القائمة الرئيسية

الصفحات



كانت مجموعة من النمل تعمل بدأب في نقل حبوب القمح المتناثرة هنا وهناك، إلى مقر "بيت" النمل الذي تم اختياره في جذع شجرة قديمة.



كان أفراد البيت مهتمين بتخزين ما يكفي من المؤن للشتاء القادم. وهي مهمة مقدسة أخذها الخلف عن السلف. فإذا كان مسموحا لجماهير النمل أن تبدي رأيها في كثير من أمور الحياة. فإن مسألة العمل لا يمكن الجدل حول أهميتها. 

إلا أن نملة صغيرة أبدت في يوم من الأيام تذمرها من هذه المهمة الفارغة، وقالت لرفيقتها: 
- "هراء أن تكون حياة النمل مقتصرة على نقل أشياء سخيفة". 

فسألتها النملة الرفيقة بكثير من الدهشة: 
- "ماذا تقولين؟ كيف نعيش من غير طعام؟". 

فأجابتها النملة الأولى بلا مبالاة: 
- "إننا سنموت على كل حال. يكفي أن يعبث بخليتنا طفل بريء، أو تدوسنا في الطريق أقدام ضخمة، أو يحرقنا رجل محبط لمجرد أنه ضجر ويريد أن يتسلى". 

فقالت الرفيقة : 
- إن البشر يموتون أيضا، لقد علمت أن جميع الكائنات تموت مثلنا تماما، ومع ذلك فهي لا تتوقف عن القيام بشيء ما. 
إنه الواجب المقدس". 

أجابت النملة الضجرة : 
- "الحقيقة هي أنني مللت هذا الأمر الذي تسمينه مقدسا، لقد فقدت عنصر الدهشة في حياة رتيبة لا جديد فيها. 
إن حبوب القمح متشابهة حتى ليخيل إليَّ أنني نقلت حبة قمح واحدة طوال حياتي". 

قالت النملة الرفيقة : 
- "إن المصلحة العامة تقتضي أن أقوم بكتابة تقرير مفصل عن نواياك السيئة هذه". 
وهرعت الرفيقة لمقابلة النملة قائدة الفصيل. 

جلست النملة الضجرة في ظل أعشاب جافة، وأخذت تفكر : "إنهم مجانين. يعملون ليل نهار وكأنهم خالدون إلى الأبد، إنهم يزدادون سمنة فحسب، ومع ذلك فالموت يبتلع الجميع أخيرا". 

انتشر خبر النملة الضجرة في أوساط النمل، وصار الجميع ينظر إليها بعين الشماتة والازدراء. حتى أن إحدى النملات المدللات قالت وهي تمر من أمامها : 
- "تلك هي النملة الساقطة، كم أرجو لو يسمحون لي بدق عنقها". 

وقالت نملة مدللة أخرى : 
- "ينبغي أن لا تظل هذه النملة الفوضوية بيننا بعد الآن". 

أشاحت النملة المتمردة بوجهها وهي تقول: 
- "هؤلاء المتحمسون الأوغاد". 

محمد طميلة
Reactions

تعليقات