ومعرفة الذات تؤدي إلى العلاج من المشكلات والأعراض النفسية والضغوط وتجعل المرء كما يقول فرويد قادرا على العمل والإنتاج، وهما أكبر مطلبين للمجتمعات والدول والأفراد بطبيعة الحال، ويمكننا ببساطة تقدير الخسائر والمكاسب المتأتية من الصحة الذهنية والنفسية، فالتوتر والإدمان على سبيل المثال يمثلان هدرا كبيرا في الموارد وضغطا هائلا على حياة الأفراد وسعادتهم.
ولكنا لأجل ذلك نحتاج إلى قدرة كبيرة على الاستماع والإصغاء لأنفسنا وللآخرين أيضا وألا نهرب من ذواتنا، وهذه عادة إنسانية لافتة للاهتمام، لماذا لا يحب الإنسان أن يكون وحيدا؟ ويفضل أن يكون بصحبة أي كان على أن يكون وحيدا وكأن صحبة الذات صحبة سيئة، وفي المقابل فإن السعادة تبدو في الفلسفة البوذية السائدة في الشرق مستمدة من قدرة الإنسان على الوحدة والإصغاء إلى داخله.
ومن أهم مداخل تحليل الذات ومعرفتها التجارب التي يمر بها الإنسان، وبخاصة في مرحلة الطفولة والنشأة، ويعتقد أنها تجارب تشكل الإنسان وتصوغه، ولكنها ليست قدرا في نتائجها -وهنا تكون أهمية المعرفة والاستماع إلى الذات- فقد يستطيع الإنسان أن يعالج نفسه ويجعل منها ما يريد أن يكون بدلا من أن يستسلم للعيوب والعاهات التي أصابته بسبب تجاربه، ولكنه يحتاج أولا أن يدرك مشكلته ويعي تماما أنه يعاني من إعاقة ذهنية أو نفسية، والواقع أن معظم الناس كما يقول المختصون وبنسبة تصل إلى 75% يعانون على نحو ما من ضغوط ومشكلات نفسية، وما من سبيل بالتأكيد للعلاج والارتقاء سوى أن يتعلم الإنسان كيف أن يعالج نفسه وقبل ذلك أن يفهم مشكلاته، ويدرك أنه يعاني من أعراض مرضية يحتاج لمواجهتها.
يقول إريك فروم: "عندما أحلل نفسي، وهذا ما أفعله يوميا أحاول عامدا أن أشعر بما كنت أشعر به وأنا في الخامسة وأنا في الخامسة عشرة، أحاول أن أحافظ باستمرار على صلة مفتوحة بطفولتي، وأن أبقيها حية، لأنها تساعدني على أن أتعرّف وأدرك الأمور التي تجري الآن فيّ وأنا غير مدرك لها".
قد يعجبك ايضا
صحيفة الغد
تعليقات
إرسال تعليق