القائمة الرئيسية

الصفحات


تقول الحكاية أنه في غابر الزمان كان هناك حاكم يحكم أحد شعوب (اليونان) ولما كبر هذا الحاكم في السن وداهمه المرض وأصبح لا ينفع معه زيت سمسم ولا قرض أحس بقرب نهايته فطلب من الحراس أن يأتوه بعبائته ثم أن يأتوا له بابنه الوحيد وهو شاب عنيد لا شك أنه سيخلفه في حكم الدولة لأنه بذلك أولى!

ولما مثل إبنه بين يديه قال له: يا بني اني أحس بنهايتي الأليمة وسأوصيك بوصية عظيمة يجب عليك أن تنفذها بالحذافير مهما حصل وهي أن وجدت نفسك يوما في زنقة شديدة لأن دولتك أفلست فاذهب إلى تلك المغارة المظلمة خلف القصر وذلك بعد وقت العصر فستجد بها حبلا مربوطا إلى السقف خذه دون دوران أو لف واشنق نفسك دون خوف أو رعب لترتاح من محاسبة الشعب، وما كاد الحاكم ينتهي من الوصية حتى أغمض عينيه ومات.

وما أن تولى الوارث الوحيد الحكم وأصبح ذا مكانة حتى تحلقت حوله البطانة، من وزراء ووجهاء ومستشارين وبعض رجال الدين، فأخذوا يبعثرون الثروة ويبددونها غير عابئين دون أن يرف لهم جفن؛ شيدو الفلل والعمارات وإمتطوا الفاره من العربات وأكتنزوا الدنانير ومختلف العملات التي أبانتها بالصدفة بعض السرقات، دون أن تطالهم يد العدالة وهم مطمئنون لعدم وجود مساءلة.

 انتشر الفساد والاختلاسات، واصبحت خزنة البلاد خاوية ، وأصبح الوارث الجديد في ورطة، وهنا تذكر وصية أبيه الحاكم الحكيم فقال مخاطباً نفسه في تسليم: هذه هي النهاية ولا بد أن أشنق نفسي وأستريح لأخرج من هذا الموقف القبيح، فذهب صاحبنا في الحال إلى المغارة ليشنق نفسه حسب الوصية ودخل المغارة المظلمة، فوجد الحبل متدليا من الأعلى مما يوكد أنها طريقة موت سهلة، فما كان منه إلا أن أغرورغت عيناه بالدموع حيث لا مجال هنالك إلى الرجوع ، فلف الحبل على رقبته ثم دفع بنفسه في الهواء في منظر يبعث على الرثاء، ولكن ما أن تدلي الحبل ونظر إلى الخلف حتي وجد النقود تنهال عليه من السقف ، بينما رنين الذهب يصم الآذان في منظر تقشعر له الأبدان، ثم وجد نفسه مستلقياً أسفل المغارة وإلى جانبه  رسالة كتبها له أبوه الحاكم يقول فيها: يا بني هذه نصف ثروتي كنت قد خبأتها لك لهذه اللحظة بالتحديد لأني أدركت ما ستؤول اليه الأمور، فعد إلى رشدك واضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن يختلس ويسرق من هذه الثروة من جديد، حتى لا تصل إلى ما وصل اليه حالك من افلاس.
Reactions

تعليقات