القائمة الرئيسية

الصفحات

تَعلم التفكير الإبداعي الجاد


تَعلم التفكير الإبداعي الجاد



أمينة منصور الحطاب-عندما يفكر الإنسان بشكل عمودي فهو أشبه بمن يحفر حفرة ويستمر في حفرها عندئذ يبقى في نطاقها، وبالتالي لا يمكن له والحالة هذه أن يأتي بجديد طالما أنه يحفر في اتجاه واحد، فإذا ما كان عليه أن يأتي  بجديد عليه أن يخرج من هذه الحفرة إلى حفرة غيرها.وهذه هي الفكرة الأساسية في التفكير الإبداعي الجاد، أي يتوجب البحث عن اتجاه آخر؛لأن الاستمرار في الحفر في مكان واحد سيبقى في اتجاه واحد، أما إذا أراد الخروج من الحفرة فقد يؤدي الى تغيير الاتجاه،إن هذا النوع من التفكير يعمل على جعل المتعلم يفكر في اتجاهات أخرى غير مألوفة، ويرى ديبونو أن ثمة فروقاً بين التفكير الرأسي والتفكير الإبداعي الجاد، إن التفكير الرأسي تحليلي تسلسلي يهتم بالصواب وبإختيار الطرق الأقصر لحل المشكلة ويقوم بانتقاء طرق واستثناء طرق أخرى لحل المشكلة المطروحة ويجب أن تكون جميع خطوات الحل صحيحة، بينما التفكير الإبداعي الجاد شمولي وثاب يهتم بالإثراء وبتوليد بدائل متنوعة لحل المشكلة ويبحث عن فتح مجالات وطرق أخرى لحل المشكلة المطروحة، ولا داعٍ لأن تكون جميع خطوات العمل صحيحة.
ثمة مجموعة من المبادىء الأساسية لنظرية الإبداع الجاد يمكن إجمالها في النقاط التالية:

الإبداع ليس موهبة موروثة
التفكير الإبداعي الجاد نمط من أنماط التفكير يمكن التدرب عليه واكتسابه.
الإبداع الجاد مغاير للتفكير الرأسي وللتفكير المنطقي ومتجاوز عنهما.
هنالك مظاهر للإبداع الجاد تكون بأكملها منطقية في طبيعتها.

الإبداع الجاد يهتم كثيراً بالاحتمالات
مصطلح الإبداع الجاد يتضمن مجموعة من الطرق المنظمة تستخدم لتغيير المفاهيم والإدراكات، وتوليد مفاهيم وإدراكات جديدة من جهة، ومن جهة أخرى يتضمن استكشاف احتمالات متعددة واتجاهات بدلاً عن البحث عن طريق بمفردها.

الإبداع الجاد ليس خطياً
وقد حدّد «ديبونو» مصادر الإبداع الجاد بالنقاط الآتية:
أ- البراءة (Innocence)
تكون البراءة مصدراً تقليدياً للإبداع، فإذا لم يكن لدى الشخص معرفة بما هو متبع في تناول المفاهيم والتصدي للحلول، ثم وجد نفسه في موقف جديد عليه، فمن الممكن أن يتيح هذا الأمر الوصول إلى تناول إبداع جديد، فتكون البراءة عندئذ مصدراً للإبداع، عندما  لا يعرف الشخص ما ينبغي عمله، أوكيف ينبغي عمله.
ب- الخبرة (Experince)
الإبداع القائم على الخبرة عكس الإبداع القائم على البراءة؛إذ تتيح الخبرة المجال للتعلم والتعليم، ومن ثم الوصول إلى النجاح والإبداع.
ج- الدافعية العقلية (Mental Motivation)
إن توفر حالة من الدافعية لدى الشخص تحفّزه للنظر إلى بدائل أكثر، في الوقت الذي يرضى الآخرون بما هو موجود، ومن المظاهر الهامة لتحقيق الدافعية العقلية الرغبة في التوقف، والنظر إلى الأشياء التي لم ينتبه إليها أحد، حيث يشكل هذا النوع من التركيز مصدراً خفياً للإبداع في غياب الاستراتيجيات المنظمة.
د- الأسلوب (Style)
يقصد بالأسلوب الطريقة التي يسلكها الفرد في التفكير في موضوع ما. وتتعدد أساليب التفكير ،وكل منها يمثل تفكيراً بصفة عامة وتفكيراً إبداعياً بصورة خاصة.
هـ- التحرر (Release)
إن العمل على تحرير الفرد من القيود وعوامل الكبت والإحباط والخوف والتهديد يجعله أقدر على الإبداع؛ وذلك لأن الدماغ يكون أكثر عطاءً في مثل هذه الحالات.
إن ما نهدف إليه من الإبداع الجاد هوالخروج من النمط التقليدي للتفكيرإلى وضع غير تقليدي؛ مما يمكننا من التحرك نحو الفكرة الجديدة.
بعض المهتمين بالإبداع يعتبرون الجنون جوهر عملية الإبداع، وهذا افتراض خاطىء ، لذا فإن التفكير الإبداعي لا يعتمد على الجنون.
يعتقد ديبونو أن للإبداع الجاد مهارات يمكن التدرب عليها وهذه المهارات هي:
توليد إدراكات جديدة
يقصد بالإدراك الوعي أو الفهم؛ بمعنى أن يصبح المتعلم مدركاً للأشياء من خلال التفكير فيها؛ بمعنى آخر الإدراك هو التفكير الغرضي الواعي الهادف لما يقوم به المتعلم من عمليات»عقلية» ذهنية بغرض الفهم أو اتخاذ القرار أوحل المشكلات أو الحكم على الأشياء أو القيام بعمل ما،فالإدراك نوع من الرؤية الداخلية توجه المتعلم نحو الفكرة بهدف فهمها.

توليد مفاهيم جديدة
    يشير ديبونو إلى أن المفاهيم هي أساليب أو طرق عامة لعمل الأشياء،وثمة ثلاثة أنواع من المفاهيم هي:مفاهيم غرضية؛ أو ذات هدف تتعلق بما يحاول المتعلم أن يحققه، ومفاهيم آلية تصف مقدار الأثر الذي سينتج عن عمل ما، أما النوع الأخير من المفاهيم فهو مفاهيم القيمة والتي تشير إلى الكيفية التي يكتسب العمل من خلالها قيمته.
من المحتمل أن تكون القدرة على تكوين المفاهيم المجردة هي أساس القدرة على التعليل، حيث أننا نستخدم المفاهيم طوال الوقت في التعامل،وعلى الرغم من ذلك فإن بعض الناس لا يشعرون بالارتياح في التعامل مع المفاهيم،خاصة المفاهيم التي تتصف بالغموض، أو المفاهيم ذات الصبغة الاكاديمية، بينما يكون الارتياح واضحاً عندما يتعامل بعض المتعلمين بالمفاهيم المحسوسة.

توليد أفكار جديدة
الفكرة هي شيء يتصور(يفهم) من خلال العقل، والأفكارهي طرق مادية لتطبيق المفاهيم، والفكرة يجب أن تكون محددة ويجب أن توضع الفكرة موضع الممارسة.
ومن أجل توليد أفكار جديدة يُحذر ديبونو من الرفض السريع والفوري للأفكار؛ ويشير إلى ان الرفض السريع للأفكار يأتي من القيود التي فُرضت على العقل،فإذا كانت الفكرة لا تتوافق مع هذه القيود فإنها تتجه نحو الرفض،وهذا هو الاستخدام المبكر للتفكير المتشائم ، لكن الأمر يتطلب التفكير في هذه الحالة بطريقة تشير إلى التفاؤل، بل قد يتطلب التفكير في هذه الحالة الإبداع وذلك للحصول على مزيد من الأفكار الإبداعية.

توليد بدائل جديدة
من مبادىء الإبداع الجاد أنه طريقة خاصة لتأمل الحلول من بين مجموعة ممكنة ومتاحة، حيث يهتم الإبداع الجاد باكتشاف أوتوليد طرق أخرى لإعادة وتنظيم المعلومات المتاحة، وتوليد حلول جديدة بدلاً من السير في خط مستقيم، والذي يقود عندئذ الى تطوير نمط واحد، إن البحث عن طرق بديلة أمر طبيعي لدى المتعلمين الذين يشعرون أنهم يقومون بذلك، وهذا أمرصحيح إلى حد ما، لكن البحث من خلال الإبداع الجاد يذهب إلى ما هو أبعد من البحث الطبيعي، ففي البحث الطبيعي عن البدائل يبحث المتعلمون عن أفضل البدائل الممكنة،لكن البحث من خلال توظيف الإبداع الجاد يتيح للمتعلمين توليد بدائل كثيرة بحسب قدرةهؤلاء المتعلمين، ولا يبحث الإبداع الجاد عن أفضل البدائل، ولكن عن البدائل المتعددة.ففي البحث الطبيعي عن البدائل يهتم المتعلم بالبدائل المنطقية، بينما في الإبداع الجاد ليس من الضروري أن تكون البدائل خاضعة للمنطق، وقد يشكل أحد البدائل نقطة بداية مفيدة،كما يعمل على حل بعض المشكلات دون عناء.

توليد إبداعات (تجديدات) جديدة
يؤكد ديبونو أن الإبداع هو العمل على إنشاء شيء جديد،بدلاً من تحليل حدث قديم، وتشمل الإبداعات أو التجديدات نمطاً من الإبداع الجاد.وغالباً ما يكون توليد الإبداعات المألوفة سريعاً، بينما إنتاج الإبداعات الأصيلة يحدث ببطء، ومن ثم يكون من السهل استبعاد الإنتاج الأكثر شيوعاً من خلال الطلب من المتعلمين الإقتصار على إنتاج الأفكار الأصيلة الإبداعية، وفي العادة يميل الأفراد إلى إنتاج الاستجابات الأكثر أصالة من خلال الاستمرار في العمل على المهمة التعليمية أو المشكلة التي تواجههم، إن نتائج الجهد المركز في المهمة يعمل على زيادة إنتاج الأفكار الإبداعية أو التجديدات الجديدة،ولا يشترط لتوليد إبداعات جديدة أن يتصف الفرد بمستوى عالٍ من الذكاء فقط، فالذكاء وحده غير كافٍ للإبداع، إنما يحتاج الإبداع إلى درجة معينة من الذكاء.
إن ممارسة المتعلم لمهارات الإبداع الجاد تعمل على جعله يفكر خارج حدود التفكير التقليدي، ويواجه المشكلات بأفكار أفضل للحصول على نتائج فورية، ويولد فكرة ما من خلال أفكار أخرى، ويصمم طرقاً متعددة لحل مشكلات مطروحة،ويطور أفكارا جديدة، ويعمل على تطوير عادات وممارسات إبداعية، ويعمل على تحويل المشكلات إلى فرص للإبداع.
Reactions

تعليقات