قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 2]:
قال ابن جرير رحمه الله: واختلف أهل التأويل في معنى (الصمد) فقال بعضهم: هو الذي ليس بأجوف ولا يأكل ولا يشرب.
ذكر من قال ذلك.
قال مجاهد: (الصمد) المصمت الذي لا جوف له ((جامع البيان)) (30/222). .
وقال الحسن: (الصمد) الذي لا جوف له، وعن عكرمة مثله ((جامع البيان)) (30/222). .
وقال الشعبي: (الصمد) الذي لا يطعم الطعام.
وقال: الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ((جامع البيان)) (30/222).
ثم قال ابن جرير: وقال آخرون: هو الذي لا يخرج منه شيء.
ذكر من قال ذلك:
قال عكرمة: (الصمد) الذي لم يخرج منه شيء، ولم يلد ولم يولد.
وفي رواية أخرى: الذي لا يخرج منه شيء ((جامع البيان)) (30/223).
ثم قال ابن جرير: وقال آخرون هو الذي لم يلد ولم يولد.
ذكر من قال ذلك.
وقال آخرون: هو السيد الذي قد انتهى سؤدده.
ذكر من قال ذلك:
قال أبو وائل: الصمد هو السيد الذي قد انتهى سؤدده ((جامع البيان)) (30/223).
وقال آخرون: بل هو الباقي الذي لا يفنى.
ذكر من قال ذلك:
كان الحسن وقتادة يقولان: الباقي بعد خلقه، قال: هذه سورة خالصة ليس فيها ذكر شيء من أمر الدنيا والآخرة ((جامع البيان)) (30/223). .
وقال قتادة: (الصمد) الدائم ((جامع البيان)) (30/223-224). .
قال أبو جعفر: الصمد عند العرب هو: السيد الذي يصمد إليه، الذي لا أحد فوقه، وكذلك تسمي أشرافها، ومنه قول الشاعر:
ألا بكر الناعي بخير بني أسد
بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه) اهـ ((جامع البيان)) باختصار، وانظر: ((مجموع الفتاوى)) (17/219-225) لشيخ الإسلام فقد ذكر أكثر هذه الآثار بأسانيدها. .
وقال أبو عبيدة اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 2]: هو الذي يصمد إليه، ليس فوقه أحد، والعرب كذلك تسمي أشرافها ((مجاز القرآن)) (2/316). .
وقال الزجاج: وأصحه: أنه السيد المصمود إليه في الحوائج ((تفسير الأسماء)) (ص: 58) وبنحوه قال الزجاجي في ((اشتقاق الأسماء)) (ص: 252)، والحليمي في ((المنهاج)) (1/201) وذكره في الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه، ونقله البيهقي في ((الأسماء)) (ص: 58). .
وقال الخطابي: (الصمد) هو السيد الذي يصمد إليه في الأمور، ويقصد في الحوائج والنوازل، وأصل الصمد: القصد، ويقال للرجل: اصمد صمد فلان، أي: اقصد قصده، وجاء في التفسير: أن الصمد: الذي قد انتهى سؤدده.
وقيل الصمد: الدائم.
وقيل: الباقي بعد فناء الخلق.
وأصح هذه الوجوه، ما شهد له معنى الاشتقاق، والله أعلم ((شأن الدعاء)) (ص: 58). قال القرطبي في الأسنى (ورقة 292ب) بعد ذكره لقول الخطابي (وأصح ما قيل فيه ما يشهد له الاشتقاق): قلت: وهو قول أهل اللغة أجمعين، فيما ذكر ابن الأنباري، وقال القشيري: وهو الصحيح ولم يذكر أبو حامد غيره. .
وقال الشنقيطي: من المعروف في كلام العرب إطلاق الصمد على السيد العظيم، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له، فمن الأول قول الزبرقان:
سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمروا
ولا رهينة إلا سيد صمد
ومن الثاني قول الشاعر:
شهاب حروب لا تزال جياده
عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
فإذا علمت ذلك، فالله تعالى هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات، وهو الذي تنزه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين كأكل الطعام ونحوه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ((أضواء البيان)) (2/187). .
وقال ابن القيم في نونيته:
وهو الإله السيد الصمد الذي
حمدت إليه الخلق بالإذعان
الكامل الأوصاف كماله ما فيه
من كل الوجوه من نقصان ((النونية)) (2/231-232).
تعليقات
إرسال تعليق