ما يزال وجع الرأس والصداع لغزا علميا، فما يتداوله العلم والدراسات هو ثمة عوامل عدة لهذا الألم من ضمنها التوتر، الحساسية، الأمراض، التعب، تغيير مستوى هرمونات الجسم مثلما يحدث في حالات الدورة الشهرية وانقطاع الطمث، عدم كفاية النوم، انخفاض مستوى السكر في الدم، الإجهاد، والضغط في العين.
وثمة اشتباه ببعض المكونات الغذائية -الطبيعية منها والمصنعة- مثل مادة التايروسين الموجودة في كل من الجبنة والشوكولاتة، مادة الهستامين في النبيذ الأحمر، مادة الكافيين في القهوة والمشروبات الغازية، وحمض البنزويت والذي يستخدم كمادة حافظة، ولكن هذه المواد مجتمعة لم تثبت علميا بدورها في تحفيز وجع الراس. وحقيقة الأمر بأن أسباب وجع الرأس والصداع معقدة وغير مفهومة جيدا.
نصائح مهمة
ولعل من أهم ما نتداوله من نصائح غذائية هو تجنب تناول الأغذية التي تحتوي على مواد حافظة مثل مادة مونو صوديوم جلوتاميت وحمض البنزويت، والحد من الإفراط في تناول الكافيين كالشاي والقهوة والكاكاو، وتجنب تناول اللحوم المصنعة التي تحتوي على نسبة من النيترات، والحرص على تناول أكثر من ثلاثة إلى خمس وجبات في اليوم. ولكن هل لهذه النصائح الفائدة المرجوة، وماذا عن آخر المستجدات العلمية نظير ذلك؟
الأدلة الحديثة
تشير الأدلة الحديثة إلى انخفاض نسبة عنصر المغنيسيوم المتأين في الدم لدى حوالي نصف الذين يعانون من صداع نصفي، وقد أبرزت هذه الدراسات دور عنصر المغنيسيوم في الحد من عدد ومدة نوبات الصداع النصفي، بما فيه الصداع النصفي لدى النساء قبل الدورة الشهرية.
ويرتكز مجمل هذه النتائج إلى أن قلة المغنيسيوم في الدم يمكن أن تؤدي إلى زيادة معاناتنا من وجع الرأس والصداع النصفي، حتى إن بعض الدراسات أشارت إلى أن حقن المغنيسيوم يمكن أن يخفف بعض الصداع النصفي في غضون دقائق.
إلا أننا ما نزال بحاجة إلى دراسات عميقة في تحديد دور المغنيسيوم في الحد من أوجاع الرأس والصداع النصفي بأنواعه. ولعل من أهم المصادر الغذائية لعنصر المغنيسيوم هي الخضار الورقية الخضراء (مثل الخس والبقدونس والملفوف)، والمكسرات كاللوز والجوز والفستق، والحليب ومنتجاته، ومنتجات الحبوب الكاملة.
وتشير دراسات أخرى إلى دور التغذية النباتية في الوقاية من وجع الرأس والصداع النصفي، فعلى سبيل المثال، أشارت بعض الدراسات إلى أن فيتامين ب 2 (المعروف بالرايبوفلافين) قد يسهم في خفض وتيرة ومدة وجع الراس والصداع النصفي لدى البعض مقارنة بهؤلاء الذين لم يتناولونه، ولكننا بحاجة إلى دراسات ذو جودة عالية لتحديد دور ب2 المناسب.
ويشيع لدينا استخدام الحلبة لتخفيف آلام أوجاع الرأس والصداع النصفي، وقد أثبتت بعض الدراسات فعالية الحلبة في تخفيف الآلام نظرا لاحتوائها على مادة السابونين التي تزيد من افراز الهرمونات الاستيرويدية داخل الجسم، وتساعد بدورها في تخفيف الآلام، إلا أن نوعية الدراسات لم تشمل الدراسات العلمية المزدوجة، إلا أنه لا ضرر من استخدام الحلبة إذا لم يتم تناولها مع الأدوية والعقاقير والمكملات الغذائية. ويمكن اضافة نبتة الحلبة وأوراقها وبذورها إلى السلطات. كما يمكن استخدام بودرة الحلبة في خليط البهارات المشكلة أو الكاري عند الطبخ وفي صنع الحلاوة. ويمكن أيضا استخدام زيت بذور الحلبة كشراب مع الماء الساخن.
أطعمة تزيد من نوبات وجع الرأس
الجدير بالذكر بأن ما أثبته لنا العلم بأن هنالك بعض أنواع الأطعمة التي قد تتسبب في زيادة نوبات أوجاع الرأس أو الصداع النصفي، منها الأطعمة الغنية بالحمض الأميني التيرامين والموجود في اللحوم المدخنة والمعتقة، كبد الدجاج، السمك المعلب، الأجبان المعتقة، الباذنجان والملفوف، الخميرة، والشوكولاتة، وبعض أنواع الفواكه كالموز والأفوكادو والحمضيات، والأطعمة الغنية بمادة النايترات الموجودة في المواد الحافظة خاصة تلك المستخدمة في إنتاج اللحوم، والأطعمة التي تحتوي على مواد المحسنة للنكهة التي تضاف لأطباق المطبخ الصيني مثل المونوصوديوم جلوتاميت، بالإضافة إلى بعض منتجات الألبان.
علاج أوجاع الرأس
ويعتمد علاج أوجاع الرأس والصداع النصفي على محاور رئيسية خمسة تقتضي بالتشخيص الدقيق لمعرفة مسببات الألم والذي يتخلله تحليل لمسببات الغذاء المحتملة وتحديد طرق السيطرة عليها، تغيير النمط الحياتي والذي يتخلله جانب من الطب التكميلي مثل التدليك والمساج، والتدخل الطبي اذا لزم الأمر باستخدام الأدوية أو المكملات الغذائية لتجنب حدوث الألم أو لمعالجة أعراض الألم، أو استخدام العناصر الغذائية مثل المغنيسيوم في حالة الصداع النصفي لدى النساء قبل الدورة الشهرية، والعلاج السلوكي، والعلاج النفسي.
ولعل أهم ما يجب أن ندركه بأن للنظام الغذائي دورا في الحد من أوجاع الرأس والصداع النصفي، سواء أكان هذا الدور وقائي أم علاجي، ولكن تعتمد فعالية النظام الغذائي بصورة كبيرة على الحالة الفردية لدينا وعلى مسبباتنا الفردية ونمط حياتنا، فالاتجاه الدارج الآن يتمثل بكثرة التعرض للإجهاد والضغط اليومي، تناول وجبة واحدة إلى اثنتين فقط في اليوم والمقتصرة على مجموعة محددة من الأطعمة، اختيار وتناول الأطعمة السريعة والمعلبة والجاهزة والمشروبات الغازية، وزيادة تناول الأغذية الغنية بالطاقة والتي تحتوي على نسبة عالية من الدهن والسكر والملح والتي ينقصها عناصر غذائية مهمة كالفيتامينات والمعادن، قلة شرب الماء، تناول القليل من الخضار والفاكهة ومنتجات الحبوب، استخدام السكر بكثرة واستخدام الملح والصوديوم، شرب القهوة المنبهات، والمشاريب الغازية بكثرة مع عدم الحفاظ على وزن صحي. ولعل لهذه الأنماط الدور في المساهمة في تحديد دور الإستجابة للعلاج الطبي والتغذوي في حالة أوجاع الرأس والصداع النصفي.
دور التغذية في وجع الرأس
يعنى دور التغذية في هذه الحالة بوضع برنامج غذائي معين واعتماد تغيير في سلوكيات معينة إلى سلوكيات محسنة بدراسة وتخطيط، فمع تحول السلوك المخطط إلى عادة، تصبح عملية ضبط وجع الرأس والصداع النصفي مسألة تلقائية، مع مراعاة التدخل الطبي حسب التشخيص. ولا يتناول البرنامج الغذائي ما نأكله فقط، وإنما أيضا متى وأين نأكل ومدى استجايتنا للمحيط الخارجي ولمجريات الحياة والضغوطات. فإن البرنامج الأمثل للغذاء يمنحنا مجموعة منوعة من الأطعمة، ومنها تلك النباتية والغنية بالمغنيسيوم وفيتامين ب، ويوفر لنا المرونة في الظروف المتغيرة.
تتيانا الكور
تعليقات
إرسال تعليق