القائمة الرئيسية

الصفحات


قال تعالى:  هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الحشر: 24].
قال الخطابي: (-الخالق- هو المبدع للخلق المخترع له على غير مثال سابق، قال سبحانه: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ [فاطر: 3]. فأما في نعوت الآدميين فمعنى الخلق: التقدير كقوله عز وجل: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ [آل عمران: 49]  ((شأن الدعاء)) (ص: 49).       اهـ.
والخلاق: من أفعال المبالغة من الخالق تدل على كثرة خلق الله تعالى وإيجاده، فكم يحصل في اللحظة الواحدة من بلايين المخلوقات التي هي أثر من آثار اسمه سبحانه الخلاق: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ [الحجر: 86].
واسمه سبحانه (الخالق والخلاق) مما أقرت به جميع الأمم مؤمنهم وكافرهم، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في معرض رده على من قال: أن اسم (الخالق) يثبت له سبحانه مجازاً.
(إنه ليس في المعلومات أظهر من كون الله: (خالقاً)، ولهذا أقرت به جميع الأمم – مؤمنهم وكافرهم – ولظهور ذلك؛ وكون العلم به بديهياً فطرياً؛ احتج الله به على من أشرك به في عبادته فقال:  وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزمر: 38]، في غير موضع من كتابه.
فعلم أن كونه سبحانه (خالقاً): من أظهر شيء عند العقول، فكيف يكون الخبر عنه بذلك مجازاً؛ وهو أصل كل حقيقة، فجميع الحقائق تنتهي إلى خلقه وإيجاده، فهو الذي خلق وهو الذي علم، كما قال تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 1-5].
فجميع الموجودات انتهت إلى خلقه وتعليمه، فكيف يكون كونه خالقاً عالماً مجازاً؟ وإذا كان كونه خالقاً عالماً مجازاً: لم يبق له فعل حقيقة ولا اسم حقيقة، فصارت أفعاله كلها مجازات، وأسماؤه الحسنى كلها مجازات... إلى قوله: فإن جميع أهل الإسلام متفقون على أن الله خالق حقيقة لا مجازاً، بل وعباد الأصنام وجميع الملل) <br/>             ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/328).      .
وقد ذكر رحمه الله تعالى اسمه سبحانه (الخلاق) في نونيته حيث قال:


(وكذاك يشهد أنه سبحانه

الخلاق باعث هذه الأبدان)            ((النونية)) البيت رقم (3085).     

المصدر: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبد العزيز بن ناصر الجليل – ص: 433
(الباري) أي المنشئ للأعيان من العدم إلى الوجود والبرء هو الفري وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود, وليس كل من قدر شيئا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل كما قيل: ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري أي أنت تنفذ ما خلقت أي قدرت بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع كل ما يريد فالخلق التقدير, والفري التنفيذ.
(المصور) الممثل للمخلوقات بالعلامات التي يتميز بعضها عن بعض, أي الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها, يقال هذه صورة الأمر أو مثاله فأولا يكون خلقا ثم برءا ثم تصويرا, وهذه الثلاثة الأسماء التي في سورة الحشر في خاتمتها هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [الحشر:24] قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون على الصفة التي يريد والصورة التي يختار كقوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ [الانفطار:8]
Reactions

تعليقات