القائمة الرئيسية

الصفحات




الحكايات القديمة، والقصص التراثية مليئة بالطرائف والحكم والمآثر، ومنها كتاب «كليلة ودمنة»، الذي يكاد يكون الاشمل والادق في اسقاط القديم على الحديث، حتى ان من يقرأ حكاياته يحسبها انها كتبت ليومنا هذا، وهذه احداها لابد وان يفهمها كل لبيب فطن.


يقال ان سراقاً تسوروا ليلا بيت رجل من الاغنياء، فأحس بهم صاحب البيت، وعرف انهم لم يعلوا ظهر البيت ليلا، والناس نيام الا لسوء يريدونه، فنبه امرأته بصوت خافت بأن لصوصا اتوا ليسرقوا بيته، فلتفعلي ما اقوله لك وكأنني نائم، فأيقظيني، وقولي لي بصوت يسمعه السراق: يا صاحب البيت ألا تخبرني عن اموالك هذه الكثيرة، وكنوزك من اين جمعتها؟ فإذا أبيت عليك فألحي علي في السؤال، ففعلت المرأة، فسألته كما امرها، وكان اللصوص يسمعون حديثهما.

فقال الرجل، بصوت مرتفع: يا أيتها المرأة، قد ساقك القدر الى رزق كثير، فكلي واسكتي، ولا تسألي عما لو اخبرتك به لم آمن ان يسمعه سامع، فيكون في ذلك ما اكره وتكرهين، فقالت المرأة: اخبرني ايها الرجل، فلن يسمع كلامنا احد، قال: فإني اخبرك اني لم اجمع هذه الاموال وهذه الكنوز الا من السرقة، وكيف جمعت هذه الاموال وهذه الكنوز من السرقة، وانت في اعين الناس عدل رضا لا يتهمك احد ولم يرتب بك؟ قال: ذلك لعلم اصبته في علم السرقة، فكان الامر اوفق وأيسر من ان يتهمني احد ويرتاب بي، قالت: وكيف ذلك؟ قال: كنت اذهب في الليلة المقمرة ومعي اصحابي حتى أعلو ظهر البيت الذي اريد ان اسرق اهله، وأنتهي الى الكوّة التي يدخل منها ضوء القمر، فأتلفظ بهذه الرقية: «شولم شولم»، سبع مرات، ثم اتمسك بالضوء، فأهبط الى البيت، فلا يحس بنزولي احد، ثم اني اعيد قول الرقية، «شولم شولم» سبع مرات فلا يبقى في البيت مال ولا علق الا بان لي، فأسرق منه ما ارى، ثم اني احتضن ضوء القمر مرة اخرى، واقول رقيتي سبع مرات، فيعيدني الضوء الى اصحابي واحملهم ما معي ثم ننسل.

سمع اللصوص كل ما قيل، فقالوا لقد ظفرنا من هذا البيت بما هو خير لنا من المال الذي كنا نريده، لقد اصبنا علما اذهب الله به عنا الخوف وأمننا من السلطان، ثم انهم اطالوا المكث حتى استيقنوا ان صاحب البيت وامرأته قد ناما، فتقدم رئيسهم الى مدخل الضوء من الكوة، وقال: «شولم شولم» سبع مرات، ثم احتضن الضوء لينزله به، كما زعم، فوقع في البيت مرضرضا، وكان صاحب البيت في انتظاره، فوثب عليه فأوسعه ضربا بهراوته حتى أثخنه، ثم سأله: من أنت؟
فقال السارق: انا المصدق المخدوع المغتر بما لا يمكن ان يكون.
Reactions

تعليقات