة أو في غاية السوء. الأمر الذي يظهر وبوضوح ابتعاد المرء عن الواقع من خلال نمط التفكير هذا، فعلاقته بشريكة حياته لا يجب أن تكون إما ناجحة بكل المقاييس أو مدمرة. كذلك فالناس الذين يقابلهم هنا وهناك ليس بالضرورة أن يكونوا غاية في الذكاء أو قمة في الغباء، فجميع البشر لديهم نسبة من الذكاء ويحملون نقاط قوة وضعف ولديهم إيجابيات وسلبيات أيضا.
يجب على المرء أن يسعى لإقناع نفسه بعدم قدرته على تصنيف كل ما يمر به إما في خانة الأبيض أو خانة الأسود، وعندما يقنع بهذه الحقيقة سيجد نفسه قد تحرر من هذا النمط المزعج من التفكير.
عندما يصل المرء لهذه النتيجة سيصبح أكثر سعادة وتقبلا لكل ما يمر به من أحداث مختلفة. فمجرد حدوث موقف لم يرضه فهذا لا يعني أن هذا الموقف سيفسد علاقاته أو سيضطره لترك وظيفته مثلا، فالمشاكل تحدث في كل مكان ولكن ليس بالضرورة أن تستمر. لذا فإن التحرر من عقلية الأبيض والأسود سيفتح المجال ليتقبل المرء الألوان الأخرى في هذه الحياة مما ينعكس إيجابا على تصرفاته ونظرته للأمور بشكل عام.
اقتناع المرء بسلبية عقلية اللونين الأبيض والأسود يعتبر الخطوة الأولى في التحرر منها، لكن لا يجب أن يتوقع المرء حدوث معجزة تنقله بين ليلة وضحاها من عقلية متطرفة بأحكامها لعقلية منفتحة ومتقبلة لما يمر بها من أحداث، لكن يجب أن يعلم المرء بأن أي خطوة، مهما كانت صغيرة، باتجاه التحرر من هذه العقلية تعتبر إنجازا يستحق الرضا والحماسة للسير قدما لغاية التحرر الكامل منها.
تعليقات
إرسال تعليق