القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا ورد اسم البلد الأمين “مكة” المكرمة مرة بالباء، وهي تلفظ بالميم؟



هل سألنا انفسنا ونحن نتلو القرآن الكريم عن سبب ورود اسم البلد الأمين “مكة” المكرمة مرة بالباء، وهي تلفظ بالميم؟ ومن المؤكد أن السياق الذي ورد فيه التعبير بالباء لم يرد دون سبب دعا إلى ذلك، دعونا اذن نعيش مع الموضع الذي جاء فيه ذلك. قال تعالى: “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام ابراهيم، ومن دخله كان آمناً، ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين” آل عمران الآيتان 96 - 97.


في هاتين الآيتين المذكورتين من سورة آل عمران جاء الاستعمال بالباء “بكة” في حين جاء في قوله تعالى: “وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا” سورة الفتح الآية 24. يقول الدكتور فاضل السامرائي: “سبب ايرادها في آل عمران بالباء “بكة” أن السياق يتعلق بالحج “ولله على الناس حج البيت” وذلك لأن الحج “بك وعج” ومعنى (البك) التزاحم الشديد والتصادم من شدة هذا التزاحم، فاللفظ دال على ذلك: يبك الناس بعضهم بعضا، فسميت أو عبر عن مكة بهذا اللفظ في هذا السياق “ببكة” لأن الحجيج يزدحمون فيها، وليس السياق كذلك في سورة “الفتح” فجاء الاسم المشهور لها “مكة” مناسباً تماماً للسياق الذي يقتضيه والله أعلم”.

ونقف مع تعبير قرآني آخر نمر عليه كثيراً ولكننا ربما لا نتأمل الاختلاف الطفيف الوارد فيه، ذلك قوله تعالى: “إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً” النساء الآية ،149 وقوله تعالى: “إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما” الاحزاب - الآية ،54 فمن الملاحظ ان التعبير في سياق سورة النساء جاء “ان تبدوا خيراً” بينما ورد في سورة الاحزاب “إن تبدوا شيئاً” فلماذا كان هذا؟

إن الأمر في سورة النساء يتعلق بالجهر بالسوء، والله سبحانه لا يحب الجهر بالسوء، نقرأ الآية 148 “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً” ثم قال بعد ذلك “إن تبدوا خيراً” الآية، فالمولى سبحانه وتعالى لا يحب السوء ولا الجهر به بخلاف الجهر بالخير واظهاره، أما في سورة الأحزاب فالسياق يتعلق بعلم الله بالأشياء الخافية والظاهرة، ومعنى ذلك انه يستوي عنده السر والجهر بما في النفوس، والسياق في سورة الأحزاب اذا رجعنا للآيات من 50 - 54 يتعلق بنساء النبي وموقفه صلى الله عليه وسلم معهن، فليس في السياق سوء وإنما هي “اشياء تبدى أو تخفى، فجاء التعبير عنها بقوله “إن تبدوا شيئاً أو تخفوه”، على خلاف الجهر بالسوء.
Reactions

تعليقات