كيف تتجاوز صدمة وفاة عزيز؟
يعتقد كثيرون، في بادئ الأمر، أن الحياة ستتوقف بعد فقدهم عزيزا على قلوبهم، وأنهم لن يقووا على المضي في الحياة وحدهم، وأنهم لن يستطيعوا السير في قطار الحياة.
ورغم أن الموت مصير كل إنسان، إلا أن السؤال الذي يلح على كثيرين:
ماذا عن الأحياء الذين يفارقون أحبتهم وكيف يتعايشون مع فقدانهم؟
- قبل كل شيء، حاول أن تقوم بواجباتك تجاه نفسك وتجاه كل من حولك خير قيام، لئلا تعاني من عذاب الضمير عند فقدان أحدهم. بر والديك ولا تقصر بأقاربك وأصدقائك وجيرانك. تعوّد الصبر والتسامح وعدم التكلم على أحد إلا بالخير، وكذلك عليك ألا تساعد أحدا على فعل ما هو ضار والحث على فعل الخيرات وما يعود بالفائدة عليك وعلى الآخرين دائما. لا تنس العطاء، فلا ترد طالبا أبدا لئلا يردك الله عندما تطلب منه شيئا.
لكن إن كنت قد قصّرت بحق أحدهم، فلا تيأس ولا تستسلم لعذاب الضمير، فما عليك إلا أن تسعى لإصلاح الموقف عند اكتشافه فقط. فمثلا إن توفي أحد أصدقائك وقد كنت على خلاف معه، فتصالح أنت مع نفسك ومع الآخرين من الأصدقاء واذكر محاسنه أمام الجميع وادع له بالرحمة وكذلك اطلب من الآخرين أن يدعو له ويذكروا محاسنه، وخصوصا الأطفال والضعفاء. كما تستطيع أيضا أن تكمل طريقه التي كان قد بدأها إن كانت طريق خير وأن تحب كل من كان يحب وتطلب له السماح من آخرين. قم بشراء ما يحب ووزعه على الفقراء وعلى الناس الذين كان يحبهم، واطلب دائما بالجميع أن يدعو له بالرحمة.
- من المفيد في بادئ الأمر أن تعتزل بنفسك قليلا وتفرغ حزنك وغضبك بطريقة لائقة. لكن حاول أن تقلل من عزلتك بعد ذلك وجد عزاءك مع من حولك من الناس الذين أتوا ليواسوك. تمسك بالحياة واعلم كم أنت محبوب ومحظوظ لأن حولك الكثير من الناس الذين تركوا أشغالهم وبيوتهم وأتوا من أجلك أنت.
- انظر حولك لتجد الأمان. افتح النوافذ ودع النور يدخل للبيت ولاحظ أن الشمس ما تزال تشرق وأن هناك الكثير من الناس السعداء.
- اكشف الغطاء عن قلبك وتعرّف على مشاعرك فحددها تماما؛ قل مثلا إنك تشعر بالحزن لفراق هذا الشخص أو إنك تشعر بالخوف من الوحدة بعده وهكذا. تذكّر عزيزك واسترجع كل ذكرياتك معه، انظر إلى صوره وأغراضه وابك لتخرج ما في جعبتك من أحزان. فضفض لشخص قريب منك أو لنفسك أو للورق، وإياك أن تكتم داخلك. سيكون هذا صعبا في البداية وسيؤلمك كثيرا، إلا أن تكراره لهذه التجربة لعدد من المرات مع وجود نيتك وإصرارك على التعافي والنسيان سيشفيك حتما. ولن تصدق أنك بعد أيام قليلة ستتخلص من آلامك وستشعر بحزن قليل جدا عند ذكر اسم هذا الشخص أمامك.
- عزز الجانب الروحي في حياتك؛ الجأ إلى الله واطلب منه أن يقف معك. ابتسم وساعد الناس حتى في عزّ أزمتك فأقوى الناس وأكثرهم ثباتا هم أولئك الذين يستطيعون التبسم حتى في أقسى الظروف. أعط من قلبك، فتبرع بملابس عزيزك واشتر ما كان يحب من أشياء واعطها للناس ولا سيما المحتاجين.
- تعلّم من تجربتك هذه وكن ممتنا لها، فقد علّمتك الصبر على البلاء وجمّعت الكثير من الأهل والأحبة حولك ومنحت فرصة معرفة الناس في المواقف المختلفة وتمييز معادنهم، كما قوّت صلتك بالله وعززت الجانب الروحي من حياتك.
- أكمل حياتك كالمعتاد.. تخيل فقيدك يكلمك ويقول لك اعتنِ بنفسك. لا تأخذ إجازة أكثر من 3 أيام، بعدها أكمل مشوار حياتك وتذكر دائما أن عزيزك الذي فقدته لن يقبل أن تحكم على حياتك بالفشل أو أن توقفها من أجله. اعمل وشاهد التلفاز واخرج مع أصدقائك وارتد ملابسك الملونة الزاهية كالمعتاد. نظم رحلة لتخرج من جو الحزن مع من تحب واستمتع.
- عوّض ما فقدت من طاقة وغذاء ونوم، ومارس التمرينات الرياضية بانتظام، واخرج ما لديك من طاقة سلبية فورا لئلا تؤثر على سير حياتك. خذ نفسا عميقا من أنفك وقكر فيه أنك شخصا سعيد وأن حياتك جميلة وستستمر، احتفظ به قليلا ثم اخرجه ببطء من أنفك وارم معه كل المشاعر السلبية.
تمرين تنفس يساعدك في التخلص من الطاقة السلبية
استنشق الهواء من أنفك 4 ثوان واحتفظ 10 ثوان به وفرغه 5 ثوان. زد المدة مع الحرص أن مدة التفريغ تساوي نصف مدة الاحتفاظ بالهواء في الجسد. تخيل أنك تدخل الراحة والاسترخاء إلى جسدك مع الشهيق وتخرج الأفكار والمشاعر والذكريات السلبية مع الزفير.
طبق هذا التمرين يوميا قبل النوم؛ فقد أثبتت الدراسات أنه من الخطير أن نخزن الأفكار السلبية داخلنا؛ لأنها تخزن في اللاوعي وتؤثر على كل كبيرة وصغيرة في حياتنا، كما أن النوم يستنهض ما خزناه طوال فترة استيقاظنا ويثبته. لذا علينا تطبيق هذا التمرين لنفرغ كل ما خزنا من طاقة سلبية خلال يومنا قبل أن يثبت في اللاوعي. وأن نملأ آخر 45 دقيقة من يومنا بالسعادة والراحة والتفاؤل.
تمرين تنفس يساعد على توليد الطاقة الإيجابية
طبق هذا التمرين كل صباح لتبدأ يومك بالإيجابية، ويفضل فعل ذلك خلال ساعات الصباح الباكر (في وقت الفجر) لأن الطاقة الكونية تكون فيها في أوجها ونستطيع التزود بها بالقدر الذي نريد.
- استنشق الهواء من أنفك لـ 6 ثوان، وازفره من فمك لـ 6 ثوان أخرى كأنك تطفئ شمعة بهدوء. افعل ذلك 10 مرات وكرر 3 مرات يومياً.
- افرك بإبهامك النقطة الواقعة في كف يدك بهدوء كلما شعرت بالضيق أو التوتر وابتسم، وهز رأسك وتخيل أنك تخرج الأفكار السلبية منه. واستخدم رائحة اللافندر والبابونج لعمل مغطس يدعو للاسترخاء وضع القليل من هذه الروائح تحت وسادتك لتنعم بنوم هادئ، اشرب الحليب الدافئ واطفئ الأضواء، تنفس ببطء وعد للعشرة تصاعديا وتنازليا لتستطيع النوم كلما عانيت من الأرق.
- لا تعتقد أنك لن ترى فقيدك أبدا، فستستطيع أن تراه كلما أردت أنت ذلك. هو موجود فيك وفي كل ما علمك إياه وكل ما قاله لك، وفيمن حولك وما حولك. كما أنك تستطيع أن تأخذ ذكرى منه لتنظر إليها وتحدثها كلما احتجت أن تحدثه. فكر أن ميتك الآن بأمان وأنه قد ارتاح وللأبد.
أما إن كنت تود أن تواسي من فقد عزيزا فتحضر أن تستمع أكثر مما تتكلم، اسأله عن شعوره الآن وعن شعوره عندما تلقى الخبر. اسمح له بالبكاء والفضفضة، ولا تكثر من الأسئلة. اجلس بجانبه وامسك يده وضبطب على ظهره أو امسك بيدك على رأسه؛ فللمس تأثير كبير على النفسية والإقناع. ادعمه نفسيا وعمليا، أي قم أنت عنه بتقديم القهوة للضيوف وساعده في التنظيف واعتن بأطفاله وساعده في إجراءات الدفن. انقله لمكان آمن واجلس معه وتكلم معه بمواضيع أخرى لتخرجه قليلا من المزاج السيئ قدر المستطاع. قل له إنه ليس وحده وارو له قصص أناس فقدوا عزيزين على قلوبهم وكيف استطاعوا تخطي هذه الأزمة. اشركه في نشاطات جماعية واخرج معه في رحلة بين أحضان الطبيعة. تردد على زيارته ومهاتفته، ولا تتوقف عن هذا مع انتهاء أيام العزاء.
ميس نبيل طمليه
تعليقات
إرسال تعليق