في عام 1975 تمكن الخمير الحمر الكمبوديين من اسقاط الحكومة و اسسوا حكومتهم تحت اسم "حكومة كمبوديا الديموقراطية" , كان قادة الحكومة الجديدة من الشيوعيين و قد درس اغلبهم في الجامعات الفرنسية و تأثروا بتجربة الحزب الشيوعي الفرنسي كما كان للتجربة الشيوعية الفيتنامية اثر كبير عليهم , كان قائدهم هم "بول بوت" او كما يدعونه "الاخ رقم 1" و هناك مجموعة من القادة الاخرين مثل "الاخ رقم 2" و "الاخ رقم 3" .. الخ. كانت فكرة هؤلاء القادة الشباب تتلخص في فكرة و نضرية شيوعية متشددة تقوم على اساس العودة بالشعب الى اصوله الحضارية و الثقافية عن طريق العمل الزراعي الجماعي و تحقيق الاكتفاء الذاتي و التخلص من جميع مظاهر الحياة الغربية التي (بأعتقادهم) لوثت الشعب و خدرته و هي المسبب الاصلي لتخلف شعوب العالم الثالث , و قد تقرر ان يتم تجربة هذه النضرية على الشعب الكمبودي المسكين.
كان برنامج حكومة الخمير الحمر يقوم على اساس اغلاق المدارس و المستشفيات و المعامل و المصانع , منع البنوك و التجارة , تحريم جميع الديانات , تجريد المواطنين من جميع ممتلكاتهم الشخصية و نقلهم من المدن (بالاجبار) الى مزارع العمل الجماعية (collective farms) في الريف الكمبودي من اجل تطهيرهم من مظاهر الحضارة الغربية و العودة الى ثقافة "الشعب القديم او الاصلي" عن طريق العمل الزراعي!!.
المزيد من القوانين التي لم ينزل الله بها من سلطان في تاريخ البشرية طبقت على الشعب الكمبودي المسكين , العلاقات الانسانية داخل العائلة ممنوعة !! و لا يحق للشخص بأن يكون على علاقة بعائلته !! الدواء الغربي الحديث ممنوع و تستخدم محله الاعشاب الطبية التقليدية !! ممنوع استخدام الالقاب و تبادل كلمات الاحترام بين الناس حيث يجب استعمال كلمة "رفيق" فقط في المخاطبات العامة و كذلك يمنع منعا باتا التحية عن طريق الانحناء او المصافحة حيث ان عقوبتها قد تصل الى الموت!!
في البداية , استعملت الحكومة الحيلة لأخلاء السكان من المدن حيث اخبروهم بأنه يجب عليهم الالتجاء الى الغابات ليومين او ثلاثة بحجة الاحتماء من قصف الطائرات الامريكية و ان الدولة ستقوم بحراسة بيوتهم و ممتلكاتهم خلال فترة غيابهم , و ما ان يخرج السكان الى الغابات حتى يتم تقسيمهم و ارسالهم الى حقول العمل الجماعي و كانوا يتعمدون في التقسيم ان يفرقوا بين اعضاء العائلة الواحدة و يعزلون الاطفال عن امهاتهم.
في المزارع كان السكان يجبرون على العمل لـ 12 – 14 ساعة او اكثر يوميا من دون اي راحة او غذاء و كان يمنع عليهم حتى التقاط و تناول النباتات او الثمار البرية على اعتبار انها ملكية عامة و لا يحق لأحد استئثارها لنفسه و عقوبة من يخالف ذلك هي الموت!!
مجموعة من الشباب الكومبوديين ينتظرون لكي يعدموا و يلقوا في الخندق اسفلهم المليء بالجثث و كان القتل يتم بضربة فأس كتلك الموجودة في الصورة الى اليسار
حقول القتل و الموت (The Killing Fields) هي مناطق مخصصة لأحتجاز و تعذيب و اعدام الاشخاص ممن ترغب الحكومة بالتخلص منهم (و ما اكثرهم) لأسباب عديدة تعتبر جرما بنظرها و منها ان يكون الشخص ينتمي الى قومية غير كمبودية مثل الصينيين او الفيتناميين الساكنين في كمبوديا و كذلك المسيحيين و المسلمين الكمبوديين و رهبان البوذية كما ان ممارسة اي عمل او قول من شأنه اضعاف الحكومة حتى و لو تذمر بسيط من ضروف العمل او حتى مجرد ان يبدي الشخص اي مشاعر مثل البكاء او التأثر عند اعدام شخص من عائلته امامه فأن العقوبة هي الاعدام.
و من الجرائم الكبرى بنظر الحكومة هي ان يكون الانسان متعلما او مثقفا !! فبما ان هدف الحكومة "المجنونة" هو تجريد الشعب من كل ما يملكه , حتى الاحساس و المشاعر , و تحويله الى الة زراعية مطيعة و صاغرة تنفذ الاوامر بدون مناقشة و لا تذمر او احتجاج , اذن يجب القضاء على مفكري و مثقفي الشعب و جميع افراد الشعب ممن يمكنهم القراءة و الكتابة و قد صدرت الاوامر بأبادتهم جميعا حتى الاشخاص الاميين ممن يرتدون النظارات فقد اعدمتهم الحكومة لأنها تعتقد ان النظارات لا يستخدمها الا المتعلمين!!
و تتم الاعدامات في حقول القتل عن طريق ضرب الرأس بالفأس حتى لا يتم اهدار الرصاص حيث ان الرصاصة بنظر الحكومة هي اغلى بكثير من قيمة المواطن!! و بعد الاعدام يتم الدفن في قبور جماعية.
ان عدد الموتى في ظل حكومة الخمير الحمر غير معروف على وجه الدقة حيث ان اقل التقديرات تشائما تقدره بـ 750000 شخص و ترتفع به بعض التقديرات الى 3.3 مليون اي تقريبا نصف الشعب (عدد سكان كمبوديا في تلك الفترة كان 7 ملايين) و لكن اكثر التقديرات واقعية هي بين 1.5 – 2.5 مليون شخص تم قتل نصفهم تقريبا عن طريق الاعدام في حقول القتل اما الباقي فماتوا نتيجة الجوع و الامراض.
سقوط حكومة الخمير الحمر
في عام 1979 اجتاحت القوات الفيتنامية كمبوديا و اسقطت حكومة الخمير الحمر و قد فر اغلب قادتها و على رأسهم بول بوت الى الادغال قرب الحدود التايلندية حيث اختبأ هناك حتى موته عام 1998.
تعليقات
إرسال تعليق