اللطيف سبحانه هو الذي اجْتمع له العلم بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى من قدرها له من خَلقه مع الرفق في الفِعل والتنفيذ، والله سبحانه لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى الإنابة والتوبة والغفران، مهما بلغ بهم الذنب والجرم والعصيان، وهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم.
واللطيف أيضا هو الذي ييسر للعباد أمورهم ويستجيب منهم دعاءهم فهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون، فنعمه عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادون، ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون، كما أنه يحاسب المؤمنين حسابا يسيرا بفضله ورحمته، ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته.
يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك في إيصالها إلى المستصلح سبيل الرفق بدون العنف فإذا اجتمع الرفق في الفعل واللطف في الإدراك تم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك في العلم والفعل إلا لله سبحانه وتعالى فأما إحاطته بالدقائق والخفايا فلا يمكن تفصيل ذلك بل الخفي مكشوف في علمه كالجلي من غير فرق وأما رفقه في الأفعال ولطفه فيها فلا يدخل أيضا تحت الحصر إذ لا يعرف اللطف في الفعل إلا من عرف تفاصيل أفعاله وعرف دقائق الرفق فيها وبقدر اتساع المعرفة فيها تتسع المعرفة لمعنى اسم اللطيف.
فمن لطفه سبحانه وتعالى خلق الجنين في بطن أمه في ظلمات ثلاث وحفظه فيها وتغذيته بواسطة السرة إلى أن ينفصل فيستقل بالتناول بالفم ثم إلهامه إياه عند الانفصال التقام الثدي وامتصاصه ولو في ظلام الليل من غير تعليم ومشاهدة.
والله سبحانه وتعالى من حيث دبر الأمور حكيم ومن حيث أوجدها جواد ومن حيث رتبها مصور ومن حيث وضع كل شيء موضعه عدل ومن حيث لم يترك فيها دقائق وجوه الرفق لطيف ولن يعرف حقيقة هذه الأسماء من لم يعرف حقيقة هذه الأفعال.
ومن لطف الله سبحانه وتعالى بعباده أنه أعطاهم فوق الكفاية وكلفهم دون الطاقة ومن لطفه أنه يسر لهم الوصول إلى سعادة الأبد بسعي خفيف في مدة قصيرة وهي العمر فإنه لا نسبة لها بالإضافة إلى الأبد ومن لطفه سبحانه وتعالى إخراج اللبن الصافي من بين الفرث والدم وإخراج الجواهر النفيسة من الأحجار الصلبة وإخراج العسل من النحل والإبريسم من الدود والدر من الصدف.
والله هو اللطيف الذي اجتمع له الرفق في العقل، والعلم بدقائق الأمور وإيصالها لمن قدرها له من خلقه.
واللطيف في اللغة صفة مشبهة للموصوف باللطف فعله لطف يلطف لطفا، ولطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس، أو احتجابه وخفاؤه. واللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقه مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ، والله لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، قال تعالى: "أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ". [الملك :14].
ومن الدعاء القرآني باسمه اللطيف ما ورد في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام: "إن رَبِّي لطِيفٌ لِما يَشاءُ إنهُ هُوَ العلِيم الحَكِيم". [يوسف:100].
"اللهم إنك لطيف لما تشاء، وأنت العليم الحكيم، ارفع عني البلاء والشقاء، وأعذني من الشيطان الرجيم".
"اللهم الطف بي في تيسير كل عَسير؛ فإن تيسير كل عَسير عَليك يَسير، وأسألك اليُسْر والمعافاة في الدنيا والآخرة".
ومن آثار توحيد المسلم لله في اسمه اللطيف أن يتلطف للمسلمين، ويحنو على اليتامى والمساكين، ويسعى للوفاق بين المتخاصمين، وينتقي لطائف القول في حديثه مع الآخرين، ويبتسم في وجوههم.
وثبت أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ألاَ أخبِرُكمْ بِمن يَحرُم على النارِ أو بِمن تحرُم عليْهِ النارُ على كل قرِيبٍ هَيِّن ليِّنٍ سَهْل ". ومن حديث عبد اللهِ بن الحارث رضي الله عنه قال: "ما رَأيت أحَدًا أكثرَ تبَسمًا من رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم".
تعليقات
إرسال تعليق