القائمة الرئيسية

الصفحات


 مخدارت رقمية؟! Digital drugs
 عنوان أثار دهشة واستغراب وحفيظة كثيرين قبل أيام قليلة بعد بث تقرير تلفزيوني حقق نسبة مشاهدة عالية عن “المخدرات الرقمية”؛ حيث لاقى اهتمام الناس واندهاشهم بشكل كبير واستغرابهم في الوقت نفسه، ما جعله يتداول على مواقع التواصل الاجتماعي ويتناقله الناس بصورة سريعة جداً.
وفي الوقت الذي يفيد فيه التقرير بأن الشباب باتوا عرضة للخطر بسبب انتشار ما يطلق عليه “المخدرات الرقمية”، أكد أطباء مختصون أنها غير مثبتة علميا رغم الأضرار التي قد تتسبب به من آثار سلبية مدمرة كإحداث خلل وعدم تركيز في خلايا الدماغ فضلا عن أضرار في الأذن. و”المخدرات الرقمية” منتج يسوق عبر شبكات الانترنت من خلال موقع الكتروني عالمي ومعروف، يطرح ملفات mp3 تحتوي على نغمات صوتية غير سمعية يتم تحميلها على الانترنت يسمعها الانسان بكل أذن بتردد مختلف عن الثاني، تؤدي بعد سماعها ألى إحساس المرء بشعور وأعراض من يتعاطى المخدرات.
وتباينت ردود الأفعال على التقرير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين غير مصدق للفكرة على الإطلاق وأنها “غير منطقية” وفيها نوع من المبالغة، وبعضهم استهجن الموضوع، في حين تقبل البعض وجود مثل هذه الأمور في هذا الزمان، في ما يتخوف مختصون من أن يقود هذا النوع من الملفات الصوتية إلى إدمان لدى المتلقي على المخدرات الحقيقية.
وتعمل هذه الترددات على حث الدماغ على عمل موجات دماغية تؤثر على الحالة النفسية والمزاجية للإنسان فيشعر شعورا مشابها لمتعاطي المخدرات، وفق التقرير الذي بين أن كل الدراسات والتقارير الطبية العالمية أكدت خطورة هذه المخدرات، لأن لها نفس تأثير المخدر على الشخص.
وأوضح التقرير الذي نشرته محطة “MTV” اللبنانية، أن الموقع الالكتروني الذي يروج للمخدرات لا يخفي طبيعة المنتج على الإطلاق، ويطلق عليها أسماء معظم الحالات التي تدل على مضمونها، وتتراوح كلفة شراء الملفات وتحميلها على الأجهزة بين 3 و30 دولارا، ما يسهل انتشارها بين ذوي الدخل المحدود.
ويعتبر اختصاصي الطب النفسي د. محمد حباشنة، هذا الشكل من الإدمان من حيث آليته وعمله “غير معروف حتى الآن وغير مصنف عالمياً”، مبيناً أنه قد تكون هناك موجات تدعو لحالات الإيحاء التي تربك الدماغ والتفكير، خصوصاً وأن الشخص يدخل وهو مهيأ لذلك ولديه فكرة عما سيحدث، بالتالي قد يتصرف بناء على المعطيات الموجودة على الصفحة، ويدخل نفسه بالحالة تماماً كون هذه التشنجات قد تحدث لأي شخص يهيئ نفسه لمثل هذه الحالة.
ويشير حباشنة إلى أنه قد تكون هناك موجات صوتية تحدث إرباكات في مكان الدماغ، لكنها ما تزال “غير معروفة وغير موثقة علمياً ولا في الطب النفسي”.
الا أن وجود مثل هذه الظاهرة بحاجة الى وقفة علمية وقانونية ومعرفة ماهيتها، بحسب حباشنة، الذي يبين أنه من الوارد أن يكون “نوعا من الإيحاء والموجة الموسيقية تستفز جهازا معينا من الدماغ، الا أن ذلك يدخل في التوصيف والشخص يهيئ نفسه لذلك وبالتالي سيحقق النتيجة المطلوبة منه”.
الى جانب أن هناك أشخاصا يطلق عليهم أنهم “قابلون للإيحاء” وهم الأشخاص الذين يدخلون بسهولة بهذه الحالات مثل حالة التنويم على سبيل المثال، لافتاً الى أن ما ذكر “غير كاف” على الإطلاق.
ويضيف حباشنة، أنه بالنسبة للمعنى العصبي الذي تحدثه هذه الموسيقى، فإن كل واحدة من هذه السماعات تعطي موجة مخالفة للموجة الثانية مما يحدث استثارة متناقضة لنفس المركز العصبي، وتعطي رسالة مخالفة تربك الإحساس بالأشياء والتصور بها الى جانب ما تحدثه من إرباك لحالة السمع والمزاج والسلوك.
من جهته، اعتبر رئيس الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات  موسى الطريفي “أن التقارير الإعلامية حول موضوع المخدرات الرقمية بغالبيتها حملت معلومات مغلوطة وتسببت بدون قصد بالترويج لهذا النوع من الملفات الصوتية”.
وبين الطريفي لـ”الغد”: “في واقع الأمر، هذه الملفات ليست بموسيقى وليست كذلك نوعا من المخدرات، إنما هي أصوات ثابتة شديدة الإزعاج شبيهة بأصوات الآليات والمعدات الصناعية الثقيلة وتتكون من موجات صوتية مسموعة وأخرى غير مسموعة، تتسبب بهلاك للخلايا العصبية والدماغية”.
وتابع “في واقع الأمر، الاستماع لهذا النوع من الأصوات لا يسبب الإدمان، لكن له آثار سلبية مدمرة كإحداث خلل وعدم تركيز في خلايا الدماغ، فضلا عن أضرار في الأذن”.
وبين أن “الاستماع لهذا النوع من التقسيمات الصوتية يكون من خلال السماعات؛ إذ إن الذبذبات الموجهة للأذن اليسرى تختلف عن تلك الموجهة للأذن اليمنى”.
وزاد “المخاوف في حقيقة الأمر من أن يقود هذا النوع من الملفات الصوتية إلى إدمان لدى المتلقي على المخدرات الحقيقية، خصوصا أن المتلقي قد لا يشعر بالنشوى أو الشعور الذي يرغب بالوصول اليه فعليا فيلجأ إلى المخدرات الحقيقية”. وتابع “في واقع الأمر لم يتم تشخيص أي حالة إدمان رقمي في الأردن”.
وبين “أن الإشكالية في ما يسمى بالمخدرات الرقمية متاحة على شبكة الانترنت، كما أنها غير محظورة لا في الأردن ولا في أي دولة من العالم، خصوصا أنها علميا وطبيا لا تعد نوعا من أنواع المخدرات رغم خطورتها الشديدة”.
وكان التقرير قد أشار إلى خطورة هذا المنتج والتي تكمن في أنه يمكن استخدامه في أي مكان شريطة أن يملك الشخص جهاز كمبيوتر وسماعة، وتبدأ عملية التخدير السلبي على الجسم والتي تصل لتشنجات وحركة غير اعتيادية للجسم كونها ذبذبات تضرب على الدماغ مباشرة.
وقد باتت تظهر في لبنان حالات ويتم علاجها نفسياً وليس جسدياً، الا أنها لم تتعد الحالتين حتى الآن مقابل العدد الكبير الذي ظهر في تركيا.
الا أن جراح الدماغ والأعصاب د. يوسف عريقات، استبعد حدوث مثل هذا الأمر، واعتبر أن هذه الترددات لا بد من أن يصاحبها شيء نفسي حتى يتخدر الشخص عليها مثل الخوف أو أي شيء من الحالة النفسية، مبيناً أنه لا بد من أن يكون هناك عامل ثان مع الموسيقى كون الصوت وحده لا يمكن أن يسبب هذا الإدمان أو يخلق هذه الحالة الا في حال صاحبه شيء عقلي وعاطفي.
وبحسب مجلة “وايرد” (Wired) وموقع “هفنغتون بوست” الأميركيين، استناداً إلى تقرير لمحطة “أخبار أوكلاهوما التاسعة”، تثير ظاهرة “المخدرات الرقمية” التي يطلق عليها أيضاً اسم “I-dosing”، قلقاً حقيقياً على مستوى هيئات مكافحة المخدرات المحلية، كما على صعيد المدارس؛ لاسيما بالنظر إلى احتمالية أن تغدو هذه “المخدرات الرقمية” بمثابة “بوابة تفضي بالمراهقين إلى عالم المخدرات الحقيقي”.
وهو ما دفع بإحدى مدارس أوكلاهوما الأميركية، كما جاء في التقرير، إلى بعث رسالة للأهالي “تحذرهم فيها من الجنون الجديد”. بل و”مضى المعلمون إلى مدى أبعد بحظر استخدام الـ”أي بود” (iPods) في المدرسة”.
وفي المقابل، يباهي أحد المواقع الأميركية في الترويج لنفسه (والذي تتحفظ “الغد” على ذكر اسمه)، بأنه “قائد الصناعة (في هذا المجال)، باعتبارها أداة آمنة وفعالة للوصول إلى تجربة (مماثلة لتأثير أنواع المخدرات المختلفة المعروفة) تعتمد المحاكاة باستخدام جرعات صوتية عن طريق الأذنين”، مضيفاً “أن ملايين البشر، من أرجاء العالم كافة، يسخدمون منتجاتنا”.
وبحسب بيان صادر عن المعهد القومي (الأميركي) لمكافحة المخدرات (NIDA)، نُشر في صحيفة “واشنطن بوست” في العام 2010، أكد المعهد “عدم وجود أي بيانات علمية بشأن هذه الظاهرة. ومن ثم فإن من غير الممكن التحقق من مزاعم إمكانية الانتشاء بالاستماع إلى هذه الأصوات”.
في النهاية، وإن كان الموقف الطبي أقرب الى الإجماع على عدم صحة الظاهرة والتي برزت في الولايات المتحدة قبل أعوام وتحديداً في العام 2010، من خلال تقارير نشرت في صحيفة “سياتل نيوز” ومحطة “ان بي ار” و”واشنطن بوست”، الا أن الخطورة الحقيقية حتى في حال عدم ثبوت ما يسمى “المخدرات الرقمية” هو تجاوز المراهق لهذا الحاجز النفسي لاستخدام المخدرات عموماً، وبالتالي الاحتمالية العالية لتوجهه الى المخدرات الحقيقية.
عن الغد
Reactions

تعليقات