أخطاء طبية خطرة يقوم بها الوالدان
تشهد أقسام الطوارىء في المستشفيات حالات كثيرة لأطفال تعرضوا للتسمم الدوائي. وبحسب الاطباء فإن سبب هذه الحالات يرجع في الغالب الى اخطاء دوائية شائعة يقوم بها الوالدان مثل اعطاء الطفل دواء غير مناسب او عدم قياس الجرعة بطريقة صحيحة او تكرارها. وقد تسبب هذه الأخطاء مضاعفات خطرة، خاصة لحديثي الولادة او الرضع، حيث ان صغر حجم وكتلة جسم الطفل الصغير وعدم نضوج جهازه الهضمي والحيوي تجعله اكثر حساسية وضعفا تجاه اي زيادة في الجرعة او اي خطأ دوائي.
قد تكون خشية الاطباء من اخطاء اولياء الامور الدوائية سبب توصية اكاديمية طب الاطفال الاميركية بعدم وصف بعض انواع العقاقير التي تعالج نوبات البرد والسعال للاطفال تحت سن الاربع سنوات، والحرص على اتباع ارشادات المعالج فيما يتعلق بكمية ومواقيت جرعات دواء الطفل المصاب.
هناك اخطاء شائعة يتشارك فيها معظم اولياء الامور، التي رغما عن بساطتها فإن لها تأثيرا كبيرا على صحة الطفل الصغير. ومن اهمها:
• إعطاء الجرعة الدوائية مرتين
قد ينسى احد الوالدين انه قد اعطى طفله المصاب جرعته الدوائية في وقت سابق، فيكرر اعطاءه الدواء، او قد تقوم الام بإعطاء الدواء لتكتشف لاحقا أن الاب او احد افراد الاسرة قام بذلك سابقا. وفي هذه الحالة، ما التصرف السليم؟
من المهم توضيح ان تناول الاطفال الصغار لجرعة مضاعفة من الدواء قد يسبب اصابتهم بالتسمم الدوائي. وعليه، يجب اخذ الطفل في اسرع وقت الى الطبيب ليخضع للفحص ويوضع تحت اشراف طبي الى حين الاطمئنان على صحته. فتناول جرعة كبيرة من بعض العقاقير الدوائية قد يؤدي الى حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي او القلب، وقد يعرض حياة الطفل الصغير للخطر. وكحل مناسب لتفادي حدوث هذا الخطأ، يفضل ان نوكل مهمة اعطاء الطفل الدواء الى فرد واحد من الاسرة فقط. وفي كل مرة يعطى فيها الدواء للطفل عليه ان يخبر احدا او يكتب ذلك حتى يتذكر أنه اعطى الطفل الدواء في وقته ولا يعيد الكرة.
• زيادة الجرعة
رغما عن اختلاف الاعراض التي تعالجها معظم ادوية علاج البرد والسعال التي تسمى OTC، فإنها تحتوي على مادة فعالة متشابهة. على سبيل المثال، معظم الخلطات العقاقيرية التي تعالج اعراض نوبات البرد تحتوي على مادة الاسيتامينوفين وهي مادة مسكنة للألم ومخفضة للحرارة، وهي ذاتها الموجودة في عقاقير تخفيض الحرارة الشهيرة مثل التايلينول. لذا، إن كنت تعالجين طفلك المصاب بنوبة البرد باستخدام عقار يحتوي على هذه المادة وعقار مخفض للحرارة مثل التايلينول، فانت بذلك تعطينه جرعة مضاعفة من هذه المادة.
حتى تتفادي الوقوع في هذا الخطأ، لا تعطي الطفل عقارين في الوقت ذاته الا اذا امر الطبيب بذلك، ويقترح علاج اعراض المرض الرئيسية من خلال تناول عقار واحد فقط. ويجب على الوالدين قراءة ورقة وصف الدواء الموجودة في علبة العقار، للتعرف على ما يحتويه من مواد فعالة وأي آثار جانبية او عقاقير لا يجب تناولها معه.
• التغاضي عن إرشادات الطبيب
من المغري التوقف عن اعطاء الطفل المضاد الحيوي مبكرا عندما يظهر عليه التحسن وتختفي اعراضه، خاصة لو كان من النوع الذي يرفض ويحارب بشدة تناوله.
لكن المشكلة ان البكتيريا هي ميكروبات قوية وذكية وشديدة المقاومة، فمن الممكن ان تضعف وتتقهقر لتختبىء في مغلفات تحميها الى حين تستجمع قواها لتخرج منها وتبدأ بالتكاثر. وإن لم يتناول الطفل كامل كورس المضاد الحيوي، ستنمو البكتيريا الضعيفة وتطور مناعة ومقاومة للمضاد الحيوي الذي استخدم سابقا.
وهنا تحدث الانتكاسة ويمرض الطفل ويجب بدء علاجه هذه المرة بتناول كورس كامل من نوع آخر من المضادات لحيوية يكون اقوى تأثيرا وقد ترافقه آثار جانبية اكثر حدة، وهو ما يبين اهمية اتباع إرشادات الطبيب حول خطة العلاج بالضبط منذ البداية.
وكحل لمشكلة عدم تعاون الطفل، اسالي الطبيب والصيدلي حول امكان اضافة منكهات او خلط الدواء مع الطعام حتى يتقبل الطفل تناول الدواء او لا يشعر به.
• إعطاء الدواء لأهداف أخرى
من الوارد ان يستعمل اولياء الامور بعض علاجات الحساسية ونزلات البرد التي تسبب النعاس لأهداف غير علاجية، حيث تعطي بعض الامهات الطفل هذه الانواع من العقاقير، مثل بنادريل، حتى يساعدنه على النوم في الطائرة اثناء الرحلات الطويلة. لكن ما لا يعرفه البعض هو ان ردة فعل جسم اكثر من %10 من الاطفال تكون مغايرة تماما لما يرغب به الوالدان، حيث يسبب العقار لهم فرطا في النشاط.
وقد اكد بحث لأطباء من جامعة جورج تاون الطبية أن عقار البنادريل الذي يعتقد بأنه يسبب النعاس ويساعد الاطفال على النوم بسرعة، قد يسبب للبعض فرطا في النشاط. ويقترح اطباء الاطفال على الوالدين ان يستخدموا خيارات اخرى خلال الرحلات الطويلة، مثل انهاك الطفل في اللعب والمجهود البدني قبل الرحلة او احضار العديد من الالعاب المسلية والوجبات الصحية الخفيفة (تفادي الشوكولاتة والسكريات والكافيين) وان يتحلوا بالكثير من الصبر.
• الخطأ في قياس الجرعة
هل تعلم أن ملعقة الطعام الكبيرة تحمل ضعف واحيانا ثلاثة اضعاف السائل مقارنة بالملعقة الصغيرة او التي توضع في كأس العيار او الحقن او الملعقة الطبية. وبحسب دراسة نشرتها مجلة الممارسة الطبية العالمية، فحتى ادوات القياس الطبية قد ترافقها مشاكل اخرى اذا لم يكن الوالدان حذرين وحريصين في طريقة قياس الجرعة. وكشفت دراسة من كلية الطب في نيويورك أن %70 من اولياء الامور يضعون عمدا كمية اكبر من السوائل في ادوات القياس. وغالبا ما يرجع ذلك الى اعتقادهم الخاطئ بأن تناول الطفل لجرعة اكبر افضل لصحته.
ولتفادي هذا الخطأ يقترح الاطباء قياس جرعة الدواء باستخدام القطارة او الحقنة او الملعقة الطبية بدلا عن ملعقة المطبخ او الغطاء او حتى كوب المعيار الطبي. ولا بد من تحديد كمية السائل بحرص وقراءة الارقام على ارتفاع يوازي البصر. ومن المهم اعطاء الطفل الجرعة التي وصفها الطبيب بالضبط، وعدم التغاضي عن 0.5 ميللي ليتر. فجرعة 7 ميللي ليتر تختلف تماما عن جرعة 7.50 ميللي ليتر ويجب ان يتناول الطفل ما وصف له. وان كتب الطبيب ملعقة صغيرة فهي مختلفة عن الملعقة الكبيرة، لان الملعقة الكبيرة تحتوي على ضعف او ثلاثة اضعاف كمية الملعقة الصغيرة.
• تمثيل دور الطبيب
على سبيل المثال، ان اشتكى الطفل من الم في البلعوم مثلما كانت اخته تشكو منذ فترة، وكنت قد عالجتها بعقار معين لا يزال متوافرا لديك، فقد تشعرين أنه من المناسب ان تشخصي مرضه وحالته بنفسك وتعالجيه بنفس العقار الذي استعمل لعلاج اخته سابقا.
لكن، ماذا لو كان تشخيصك لمرضه خاطئا؟ فمن الممكن ان تصبح حالة طفلك اكثر سوءا مع مرور الوقت. فقد تظهر على بعض الاطفال جميع اعراض التهاب البلعوم نتيجة معاناتهم من مشاكل في الحنجرة او الرئة، وفي هذه الحالة لن تفيد معالجتهم بالمضادات الحيوية، بل قد تضرهم وتسبب ظهور اعراض اخرى او تفاقم الحالة. كما ان تناول مضاد حيوي من غير جدوى يزيد من فرصة تطور البكتيريا المقاومة للعلاج وهو امر خطر، حيث يسبب صعوبة الشفاء وطول مدة العلاج.
ولتفادي الوقوع في هذا الخطأ، يجب ان لا يتقمص احد دور الطبيب ويترك مهمة التشخيص والعلاج الى الطبيب. ويمنع مشاركة الاطفال في العقاقير الطبية، حتى لو كانوا يشكون من الاعراض ذاتها والحالة المرضية ذاتها. ولا تنسي ان الجرعة تختلف من طفل الى آخر وتعتمد على وزنه وعمره وتاريخه المرضي.
• الاعتماد على العمر لتحديد الجرعة
يهضم جسم الطفل الدواء بشكل مختلف اعتمادا على وزنه وليس سنوات عمره. وهذه الحقيقة مهمة جدا ان كان طفلك لا يتبع الوزن الطبيعي، فيكون وزنه اما اقل او اكثر من الوزن المثالي لعمره.
ففي دراسة من جامعة ميناسوتا لطب الصيدلة وجد الباحثون أن الاطفال المصابين بالسمنة المفرطة يهضمون الكافيين والعقاقير الدوائية بشكل اسرع مقارنة بمن هم في عمرهم ولديهم وزن مثالي، ما يدل على ان البدناء يحتاجون الى جرعة دوائية أكبر من المقترحة لمن في مثل اعمارهم.
لذلك، يجب على الام ان تستشير الطبيب والصيدلي دائما حول جرعة العقار المناسبة لوزن طفلها، حتى لو كان من فئة الادوية المباعة من دون وصفه (كمخفضات الحرارة)، وخاصة لو كان وزن الطفل اقل او اكبر من المثالي (يكون سمينا او نحيفا مقارنة بأقرانه).
عدم الاهتمام بوصفة الدواء
اذا كان طفلك من النوع الذي يتناول الدواء بشكل دوري كأدوية علاج الحساسية (مضادات الهيستامين)، فمن السهل ان تقعي في روتين اعطاء الطفل الجرعة ذاتها في كل مرة يشتكي منها من اعراض الحساسية من دون ان تتذكري أنه يزداد في العمر والوزن. فالجرعة تزداد مع العمر والوزن. والسبب المهم الذي يحتم عليك الانتباه وقراءة ملصق الدواء هو الانتباه الى صلاحيته في كل مرة.
كما يجب الانتباه الى اسم وجرعة الدواء عند شرائه لتفادي اي خطأ يقع فيه الاطباء او الصيدلي خلال كتابة وصفة الدواء. فبحسب دراسة اميركية من كلية ماساتشوسيت للصيدلة، وجد بان بعض الاخطاء الدوائية تكون نتيجة لكتابة الطبيب بطريقة غير مفهومة او تشابه اسماء العقاقير. لذا من الضروري التأكد من فهم وصفة الطبيب والجرعة التي اقترحها وان تردديها عليه قبل الخروج من العيادة.
واذا لم تتمكني من قراءة الوصفة، اسألي الطبيب حول اسم العقار والجرعة وطريقة اعطاء الجرعة والتوقيت الأنسب (إن كان تناول الغذاء له تأثير عليه). وعند اخذ العقار، يجب التأكد من صحة الاسم والجرعة المكتوبة عليه قبل الخروج من الصيدلية، حتى يمكن ان تسألي عن اي امر محير او تشكين فيه. وتحققي من افضل طريقة لتخزين العقاقير حتى تحفظيها من اي تلف او تغيير.
كما يجب دائما الانتباه الى تاريخ الانتاج والانتهاء قبل استعمال اي دواء موجود في المنزل.
تعليقات
إرسال تعليق