نبيل حاجي نائف - لماذا أيام الأسبوع 7 ؟ لماذا عجائب الدنيا 7 ؟ لماذا السموات 7 ؟ لماذا (الذواكر) 7 ؟ لماذا النغمات الموسيقية 7 ؟ لماذا ألوان الطيف الرئيسية 7 ؟
لقد آمنت شعوب الشرق الأقصى، والشعوب السامية، وكثير من الشعوب الأخرى، مثل الإغريق ، والمصريين القدامى، وشعوب ما بين النهرين، بالسبعة ...
فالبابليون قالوا أن هناك سبع كواكب هم على التوالي : الشمس، القمر، جوبيتير، فينوس، ساتورن، مارس و هارمس ..
وقالوا أن المعادن سبعه هي : الذهب الفضة القصدير النحاس الزئبق الرصاص والحديد
والمصريين القدماء …قالوا أن الأخطاء سبعه وان لكل خطا 6 قضاة ..يحاسب موتاهم عليها على هيكل مسبع الأضلاع وتوزن الخطايا بسبع أوزان ويمر الميت بسبع مراحل من السؤال ….
والعبرانيون جعلوا الرقم 7 مقياسا لزمن الخطايا ..فالسنة عندهم تبدأ بالشهر السابع وكل سبع سنوات( حسب الديانة اليهودية ) تنتهي الحلقة وتغفر الخطايا …..
وفيثاغورث عالم الرياضيات العظيم …قال : يمر الإنسان بتسلسل سباعي …فتنبت أسنانه في شهره السابع ويبدأ سن الفهم في السابعة ويدرك الحلم في الرابعة عشرة من عمره ويدرك الرجولة في سن الواحد والعشرين ،
ويقول أرسطو ان هضبات الحكمة هي سبع … وهو نفس عدد الهضبات الواجب تسلقها حتى يبلغ الرجل الحكمة .
و الرقم 7 هو القاسم المشترك لمعظم قصص الأطفال …رحلات السندباد السبعة . . . إلخ
لماذا سبعة ؟ و ليس 5 أو عشرة حسب أصابع اليد الذي استعمل في الأعداد النظام العشري . أولماذا ليس 4 أو 6 أو 12 الذي استعمل في تقسيم السنة إلى 12 شهر وليس 7 , لقد كان يستعمل في التقويم الشهر القمري الذي جعل السنة حوالي 12 شهر وهذا ما اعتمد في التقويم الشمسي الذي نشأ لاحقاً .
ما هو العامل أو السبب الذي جعل البشر قديماً تعتمد نظام السبعة في طريقة تعداد الفئات والبنيات ؟ والآن لم يعد يستعمل , فالملاحظ عندما استعملت الكتابة بكثرة بعد أن كان يعتمد على الشفاهية ( الذي يعتمد بكثرة على الذاكرة قصيرة الأمد ) , قد انخفض اعتماد التصنيف السباعي , فالكتابة تسهل التصنيف لأكثر من 7 فئات , لأنها تعتمد بشكل كبير على الذاكرة الدائمة .
يمكن أن يكون هذا على الأغلب ناتج عاملين :
العامل الأول : تعامل آلية عمل دماغنا مع الكثرة , واستعمالنا الشفاهية في التواصل , وكما ذكرنا ينخفض استعمال التصنيف السباعي أو لا يستعمل عند استعمال الكتابة بدل الشفاهية , وكذلك عند اعتمادنا على الذاكرة طويلة الأمد .
كيف يتعامل عقلنا لغوياً مع الكثرة
أن عقلنا عندما يتعامل بواسطة اللغة مع الأشياء ( أو الأفكار والمفاهيم ) والتي هي متعددة ومتنوع بشكل هائل, يسعى إلى ضم المتشابه منها في فئات أو زمر أو أصناف . فهذا يمكّنه من خفض عددها وبالتالي يسهّل عليه التعامل معها . فعندما يجمع كافة أشكال وأنواع كائنات حية معينة في زمرة واحدة , ويكون هذا حسب صفات وخصائص معينة تحملها كافة أفراد هذه الكائنات , وعندها يوحد تعامله مع هذه الزمرة ( أو الصنف ) حسب هذه الخصائص . فعقلنا دوماً يسعى للاختزال الكثرة والتعدد بالتصنيف من أجل تسهيل التعامل معها عند تواصله مع الآخرين .
إن طريقة التصنيف بنموذج الشجرة ( أصل وفروع 3- 4- 5- 6 – 7 – 8 . . ) هي الأكثر استعمالا وفاعلية والأنسب لعمل العقل البشري أثناء التواصل مع الآخرين .
وتخزين الكم الهائل للمعلومات في العقل البشري إذا لم يكن منظماً أو مصنفاً بطريقة نموذج الشجرة أو شبيه بهذا النموذج , لن يحقق فاعلية في استرجاع المعلومات مع أنها موجودة ومخزنة بقوة ووضوح في الذاكرة . فآليات الترابط والتداعي التي يستخدمها الدماغ لا تستطيع الوصول إليها , لاستدعائها إلى سبورة الوعي إن لم تكن مصنفة بطريقة الأصل , والفروع المترابطة معه .
والعامل الثاني : أسس عمل ذاكرتنا ( تسجيل وحفظ - واسترجاع ) . وبالذات ناتج عن خصائص الذاكرة قصيرة الأمد .
نذكر أسس الذاكرة والتذكر
الذاكرة والتذكر بشكل عام هما : الاسترجاع للأحاسيس أو الأفكار أو الأحداث الماضية . ويتم ذلك بواسطة القدرة على تسجيل الدلالات والمعلومات التي تمكننا من استرجاعها أو استرجاع ما يشبهها، ويتم ذلك بالاعتماد على خصائص وقدرات الدماغ .
فالتذكر هو ( إعادة ) تشكيل أحاسيس أو أفكار أو حوادث في الدماغ حدثت في الماضي ، وذلك نتيجة مؤثرات جديدة، وهو ليس استدعاء لها بالمعنى الحرفي .
وهذا ينعكس في القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات حول وقائع العالم الخارجي والداخلي واستجابات العضوية ، وبالتالي إدخالها المتعدد في وشائج الإدراك والمعرفة والسلوك. وذلك بتحقيق الربط بين الوضعيّات السابقة للحالة النفسية، والوضعيّات الراهنة ، وبين عمليات التحضير للأوضاع المستقبلية.
والتذكر الإرادي المقصود يعني التفكير أو الإحساس بشيء ما، كان معاشاً في الماضي . أي هو فعل إرادي مقصود وليس توارد خواطر يتم من تلقاء ذاته وهو (خاص بنا) . أي هناك فرق بين التذكر الإرادي المقصود للأفكار والوقائع والأحاسيس، وبين تداعي ذكريات الأحداث أو الأفكار من تلقاء نفسها نتيجة الأحداث الجارية التي تذكرنا بها , وهذا ما تمارسه باقي الكائنات الحية .
إن ذاكرتنا نحن البشر أصبحت مرتبطة بتفكيرنا بواسطة اللغة , فنحن نقوم بالتذكر الإرادي الهادف والمنظم وبمساعدة اللغة . وأثناء تواصلنا مع الآخرين نستخدم اللغة لنقل ما نتذكره , أي أن اللغة هي التي تصيغ وتصور ذكرياتنا عند تواصلنا مع الآخرين . ونحن نلاحظ كيف تعجز اللغة عن تمثيل ونقل للآخرين , الكثير من الأحاسيس والعوطف وبعض الأفكار .
المهم أننا نحن محكومين بطبيعة وخصائص اللغة عند تواصلنا مع الآخرين .
هناك شكلين للذاكرة .
الأول دينامي ( أو الذاكرة قصيرة الأمد) : وهو مؤلف من تيارات كهربائية عصبية أو ترددات و طنينات كهرطيسية , وهذا ما يعتبر الذاكرة العاملة , و يعتبره البعض الذاكرة القصيرة الأمد . وهذه التي تهمنا لتوضيح ( لماذا السبعة )
ما هي الذاكرة القصيرة الأمد :
عندما يطلب منك استرجاع فوري لمادة كنت قد قرأتها أو لرقم كنت قد سمعته للتو أو بعد فترة وجيزة من عرضها فإن عليك عندئذ أن تعتمد في استرجاعك على الذاكرة الدينامية التي يطلق عليها البعض (الذاكرة القصيرة المدى) .
والاحتفاظ برقم هاتف جديد، أو اسم شارع جديد تسير فيه أو تتجه إليه أو مقطع من جملة وصلت إلى مسامعك منذ برهة، أو مقاطع صوتية من لحن موسيقي توقف فجأة، أو عدد من الكلمات التي فرغت من قراءتها منذ قليل , من عمل الذاكرة الدينامية .
إن سعة الذاكرة الدينامية أو القصيرة المدى لدى غالبية البشر هو 7 فئات وهذا معناه أن الشخص العادي يستطيع أن يختزن في ذاكرته القصيرة المدى ( 7 ) عناصر أو بنود وهذه العناصر أو البنود يمكن أن تكون اعداداً أو حروفاً أو مقاطع صماء أو كلمات , وهناك قليل من الأفراد تخزن أقل من 7 (5 أو6 ) عناصر , أو أكثر من 7 ( 8 أو 9 ) عناصر .
وإن سعة الذاكرة القصيرة المدى تظل هي هي، بغض النظر عن المادة ذاتها. أي أن هذه العناصر يمكن أن تكون حروفاً أو كلمات علماً بأن كل كلمة مؤلفة من عدد من الحروف، إن هذه الوضعية تشير إلى أن ما تختزنه الذاكرة القصيرة المدى هو وحدات ذات معنى من المعلومات وليست الجزئيات التي تتألف منها هذه الوحدات .
ولزيادة التوضيح نذكرنظرية " الشّنكات "
في الستينات من القرن الماضي حاول " سيمون و شاس من جامعة كرنيكي ملون " التوصل إلى فهم أفضل لذاكرة , إذ تابعا ما قام به " دو كروت " , بسؤال واختبار لاعبي الشطرنج من مستويات مختلفة , فتبين لهم أن الذاكرة الشطرنجية هي نوعية أكثر مما كان يبدو من حيث إنها ليست مجرد توالف مع اللعبة نفسها , بل توالف مع الأوضاع النمطية لأحجار الشطرنج . فهذه التجارب أيدت الدراسات السابقة التي بينت بشكل مقنع أن القدرة أو الخبرة في مجال ما لا تنحو إلى الانتقال إلى مجال آخر .
كيف يعالج أساتذة الشطرنج كميات واسعة من المعلومات الشطرنجية المخزنة لديهم , وهي مهمة يبدو أنها ترهق الذاكرة العاملة , التي يعتمد عليها بشكل كبيرأثناء اللعب
لقد فسر " سيمون " ذلك باستعمالهم تشكيل الأوضاع الشطرنجية الكيفية , باستخدام نموذجاَ مبنياً على مجموعات من أحجار الشطرنج يتكرر ظهورها في أوضاع محددة تدعى " الشّنكات " .
وكي يتوضح مفهوم الشّنكات يجب توضيح " الذاكرة العاملة " التي يقول عنها عالم النفس " ميلر " أنها ( دفتر خربشات الدماغ ) والذي يعتمد ما يكتب فيه على ما يتم تذكره والتفكير فيه , ولا يمكن أن نفكر إلا بسبع + , - 2 أشياء أو مفردات في وقت واحد , وبضم تراتيبات المعلومات في شنكات يستطيع أساتذة الشطرنج احتواء كمية كبيرة من المعلومات في هذه الشّنكات السبعة . ففي سياق الشطرنج يمكن ملاحظة الفروق ما بين المبتدئين وأساتذة الشطرنج . فإذا كان على رقعة الشطرنج عشرون قطعة فقد يمثل ذلك بالنسبة للمبتدئ عشرون شكنة معلومات أما أستاذ الشطرنج فإنه يجمع بين قطع ليشكل عدد قليل من شنكات يستطيع التعامل مها بسهولة .
وهذا يشابه القراءة الكلمات بدل من قراءة الحروف أو قراءة الجمل بدل من قراءة الكلمات . فبدل أن يحوي الشّنكة حرف يمكن أن يحوي كلمة , أو يحوي جملة أو فكرة , أو يحوي قصة فيها مجموعة أفكار وحوادث .
وشكل الذاكرة الثاني البنيوي ( أو الطويلة الأمد ) : مكون من الخلايا والمحاور والمشابك والمواد الفيزيائية والكيميائية الدماغية , التي تبنى الذالكرة الدائمه منها.
ويجب التمييز بين بنيات الدماغ وناتج عمل الدماغ ( أي بين السوفتوير و الهاردوير) فالتفكير والأحاسيس هي سوفتوير , أي هي برامج , أحاسيس وأفكار وتصورات .. , تنتجها بنية الدماغ أو الهاردوير الدماغي .
كيف يتم استدعاء الإرادي للأحاسيس والأفكار المخزنة في الذاكرة إلى سبورة الوعي؟
إن آلية الاستدعاء تشبه قليلاً طريقة البحث في أجهزة الراديو أو التلفزيون عن إذاعة أو محطة تلفزيونية، فالذي يحدث هو توليف تردد دارات الاستقبال في هذه الأجهزة على تردد المحطة المطلوب استقبالها، فعندها يتم اختيار محطة من بين كل المحطات التي تبث في الفضاء، يذاع فقط ما تبثه هذه المحطة.
أما الذي يحدث في العقل، فهو يشبه هذا قليلاً، فهناك في الدماغ ما يشبه مفاتيح التوليف في أجهزة الاستقبال اللاسلكي وهي الأحاسيس الخام والذكريات المسجلة ( ولكنها بالملايين )، وعن طريق التحكم بهذه المفاتيح تفتح مسارات أحاسيس أو أفكار معينة وتستدعى إلى سبورة الوعي .
هذا يحدث في حالة الاستدعاء الإرادي لبعض ما هو مخزن في الذاكرة . إن هذه العملية تجري في الدماغ بطرق متنوعة وبعضها معقد جداً .
مدخلات ساحة الشعور أو سبورة الوعي , وما هي الطرق التي تدخل بها المؤثرات أو التيارات العصبية ساحة الشعور والوعي؟
هناك أولاً : واردات الحواس وهي التيارات العصبية الآتية من المستقبلات الحسية الداخلية، مثل الإحساس بالجوع أو العطش، وأحاسيس الانفعالات الكثيرة الأخرى , و كافة مستقبلات الحواس للمؤثرات الخارجية، مثل النظر والسمع....، وباقي مستقبلات الحواس الأخرى للعالم الخارجي.
وهناك ثانياً : واردات الذاكرة من اللحاء وباقي أجزاء الدماغ، وهي ذات أنواع مختلفة ، وذلك حسب آلية حدوثها وهي:
أ – الاستدعاء المخطط الإرادي الواعي ، نتيجة المعالجات الفكرية الإرادية الواعية , الآتية من مكتب الدخول ( الدماغ الحوفي بما فيه العقد القاعدية ) كي تعالج بالتسلسل . وهذه هي التي تهمنا لتوضيح ( لماذا سبعة )
ب- التداعي نتيجة الإشراط والارتباط أو التتابع الزمني , والارتباط المكاني (التجاور المكاني) , أوالارتباط للتشابه في التأثيرات أو المعنى (التشابه الذي يسمح بالتعميم) .
إن البنيات المتحكمة فيما يتم إدخاله لساحة الشعور ( بشكل إرادي ) هي بمثابة مكتب مسؤول عن ما يدخل لساحة الشعور لمعالجته , والدماغ الحوفي ( أو الجملة الحافية ) عنصر رئيسي في إدارة مدخلات ساحة الشعور , فهو مسؤول عن بناء الذكريات الهامة وأسلوب استخدامها , وما يكتسب تدريجياً من تعلم ومهارات وأساليب تصرف واستجابة لما يتعرض له الإنسان خلال حياته .
فتلعب البنى الحافية الدور الأول في إعداد وتنفيذ استجابات وسلوك الإنسان في حياته , فالدماغ الحوفي هو المتحكم الأساس في كل ما يتم إدخاله إلى ساحة الشعور أي هو المتحكم في مسار تفكيرنا . وأهم خاصية لمكتب الدخول هي :
1 - وضع أفكار أو معلومات معين في الانتظار ( 7 عناصر كحد أقصى ) ريثما تدخل لساحة الشعور كي تعالج , هذا الإدخال يتم حسب أهميتها . أن العقد القاعدية لها الدور الأساسي , فهي أماكن الانتظار السبعة لمكتب الدخول إلى ساحة الشعور . ربما كان التشكيل الشبكي في أول الأمر هو المسؤول عن مدخلات ساحة الشعور عندما كان الدماغ في بداية تطوره , ولكن عندما توسعت وتعقدت الأمور تكونت العقد القاعدية للقيام بهذه المهمة , وبقي للتشكيل الشبكي دوره كمتحكم بمدخلات الشعور في الأمور الأساسي والبسيطة . . ومن المرجح أن العقد العصبية القاعدية هي التي تتحكم في قدرة المرء علي البدء و التوقف عن ما يدخل لساحة الشعور .
2 - يكرر إدخال الأمور الهامة , والتي لم يتم حلها , أوالتي لم يكون الحل الذي تم التوصل إليه مرضي ويقبل به تقييم الدماغ الحوفي .
ملاحظة :
أن تصنيف الألوان إلى سبع قديماً تم بالاعتماد على الذاكرة القصيرة وهي التي تستخدم غالباً في التوصل الشفهي , ولكن الآن بعد استخدام الكتابة التي تعتمد على الذاكرة الدائمة بشكل كبير صنفت الألوان إلى عدد كبير مثل : أرجواني – حديدي – ذهبي - فضي – بترولي – سماوي – دم الغزال . . .
ولكن لماذا تصنيف النغمات الموسيقية لا يزال (7) ,وكيف يتعامل دماغنا مع النغمات الموسيقية . يجب دراسة واختبار علاقة ذلك بعمل الدماغ تجريبياً , فهذا يمكن أن يوضح بشكل كبير عمل الدماغ.
تعليقات
إرسال تعليق