كان المعتصم يسير في طريق وذلك في يوم مطير، وقد تبع ذلك ليلة مطيرة وانفرد من
أصحابه، وإذا حمار قد زلق ورمى بما عليه من الشوك، وهو الشوك الذي توقد به التنانير بالعراق، وصاحبه شيخ ضعيف واقف ينتظر إنساناً يمرّ فيعينه على حمله، فوقف عليه، وقال: مالك يا شيخ؟ قال: فديتك، حماري وقع عنه هذا الحِمْل، وقد بقيت أنتظر إنساناً يعينني على حمله. قال: فذهب المعتصم ليخرج الحمار من الطين، فقال الشيخ: جعلت فداك! تفسد ثيابك هذه وطيبك الذي أشمّه من أجل حماري هذا؟ قال: لا عليك، فنـزل واحتمل الحمار بيد واحدة وأخرجه من الطين، فبُهت الشيخ وجعل ينظر إليه ويتعجب منه، ويترك الشغل بحماره، ثم شدَّ عنان فرسه من وسطه، وأهوى إلى الشوك وهو حُزْمتان فحملهما فوضعهما على الحمار، ثم دنا من غدير فغسل يديه واستوى على فرسه. فقال الشيخ: رضي الله عنك، فديتك يا شاب، وأقبلت الخيول، فقال لبعض خاصته: أعْطِ هذا الشيخ أربعة آلاف درهم، وكن معه حتى تجاوز به أصحاب المسالح، وتبلغ به قريته.
تعليقات
إرسال تعليق