قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جميل يحب الجمال)) <br/> رواه مسلم (91). من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. .
قال ابن القيم:
وهو الجميل على الحقيقة كيف لا
وجمال سائر هذه الأكوان
من بعض آثار الجميل فربها
أولى وأجدر عند ذي العرفان
فجماله بالذات والأوصاف والأفعا
ل والأسماء بالبرهان
لا شيء يشبه ذاته وصفاته
سبحانه عن إفك ذي بهتان
فالله هو الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا يمكن لمخلوق أن يعبر عن بعض جمال ذاته حتى أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، واللذات والسرور، والأفراح التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم أو تلاشى ما هم فيه من الأفراح، وودوا لو تدوم هذه الحال واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون يوم المزيد فرحا تكاد تطير له القلوب وكذلك هو الجميل في أسمائه فإنها كلها لله حسنى بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها قال تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180] فكلها دالة على غاية الحمد والمجد والكمال فلا يسمى باسم منقسم إلى كمال وغيره. وكذلك هو الجميل في أوصافه فإن أوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت ثناء وحمد فهي أوسع الصفات، وأكملها وأكثرها تعلقاً خصوصاً أوصاف الرحمة البر والكرم والجود.
وكذلك أفعاله كلها جميلة فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها، ويثنى عليه بها ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث ولا سفه ولا سدى ولا ظلم كلها خير وهدى ورحمة ورشد وعدل إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [هود: 56] فلكماله الذي لا يحصى أحد عليه به ثناء كملت أفعاله كلها فصارت أحكامه من أحسن الأحكام، وصنعته وخلقه أحسن خلق وصنع: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: 88] الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [السجدة: 7] وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة: 50].
ثم استدل المصنف بدليل عقلي على جمال الباري وأن الأكوان محتوية على أصناف الجمال وجمالها من الله تعالى فهو الذي كساها الجمال وأعطاها الحسن فهو أولى منها؛ لأن معطي الجمال أحق بالجمال فكل جمال في الدنيا باطني وظاهري خصوصاً ما يعطيه المولى لأهل الجنة من الجمال المفرط لرجالهم ونسائهم فلو بدا كف واحدة من الحور العين إلى الدنيا لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم أليس الذي كساهم ذلك الجمال ومن عليهم بذلك الحسن والكمال أحق منهم بالجمال الذي ليس كمثله شيء؟ عبد الرحمن السعدي ((الواضح المبين)) (ص: 29-32). ؟. وقد جاء في القرآن الكريم أن الله نور السموات والأرض قال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء [النور: 35]. وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن) رواه البخاري (7385، 7442، 7499)، ورواه مسلم (769) بلفظ: (قيَّام). الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه))
تعليقات
إرسال تعليق