القسوة والقطيعة التي تأتي من الغريب تكون مؤلمة، لكن الألم يكون أشد قسوة في حال كان من شخص مقرب نعرفه وتربطنا به علاقة وقوية.
فحين يكون مصدر الأذى من أقرب الناس إلينا بحسب خبير العلاقات والعاطفية والمرشد الروحي ديباك شوبرا، تصبح الأمور أكثر صعوبة وتكون الأصابات أكثر ايلاما وعمقا، لأن الشخص الذي ينبغي ان يكون مصدرا للحب بات مصدرا للألم وعكس كل ما يتوقعه المرء.
وبحسب موقع اوبرا وينفري فإن في كل علاقة هنالك احتمالية التعرض للاذى والألم، واكثر الاسباب الشائعة التي تجلعنا نؤذي بعضنا البعض هي ان افكارنا عن الاذى تختلف ولا تتطابق وما يراه احد الطرفين بانه مؤلم لا ينطبق على الطرف الأخر.
وبحسب شوبرا يرتبط ذلك بما تعلمناه حين كنا اطفالا ان نتقبل ما يحدث في الحياة العائلية وكل ما يدور بها هو امر طبيعي، وننسى ان كل عائلة تختلف عن الاخرى فما يكون طبيعيا في عائلة لا يكون مماثلا في مكان اخر وهكذا دواليك.
ومن هنا فإن هذه الاختلافات بين ما هو "طبيعي" وما يمكن ان يكون امرا كبيرا وقاسيا تبدأ المشكلات بين الناس، ومن الامثلة على هذا ما يكون في عائلة مثل الصراخ على بعض امرا طبيعيا قد يكون في عائلة اخرى امرا يدل على العدوانية والكراهية.
وهنا يجب على الانسان ان يتأقلم حين يتعرف على الاخرين بصورة لا تؤذي كينونة الفرد، فهنالك اشخاص يتقبلون بعض التصرفات التي لا يحبونها من الاصدقاء، ولا يدافعون أو يعبرون عن استيائهم من هذه التصرفات، ومع مرور الوقت تكون أنت من منحتهم الفرصة لإيذائك.
والخطأ يقع على الطرفين، فمن هم حولك يعززون شعورهم بالسيطرة والهيمنة بالسخرية أحيانا أو بالمزاح الثقيل، وحتى منهم من يستمتع بالإهانات والتعليقات، فيما أنت تقف من دون فعل أي شيء، لأنك مسالم، وتعتقد أن ما يجري جزء من المزاح، حتى تخرج الأمور عن السيطرة ويصبح الوضع جديا وهنا لا ينفع اللوم.
واحد اهم عوامل تجنب التعرض للاذى يرتبط بمراقبة الحدود، واحترامها للجميع وهي تختلف من فرد لأخر، وعلامات احترام هذه المساحة لكل فرد تشمل بحسب شوبرا:
-الشعور بالأمان وجعل من حولك يشعر به ايضا
- تتوقع ان يحترم الاخرون رأيك، حتى لو لم يتفقوا معك.
-تدرك ان لكل شخص مناطق حساسة عاطفيا، والتي تحتاج لعناية واهتمام دقيق ورقيق.
-لا تشير الى اخطاء الاخرين، ولا تقوم بالبحث عن اخطاء الاخرين ولا تعظم من اخطاء شخص معين وتنهره.
-تجيد الاستماع حتى لو لم تتفق مع الطرف الاخر، وتجيد التعاطف مع الاخرين وتسعد لنجاح غيرك.
وإن كانت اي من تلك الامور متوفرة في محيطك فهذا يعني انك قادر على الاحترام والعيش وعدم ايذاء الاخرين، لكن في بعض الاحيان الصورة تختلف ولو كنت تشعر بما يلي فهذا يعني انك لا تدرك ما هي حدود الاخرين:
-تخفي نقاط ضعفك خوفا من تعرضك للسخرية من الشخص المقابل حتى لا يقوم باستغلالك وكشف امرك. وفي الداخل تشعر بان التعرض للاذى هو نفس الشعور بالضعف. وتتوقع ان يتم رفضك في حالة وقفت لنفسك ودافعت عما تؤمن به.
-تشير لاخطاء الاخرين، وتتصيد اخطاءهم ولا تستمع للأخرين الا لتقوي حجتك في الجدال حول اخطائهم .
-تلقي باللوم على الاخرين وتحكم عليهم وتظن بانك على حق طوال الوقت، وتميل للاندفاعية حين لا تشعر بالامان وتتعزز الحاجة لديك لتبرير نفسك.
- موقفك الافتراضي هوالرفض بدلا من القبول والغيرة شعور مرافق لك حين ينجح اخرون من حولك.
وما تتضمنه القائمتين اعلاه هي خطوط في احترام الحدود وهي افضل طريقة لحماية نفسك من التعرض للضرر، وفي الحياة كل شيء يأتي على جرعات صغيرة، وما يجب أن تدركه أنه يجب أن لا تمنح الشخصيات احتراما أكثر مما ينبغي، فهذا يتيح لأي شخص استغلالك، وقلب الأمور لصالحه، بحيث يكون متأكدا أنك لن ترد أو تقف لنفسك، لأنك تحترمه، وهنا يصبح الاحترام خوفا، بل تعامل مع من حولك بحيث تبدي الاحترام لمن يبديه لك، وتضع الخطوط لمن يحاول تخطي ذلك.
الحل يبدأ دوما من الداخل، ففي هذه الأوضاع لن يساعدك أحد، بل أنت من ينقذ نفسك، أو من يرسلها للهلاك بحسب ما تخطوه وما تقرره وما تسعى إليه، لذا اسع لأن تكون قويا لا ضعيفا، فالاحترام لا يعني أن تسكت عما لا يعجبك وتقبل الإهانات والانحناء، بل يعني أن تقف لنفسك وتفرض صورتك الحقيقية، وأن تتعامل مع الناس كما يعاملونك من دون إهانة لفظية أو ردود فعل درامية، بل حوارية عاقلة توصل ما تريده.
وتذكر أنك أنت من يفرض هيبته وليس الآخرون من يحددون ذلك، وأنت من ترسم صورتك التي أنت تعكسها بتعاملك، وحقيقة تقبلك لما يدور حولك، وتعاطيك مع الظروف، فافرض نفسك بثقة وتقدم.
اسراء الردايدة
تعليقات
إرسال تعليق