من الثابت اليوم أنّ جان دارك المولودة عام 1412 في مدينة دومريمي شمال شرق فرنسا تعتبر واحدة من أشهر وجوه حرب المائة عام بين الفرنسيين والانجليز والتي استمرت من عام 1337 حتى عام 1453 وكانت جان دارك من رموز مقاومة الاحتلال الإنجليزي.
يجمع المؤرّخون على أنّ جان دارك ولدت في كنف أسرة مزارعة ومتوسطة الحال، ولا يزال منزلها قائماً حتى الآن على الرغم من التعديلات التي أدخلت عليه على مدار الزمن. وبالإمكان زيارته وزيارة الكنيسة الملاصقة له والتي كانت تتردد عليها وقد أعيد ترميمها بمناسبة الاحتفالات التي تقام حالياً تكريماً لذكراها.
تروي الأسطورة أنّ جان دارك، ومنذ طفولتها، كانت تستمع إلى أصوات تخاطبها وتطالبها بترك مسقط رأسها تلبيةً لنداء الواجب الوطني الذي يدعوها إلى طرد الإنجليز. في البداية اعتقد البعض أنّ الطفلة مصابة بالجنون لكن مثابرتها وإصرارها على تلبية المهمة التي ظنّت أنّها موكلة بها دفع المقربّين منها إلى تعديل موقفهم وإرسالها مرتدية الثياب العسكرية مع مرافقين الى مدينة شينيون حيث كان يقيم الملك شارل السابع. استغرقت الرحلة أحد عشر يوماً واجهت فيها الكثير من المشقات بسبب سيطرة الانجليز على البلاد. بعد لقائها بالملك أعلنت أنها جاءت لتحرير مدينة أورليان ولإجراء مراسم تطويب الملك رسميا كما جرت العادة آنذاك مع ملوك فرنسا في كاتدرائية مدينة ريمز التاريخية.
بغية التحقّق من صدق نواياها، أرسلها الملك الى مدينة بواتييه حيث أشرف على استجوابها مجموعة من المحققين. بعدها تم الاتفاق على إرسالها مع جيشها لتحرير أورليان. في طريقها حررت العديد من المواقع والحصون وتمكّنت من فك الحصار عن المدينة في الثامن من شهر (أيار) مايو عام 1429. ومنذ ذلك التاريخ تحتفل المدينة بهذه الذكرى وباستعادتها لحريتها على يد جان دارك التي تمكّنت، وفي غضون أيام قليلة، من تحريرها بعد حصار دام أكثر من ستة اشهر.
توالت الانتصارات وكان الهدف منها طرد الانجليز من فرنسا وتوحيد جميع المحافظات الفرنسية تحت حكم الملك شارل السابع، لكن الهزيمة جاءت في مدينة كومبياني حيث أسرت جان دارك على يد الجنود البورغونيين (نسبة الى منطقة بورغوني) وكانوا من أتباع الانجليز ثمّ تمّ تسليمها إلى هؤلاء فحوكمت بتهمة السحر والشعوذة وأحرقت حيّة وهي في التاسعة عشرة من عمرها في مدينة رووان في منطقة النورماندي.
ثمثّل جان دارك شخصية نسائية استثنائية جعلها موتها أسطورة خالدة فصارت بطلة وأيقونة. كتب عنها بعض أشهر المؤرخين والأدباء والمفكرين والفلاسفة ومنهم ميشليه وفولتير، واستوحى من سيرتها المسرحيون والسينمائيون الفرنسيون والأوروبيون، كما تصدر عنها باستمرار الكتب التاريخية التي تروي قصة حياتها وموتها.
تعليقات
إرسال تعليق