خلاصة الخيميائي بكل بساطة تكمن في أربعة محاور وهي الاسطورة الشخصية ولغة الاشارات وجوهر الكون والحاجة الى الاستماع الى ما يقوله القلب. ان الخيميائي ليست سيرة إنسانية وحسب، بل إنها كناية عن حياة كل فرد. فلم تكن حكاية عابرة تلك السيرة الفكرية، والأسلوب الشعري الواقعي الفلسفي، المتأثر بالصوفية كمنهج حياة
تتلخّص بداية هذه الرواية بجملة قالها الملك لسانتياغو
اذا وَعَدْتَ بشيء لا تمتلكه بعد , فانك ستفقد الرغبة في الحصول عليه
إنها جملة أخّاذة عن القدر، والتحدي عندما تكتمل قناعة الإنسان بقضاياه العادلة. وبما يريده فعلا او ما قد يهيأ له فقط
كان سنتياغو راعي اغنام اسباني وكانت فيه جميع صفات الرعاة في التحدث مع نفسه ومع المواشي كأنها انسان وكان يحلم بالسفر. كان يقابل العرب في اسبانيا ويعرف ان اغلب العرب جاءوا من افريقيا لكنه يكرههم لانهم احضروا الغجر معهم. حلم سنتياغو نفس الحلم مرتين وهو ان طفلا يأخذه من بين نعاجه وأغنامه ويقوده حتى اهرامات مصر ويقول له عندما تصل الى هنا ستجد كنزا مخبأ ويستيقظ عندما يريد الطفل ارشاده الى المكان المحدد. ذهب الى غجرية كي تفسر له الحلم ففسرته كما راه وكأنها فسرت الماء بالماء
التقى بعدها برجل عجوز يدعى ملكي صادق اعطاه هذه الحكم عن عجز الناس في اختيار مصائرهم
كتب الله قدرنا على جبيننا واختار لكل منا الحياة التي عليه ان يحياها وليس عليك الا ان تقرا ما كتب لك
في احدى لحظات وجودنا نفقد السيطرة على حياتنا التي ستجد نفسها محكومة بالقدر وهنا تكمن خديعة العالم الكبرى
عندما تريد شيئا ما, فإن الكون بأسره يتضافر ليوفر لك تحقيق رغباتك
بعد أن علمه العجوز هذه الحكم وقبل ان يتركه ليبدأ رحلته اكتشف أن العجوز كان ملكا حقيقيا
خلال الرواية تعرف الى ابنة تاجر قماش واستغربت معرفته للقراءة. فأخبرها انه كانت رغبته عندما كان صغيرا ان يكون رحالا متجولا بين البلدان ولكن والده رفض وقال له ان الرعاة هم من يرتحلون فقط لذلك قرر ان يصبح راعيا,وكان يرتحل بين ارياف الاندلس
الاسطورة الشخصية: هي كل ما نتمنى فعله دائما في الشباب وكلما كبرنا في العمر تتلاشى ويبدأ الخوف واستحالة تحقيق الحلم
لقد قرر ترك كل شيء لتحقيق اسطورته الشخصية والعمل بالمقولة انه عليك ان تسعى باستمرار لاتخاذ قرارك بنفسك
وقابل العديدين خلال مسيرته هذه ، العرافة الغجرية ، اللص العربي ، بائع الزجاجيات ، الرجل الإنجليزي ، بدو الصحراء ، فاطمة ! ، وأخيــرا الخيميائي
هكذا بدا رحلته في البحث عن كنز احلامه سافر الى طنجه في افريقيا والتي يتكلمون بها العربية تعرض للسرقة من شاب اعتقد انه صديقه وقال له جملة واحدة صادقة: الميناء يعج دائما باللصوص. ولكنه بقي مصمما على اكمال سيره ومعه حجران الابيض والاسود اللذان اخذهما من الملك
كان يشعر دائما انه توجد لغة فيما وراء الكلمات خبرة اكتسبها من الاغنام, وبدأ ينتبه للعلامات التي شرحها له تاجر الزجاج الذي عمل عنده بعد تعرضه للسرقة
لا تتراجع عن احلامك وكن متيقظا للعلامات, كثيرا ما يتحدث الناس في الرواية عن العلامات (المكتوب). فان العرب اكثر ناس يفهمون كلمة (مكتوب), التي هي احدى ميزات العرب انهم دائما يؤمنون بأن هناك احداث منبئة لاخرى . نلاحظ خلال الرواية ان الكاتب لديه معلومات كثيرة عن الديانة الاسلامية واحترام معتقداتها وحتى انه يعرف اركان الاسلام
سنة مرت على عمله لدى التاجر, وصار لديه المال الكافي لشراء الاغنام والتاجر لديه المال الكافي ليذهب الى الحج, ولكنه لن يذهب لانه يحلم فقط ولا يريد ان يتحقق الحلم لانه لا يعرف ما بعد ذلك وسنتياغو لن يشتري الاغنام لان ذلك مكتوب. بعد كلامه مع التاجر ساورته الشكوك والظنون وظل يفكر ويتخبط بين افكاره الى ان قرر العودة الى الدرب الذي يؤدي به الى كنزه
هنا يأتي دور الانجليزي الذي لاقاه في القافلة وكان دائما يبحث عن حجر الفلاسفة واخيرا اخبره احدهم ان هناك واحدا في مصر يستطيع تحويل أي معدن الى ذهب
القرارات لا تمثل الا البداية فعندما يتخذ أي انسان قرار فانه ينجرف في الحقيقة ضمن تيار عنيف يحمله نحو مصير لم يكن قد استشفه مطلقا
كلما اقتربنا من تحقيق احلامنا اصبحت الاسطورة الشخصية دافعا حقيقيا للحياة
يصادف خلال رحلته مع القافلة الكثير من الناس
قول الجمال: (ان خوفنا يتلاشى عندما نفهم ان صيرورتنا وصيرورة العالم قد خطتها يد واحدة) دليل على الايمان بالله او بالاقل على الاعتراف بوجوده. كذلك ادخاله قصة يوسف بالنسبة لتفسير الاحلام والتي ذكرت في القران الكريم
هنا نرى ان الكاتب وضع اسس ومفاهيم كثيرة في عدد قليل من الصفحات
كل عندما يحين وقت الطعام وسر عندما تزف ساعة السير
دليل على القيام بكل عمل في الوقت الملائم له فقط
بعد ذلك الوصول الى الواحة وهناك وقع بحب الفتاة البدوية المصرية (فاطمة) وبعدها ظروف الحرب جعلتهم يبقون في الواحة لمدة شهر
ان الكثبان تتغير بفعل الرياح ولكن الصحراء تبقى دائما نفسها
الصحراء مدته بالقوة النفسية وبالرؤيا الحقة وكانت ملهمته
قول العراف: كيف لي ان اخمن المستقبل؟ السر يكمن في الحاضر
التقى في الواحة بالخيميائي (عارف الاسرار العظيم ) الذي ارشده الى الكنز ودله الى أن وحده من يستطيع ان يجد الحياة في الصحراء يستطيع ان يكتشف فيها الكنوز انه ان تنازل عن الكنز الان فسيخسر الى الابد لانه لم يحقق اسطورته الشخصية ومهما حدث في حياته فانه سيكون تعيسا. هذا ما جعله يقرر ان يكمل مسيرته ويترك فاطمة على امل العودة اليها
...إن الرواية برعت في اثارة العزيمة لدى من ضعفت هممهم
كان يقوده الخيميائي دون كلمة واحدة الى الاهرامات, بعدها علمه ان يصغي لقلبه وهذا ما جعله لا يهدأ ابدا بل يفكر طويلا . اصبحت لديه لغه مع قلبه واحلامه والايمان به وبكل ما يتبعه
إن وظيفة الخيميائي حسب الرواية, احلال الكمال الروحي عن طريق الانصات للقلب وان الانسان يحمل في اعماقه شمولية الانتماء الى الله ومن خلال ذلك يستطيع ان يحقق سعادته فلحظة السعادة توجد في انجاز الاسطورة الشخصية , فقد وجدت الخيمياء لكي يبحث كل انسان عن كنزه ويجده
إن أي بحث يبدأ بحظ المبتدئ ويكتمل بإمتحان الفاتح
إن العيون تظهر قوة الروح
إن الانسان يملك قوته في قلبه ويستطيع تحقيق ما يريد من خلاله, وهذا ما جعله يشعر بأنه تحدث مع الريح ومع الشمس
بعد الحيرة والتخبط يعود الى الصلاة الى الله والتضرع الى الله
واخر قول للخيميائي في الرواية, على أي حال, ان كل شخص على الارض يلعب دورا رئيسا في سيرة العالم وهو لا يدري
ايمانه بالاحلام جعله يحققها ودربه كانت مرسومة بالعلامات لذلك لم يكن هناك سبب ليضل الطريق وقد توصل لهدفه في النهاية
في الحقيقة إن الحياة كريمة مع من يعيش أسطورته الشخصيّة
ملخص كل ما كتبت أن الحلم والانسحاب من العالم الخارجي وتحويل الافكار لصراع ضمن بناء فني ونفسي الى مجموعة من الصور الحية والمناظر الروحية الخلابة لاشباع رغبة قد تكون وهمية لكنها نقية وعميقة. اي اننا عندما نحيا في ظل المنطق والمعقول نحتاج في بعض الاحيان الى الاسطورة والخيال, بعد ان ضج العالم بالماديات. فلجأ الكاتب الى التلقائية عبر بطل الرواية وهو يبث المشاعر والاحاسيس التي تنتابه
لقد إمتلك الكاتب قدرة فائقة، على التصوير الدقيق، و بقي خلال الرواية يتمتع بشفافية عالية تجعل كتابته أشبه بجدول نقيٍّ يجري عبر غابة خصبة، فقد برع في وصف الطبيعة بتجرداتها حتى لتشعر كأنك فوق التلال الاندلسية ونسائم الرياح القادمة من افريقيا تهب عليك وتقودك عفويا الى اكتشاف نفسك، والاقتراب من ذاتك الغامضة القصيّة. ان اجتماع جميع القيم التي سار عليها الكاتب جعل للرواية قيمة كبيرة ومعنى جميل
تعليقات
إرسال تعليق