تروي هذه القصة حكاية رجل واسع الغناء، عنده قصر كبير مليئ بالتحف والقطع النادرة، دمس المعشر، قوي البنية، لا يعيبه شيء سوى أن له لحيته زرقاء.
أعجب بابنة جيرانه التي قبلت بالزواج به رغم لحيته الزرقاء التي كانت تثير اشمئزازها طمعاً بالمال والقصور التي يملكها.
في يوم من الأيام قرر الرجل ذو اللحية الزرقاء أن يذهب في رحلة لوحده فأعطى زوجته مفاتيح كل غرف القصر لكنه أشار إلى غرفة في اخر القصر مانعاً إياها الدخول إلى تلك الغرفة.
لم تتمكن الزوجة من كبح جماح فضولها طويلاً لتعرف ما يوجد بداخل تلك الغرفة. وفي مساء أحد الأيام توجهت إلى الغرفة وفتحتها وهناك الصدمة… وجددت داخل الغرفة جثث لنساء معلقة، إنها جثث سابقاتها من نساء الرجل ذو اللحية الزرقاء..
بعد أن استفاقت من صدمتها خرجت مسرعة من الغرفة مقفلة الباب خلفها. لكنها لاحظت أن مفتاح الغرفة الذي بيدها بدأ ينزف دماً وكلما مسحت الدم عاد المفتاح لينزف من جديد.. وهنا أدركت حجم ورطتها فأسرعت في الارسال لاخوتها لطلب النجدة.
قبل وصول إخوتها وصل ذو اللحية الزرقاء من رحلته وعرف بالأمر فهمّ بأن يقتلها ولحسن حظها وصل اخوتها في تلك اللحظة وقتلوا ذو اللحية الزرقاء.
اللحية الزرقاء: حكاية خرافية للكاتب الفرنسي شارل بيرو
العبرة
مهما كثرت محاسن الشخص من مال أو جمال فلا يمكن التغاضي عن لحيته الزرقاء. إن الذي يتغاضى عن إحدى الشذوذات الواضحة في شريكه مقنعاً نفسه أن هذا لن يؤثر مادام يملك المال أو الجمال فإنها يعرض سعادته للدمار. لا يكفي أن ننظر إلى سطحية الأشخاص الذين نريد الارتباط بهم بل علينا أن نبحث في أعماقهم فنعرف داخل نفوسهم لنفهم طباعهم التي تظهر للعيان على شكل لحية زرقاء.
الفضول والحشرية هي أحد الأسباب الأهم في تدمير حيات الناس. في هذه الرواية نجد محاكاة لقصة ادم وحواء في العهد القديم (الشجرة الممنوعة والغرفة الممنوعة) وفي كلتا الروايتين فإن فضول حواء وفضول الزوجة هو سبب هدم الجنة التي تعيش فيها.
عندما نقرر الارتباط علينا أن نضع كل ماضينا في غرفة ونغلق عليها جيداً بالمفتاح ويفضل أن نضيع المفتاح.. لا أقصد أبداً أن لا نخبر شريكنا بوجود غرفة سرية وإنما إبقاء هذه الغرفة في الماضي الذي لا يمكن الرجوع إليه.
بعد أن نرتبط بشخص علينا أن لا نبحث في ماضيه فهذا يهدد علاقتنا بالموت. علينا أن نقبل بأن لكل منا حيز خاص به وكما أشرت سابقاً في الماضي الذي لا يمكن الرجوع إاليه.
وأهم من كل ذلك الحفاظ على الأمانة والثقة في العلاقة لأن أي جرح فيها ينزف إلى الأبد.
تعليقات
إرسال تعليق