هرم سلطان (1506 - 1558) هي الزوجة الثانية للسلطان العثماني سليمان القانوني، ووالدة ابنه وخليفته سليم الثاني، تواجه اتهامات تاريخية بضلوعها في إعدام الصدر الأعظم إبراهيم باشا وأكبر أبناء القانوني والمرشح لخلافته مصطفى. ولدت هرم في بلدة اسمها روهاتين شرقي أوكرانيا ويعتقد أن والدها قس أرثوذكسي أوكراني. في 1520، اختطفها تتار القرم أثناء هجماتهم المعتادة على شبه الجزيرة وبيعت جارية لقصر السلطان سليمان.
هناك، بدأت خُرَّم في القصر السلطاني كجارية، ثم تحولت إلى الإسلام. ولا تذكر المصادر العثمانية المزامنة لعصر خُرَّم اسمها الكامل، وتكتفي بأنها خُرَّم خاصيكي سلطان حيث تعني خرم بالتركية: الباسمة أو الضاحكة، أما خاصيكي -أو خاصكي- سلطان فهو تعبير عثماني يشير إلى والدة ولي العهد. وقد سميت الجارية الروسية الكساندرا ولما أسلمت سماها السلطان سليمان القانوني الذي عشقها "هيام".
أما في المصادر العربية فتعرف باسم هرَّم أو حُرَّم أو كما تتكرر الإشارة إليها باسمها الأوروبي ذي التنويعات المختلفة: روكسولينا، روكسلانا، روكسولانا، روكسلين، روكسيلانة.
وتصف الكثير من الكتب التاريخية هرَّم بـ"الروسية" وهي صفة لا تعود إلى روسيا اليوم بقدر ارتباطها وقتذاك بدول أوروبا الشرقية وضمنها أوكرانيا.
كانت أول جارية تتزوج سلطانا من سلاطين الدولة العثمانية, فقد كانوا لا يتزوجون إلا وهم أمراء، وسرعان ما استقطبت خُرَّم اهتمام سيدها السلطان سليمان القانوني، وتتفق معظم المصادر التاريخية على تأثيرها الكبير عليه. وتظهر في الرسائل المتبادلة بين الاثنين علاقة حب متأججة.
العلاقة الخاصة بينها وبين السلطان، فسّرت وقوف القانوني في صف هرَّم حين نشوب خلافات بينها وبين "ماه دوران" زوجة السلطان الأولى.
كانت والدة السلطان عائشة حفصة تتدخل للتهدئة بين الزوجتين، إلا أنه بعد وفاتها عام 1535، اشتدت شراسة الخلافات وصولاً إلى الاشتباك بالأيدي. الاشتباك المعروف، والأخير، ألحق أضرارًا جسدية بخُرَّم، وكان وراء نفي السلطان لـ"ماه دوران" إلى اماسيا مع ابنها، أكبر أبناء القانوني، مصطفى؛ رغم أن هذا النفي قُدّم بوصفه إجراءً بروتوكوليًا معتادًا لتجهيز مصطفى لولاية العهد.
برحيل منافستها، باتت خُرَّم توسع نفوذها، ومارست خلال ولاية زوجها السلطان سليمان أدوارًا سياسية تفصح عنها مراسلاتها مع زعماء العالم آنذاك، وازداد موقعها أهمية مع تقديمها ستة أبناء للسلطان: الأميرة محرمة، وسليم، وبايزيد، وعبدالله، وجهانكير، ومحمد.
يدافع بعض المؤرخين عن السلطانة خُرَّم باعتبارها راعية للكثير من الأوقاف الخيرية، ولوقوفها خلف زوجها الذي بوأته إنجازاته موقعًا فريدًا في سلسلة السلاطين العثمانين؛ غير أن مؤرخين آخرين يحمّلونها مسؤولية أحداثا دموية وسياسية ضخمة ضمن مفهوم "سلطنة الحريم". تهم بدورها في تحريض السلطان على ابنه وولي عهده مصطفى لإفساح الطريق لابنها سليم صوب العرش العثماني.
وساعدها في ذلك زوج ابنتها محرمة، الصدر الأعظم رستم باشا، الذي انتهز فرصة قيادة مصطفى لإحدى الحملات العسكرية إلى بلاد فارس ليكاتب السلطان بأن ابنه، بمساعدة من العسكر المعجبين به، ينوي الانقلاب عليه.
عام 1553، سافر السلطان إلى فارس، واستدعى ابنه إلى خيمته، ليتم خنقه فور دخوله بخيط من الحرير وفقًا للتقاليد العثمانية في إعدام الشخصيات المهمة.
كذلك يتهم المؤرخون خُرَّم بالوقوف وراء إحدى أكثر أحداث التاريخ العثماني جدلًا، وذلك هو إعدام الصدر الأعظم القوي، رفيق صبا القانوني وساعده الأيمن، إبراهيم باشا. ووفقًا للروايات، فإن السلطانة خُرَّم سعت لتقويض ثقة السلطان بإبراهيم، خاصة مع دعم الأخير لمصطفى النجل الأكبر للسلطان من زوجته الأولى "ماه دوران".
ويربط المؤرخون بين إعدام إبراهيم باشا خنقًا بأمر سلطاني عام 1536،تم نعين اولا الياس باشا ثم لطفي باشا بعد ذلك تم وتعيين زوج ابنة خُرَّم، رستم باشا، صدرًا أعظمًا للقانوني.... استثمارًا لموقعها النافذ، قدمت خُرَّم العديد من الأوقاف والمنشآت الخيرية في العاصمة العثمانية، كما ولكونها زوجة خليفة المسلمين فقد شملت أعمالها مكة المكرمة والقدس.
من أوائل أعمالها، مسجداً ومدرستين قرآنيتين ومستشفى نسائي في أسطنبول، إضافة إلى حمام لخدمة المصلين في آيا صوفيا.
وفي القدس، ما يزال الوقف الذي دشنته روكسلانا عام 1552 يقدم خدماته إلى الفقراء، ويعرف اليوم باسم "خاصكي سلطان" إشارة إلى اللقب الفخري للسلطانة خُرَّم.
"وفي شهر رمضان بالذات يظل لهذا المعلم التاريخي والحضاري حضور وعطاء خاصين حيث يتوافد الفقراء واليتامى والمساكين وعابري السبيل بكثافة للتزود بوجبات الإفطار
تعليقات
إرسال تعليق