يحكى أنه في قديم الزمان ، كان هناك رجل وامرأة طاعنان في السن يعيشان في إحدى قرى اليابان ، كانا فقيران فقراً مدقعاً ، يمضيان كل يوم في حياكة قبعات كبيرة من القش وكلما انتهيا من حياكة بعض القبعات ، كان الشيخ يأخذها ليبيعها في أقرب مدينة لقريتهم
في أحد الأيام ، قال الشيخ لزوجته العجوز : "إن عيد رأس السنة الجديد يُصادف بعد غد كم أتمنى لو أن لدينا بعض كعك الرز لنأكله في عيد رأس السنة الجديدة ! يكفينا حتى كعكة صغيرة واحدة أو اثنتان . فمن دون كعك الرز لا يتم الاحتفال بالسنة الجديدة "
قالت زوجته العجوز : "حسناً إذن ، بعد أن تبيع هذه القبعات ، لماذا لا تشتري بعضاً من كعكات الرز و تجلبها معك ؟"
في وقت مبكر ، من صباح اليوم التالي ، أخذ الشيخ العجوز القبعات الخمس الجديدة التي صنعاها ، وذهب إلى المدينة ليبيعها ، لكنة حين وصل إلى المدينة ، لم يتمكن من بيع أي واحدة منها . ومما زاد الطين بله ، أن الثلوج بدأت تتساقط بغزارة .
كان الشيخ حزيناً جداً عندما بدأ يجر قدميه عائداً إلى قريته وقد أنهكه التعب . كان يسير بمحاذاة جبل وحيدًا حين فجأة صفاً من ستة تماثيل حجرية لـ"جيزو" حامي الأطفال ، وقد غطاها الثلج .
قال الشيخ : "يا إلهي ! أليس هذا ما يدعو إلى الأسى . صحيح أن هذه ما هي إلا تماثيل حجرية لـ"جيزو" ، ولكن لابد أنها تشعر مع ذلك بشدة البرد وهي تقف هنا يغطيها الثلج" .
قال الشيخ فجأة لنفسه : "إني أعرف ما يجب أن أفعل ، وتقديري أن ذلك هو العمل الصحيح" ثم فك القبعات الخمس الجديدة من على ظهره ، وبدأ يربطها قبعة بعد أخرى على رؤوس تماثيل الجيزو .
وحين وصل إلى التمثال الأخير ، أدرك أنه لم يعد لديه قبعات ، فقال : "آه ليس لدي قبعات كافية" ولكنه تذكر حينذاك قبعته التي على رأسه ، فخلعها ، وربطها على رأس تمثال الجيزو الأخير . ثم مضى في سبيله عائداً إلى البيت ، وحين وصل بيته ، كانت زوجته العجوز تنتظره قرب الموقد . ألقت عليه نظرة سريعة ثم هتفت :"لابد أنك تكاد تموت من شدة البرد . أسرع ! تعال قرب نار الموقد . ماذا فعلت بالقبعات ؟" .
نفض الشيخ ما علق بشعره من ثلج واقترب من النار ، وحكى لزوجته العجوز كيف أعطى جميع القبعات الجديدة ، وحتى قبعته ، إلى تماثيل الجيزو الستة . وأخبرها أنه يأسف لعدم تمكنه من جلب أي من كعكات الرز .
قالت المرأة العجوز :"كان عملاً طيباً هذا الذي عملته لـ جيزو" ، كانت فخورة بزوجها الشيخ العجوز ، وأضافت : "أن عملاً طيباً كهذا خير من كل كعكات العالم . سنتدبر أمرنا من دون كعك لـ رأس السنة الجديدة "
كان الوقت قد بلغ ساعة متأخرة من الليل ، فآوى الشيخ وامرأته العجوز إلى الفراش . وقبيل بزوغ الفجر ، وفيما كانا لا يزالان نائمين حدث شيء رائع جداً . فلقد تعالت فجأة من بعيد أصوات تنشد :
" شيخ طيب ، شيخ طيب ،
يمشي ، يمشي ، تحت الثلج ،
يعطي جيزو ، يعطي الدفء ،
فله منا ، كل الحب ، كل الحب !"
اقتربت الأصوات أكثر فأكثر ، حتى بات من الممكن أن يسمع وقع أقدام على الثلج . اتجهت الأصوات نحو البيت الذي ينام فيه الشيخ وزوجته ، ثم انفجر صوت عالٍ وكأن شيئاً ضخماً سقط أمام البيت .
هب الزوجان العجوزان من فراشهما وركضا إلى مدخل الدار . ليجدا ما لم يكن بالحسبان ! وجدا أمام الدار حصيرة وضعت عليها بعناية وذوق رفيع كعكة رز لم يشاهد الزوجان كعكة بحجمها وجمالها وطراوتها .
قال الزوجان العجوزان وهما يتلفتان حولهما : "من يا ترى جلب هذه الهدية الرائعة؟"
شاهدا بعض الآثار في الثلج تتجه بعيداً عن البيت . وكان الثلج مصطبغاً بألوان الفجر ، وبعيداً في الأفق كانت تماثيل جيزو الحجرية الستة تمشي على الثلج وهي لا تزال ترتدي القبعات التي أعطاها لها الشيخ العجوز .
قال الشيخ : "إن جيزو هو الذي جلب لنا هذه الكعكة الرائعة "
قالت زوجته العجوز : "لقد عملت لهم معروفاً حين أعطيتهم قبعاتك فجلبوا لك هذه الكعكة عرفاناً منهم بالجميل "
بهذه الكعكة الرائعة كان احتفال الزوجين العجوزين بعيد رأس السنة الجديدة احتفالاً رائعاً لا مثيل له .
تعليقات
إرسال تعليق