علامات تدل على «الخرس الزوجي»
يعد التواصل الاجتماعي السليم بين الزوجين من أهم الأمور التي تؤثر وتسهم في استمرار العلاقة الزوجية وتماسكها، والوصول إلى حالة توافق زوجي قوي.
ومن أبرز علامات التوافق، هي لغة الحوار والتواصل اللفظي، لكن مع غياب الكلمات المعبرة عن المواقف مهما كان بساطتها أو تعقيدها فهذا ينقل العلاقة الزوجية الى مرحلة تسمى «الخرس الزوجي» أو «الصمت الزوجي»، وهي حالة من السكوت السلبي لكلا الزوجين، وانعدام لغة الحوار في ما بينهما في كل المواقف مهما كانت مفرحة أو محزنة.
وتلك الحالة، ظاهرة يعاني منها الكثير من الأزواج، والتي يبدأ بها عادة أحد الزوجين إما بالصمت التام وإما الرد باقتضاب على الطرف الآخر، مهما حاول الأخير فتح قنوات للحوار معه، ويعد هذا مؤشراً قوياً على فتور العلاقة الزوجية وجمودها.
وحول هذه الظاهرة أوضح د. الحارث المزيدي المتخصص في العلاقات الزوجية أن الخرس الزوجي هو صورة من صور غياب المودة بين الزوجين، ويمكن تعريفه بأنه هو غياب التفاعل الكلامي بين الزوجين، كمؤشر خلل في العلاقة ينذر بتدهورها.
وقال لـ القبس: عادة للخرس الزوجي صورتان رئيسيتان: الأولى، هي ردة فعل متعمدة وأشبه بأنه يكون انفصالاً صامتاً، أما الصورة الثانية فهي غير متعمدة عادة ولكن نتيجة للفتور والملل ولها اسبابها القابلة للتعديل.
علامات ومؤشرات
وأوضح المزيدي أن الصورة الأولى من الخرس الزوجي هي صورة مؤلمة ويطلق عليها أيضاً «الطلاق العاطفي» أي غياب التفاعل العاطفي والطبيعي بين الزوجين لمدة طويلة وغالباً يكون قراراً ضمنياً عن عمد يتخذه أحد الأطراف ردة فعل نهائية للانفصال النفسي، وقال: عندما يكون الحوار مرتبطاً بالمشاجرات والخلافات، ويتصف بأنه حوار خالٍ من العقلانية والمنطق، فيلجأ الزوجان أو أحدهما إلى السكوت، حيث يكون هذا الحل الأمثل لهما.
أما عن الصورة الأخرى، فذكر أنها أخف وطأة من الأولى، لأنه عادة يصل لها الزوجان بسبب غياب الحماس ودخول الملل وربما للانشغال بروتين الحياة الزوجية عن التواصل العاطفي في ما بينهما، وبالتالي لا يكون ذلك عن عمد.
وذكر المزيدي أن الصمت الناتج عن الانفصال العاطفي عادة ما تكون له علامات تمتد مدداً طويلة وتظهر بالأشكال التالية:
1 - عدم الرغبة في التفاعل
2 - كثرة الصمت وتجنب التواجد مع الطرف الآخر
3 - عدم الحماس للتواصل
4 - الرد باقتضاب إذا لزم الأمر
5 - اعتياد وضع السكوت والارتياح له
وأشار إلى أن هذه الظاهرة لا ترتبط بعمر الحياة الزوجية، وانما مرتبط بالاسباب المؤدية إليها، وقال: نجد بعض الازواج ممن مر عليهم أكثر من 20 عاماً زواج، لا يزال التفاعل بينهما قوياً ومستمراً وتستشعر المودة والاحترام في علاقتهما.
7 أسباب
بيّن المزيدي أنه من أهم الأسباب التي تدفع الزوج -على وجه الخصوص- إلى الإصابة بالخرس الزوجي ما يلي:
1 - الظروف الاقتصادية: الأعباء المادية الملقاة على عاتق الزوج، والعمل، والضغوط النفسية، والمشكلات والهموم الاقتصادية، والسعي الدائم للحصول على المادة بهدف توفير حياة كريمة لزوجته وأولاده وبالمقابل لا يجد التقدير الكافي والاهتمام المرضي او التخفيف عنه ويجد فقط الخلافات وعدم الانسجام، كل هذا يدفعه الى الصمت السلبي والهجر العاطفي كنوع من رفض لهذه الحياة.
2 - غياب الاحترام: الافتقار إلى لغة حوار قائمة على الاحترام والتفاهم والتقدير وتتعمد التجريح أو التنمر.
3 - التقصير: عندما يحدث خلل وتقصير متعمد في واجبات كل من الاطراف بشكل متكرر يخلق حالة من الغيظ والتأهب للخلاف والانفجار دون علاج، فيلجأ أحد الأطراف إلى مرحلة الصمت كإنذار نهائي للطلاق.
4 - الخلافات المتكررة: أحياناً كثيرة يكون نوعاً من الهروب من ألم الخلافات الحادة والمجادلات المتكررة التي تشحن القلوب، وحيث تجرع مرارتها أحد الزوجين مراراً وتكراراً وبالتالي لم يعد يرغب بتذوقها من جديد فيتخذ قرار الصمت وسيلة لوضع حدٍّ لهذه المعاناة.
5 - طبيعة الشخصية: قد يكون شخصية احد الزوجين كتوما وانطوائياً أو قليل الكلام بطبعه ولا يعبر عن الرغبات وعما يعجبه ولا يؤكد ذاته، ويفضل الصمت، أو أن يكون أحد الاطراف يتصف بالعند والتكبر فيخذل الطرف الآخر حتى يكف عن التواصل معه ويكره عشرته ويفضل الصمت عنه.
6 - الإهمال: تكرار الاهمال لحقوق الطرف الآخر وغياب الانسجام يولدان النقد الدائم وتبادل الاتهامات، وبمرور الوقت يحدث الفتور والملل، ويكون الخرس الزوجي إحدى ردات الفعل خاصة من الزوجة.
7 - عدم التكيُّف: عدم توافر نقاط تشابه بين الزوجين في الرغبات والطموح والشخصية مع التركيز الدائم على نقاط التضاد بينهما، وعدم بذل محاولات متكافئة من الطرفين للقرب يخلق حالة من الصمت السلبي.
الحلول الممكنة
أكد المزيدي أن أفضل وسيلة لمواجهة الخرس الزوجي هي الاعتراف بأنه مشكلة والبحث عن اسبابه، لكن اذا استجد هذا الصمت ولم يكن موجودا من قبل فهذا مؤشر على حالة ملل عارضة ويحل بالتجديد في الحياة الزوجية. أما اذا كان نتاج كثرة المشاكل فلا بد من التركيز على علاجها وحلها.
وقال: عدا ذلك لا بد من الوقفة مع النفس ومدى الرغبة في الاستمرار في هذه العلاقة أو لا وعليه لا بد من اتباع بعض المحاولات:
1 - اذا كان الصمت منذ البداية فهذا مؤشر على سمات الشخصية الهادئة والانطوائية والتجنبية التي تحتاج التشجيع لا النقد.
2 - خلق لغة للحوار حتى لو كانت كتابية (عبر الواتس أب مثلاً) لاسترجاع التواصل اللفظي مرة أخرى.
3 - الاعتذار عن الأخطاء السابقة وتقديم كلمات التقدير والمودة على النحو الذي يرغبه الآخر والتوقف عن اللوم والعتاب.
4 - وضع حلول مرضية للطرفين لعلاج المشكلات المتكررة.
5 - إثبات جدية التغيير والرغبة في التودد وفتح بداية جديدة وسعيدة.
6 - استشارة متخصص علاقات زوجية إذا فشلت كل السبل لإعادة التفاهم والحوار بينهما.
معلومات وإرشادات
◄ الظاهرة يعاني منها الكثير من الأزواج ويبدأ بها عادة أحد الزوجين إما بالصمت التام وإما الرد باقتضاب على الآخر
◄ غياب التفاعل الكلامي بين الزوجين مؤشر خلل في العلاقة ينذر بتدهورها
◄ أفضل وسيلة لمواجهة الخرس الزوجي هي الاعتراف بأنها مشكلة والبحث عن أسبابها
◄ يجب خلق لغة للحوار حتى لو كانت كتابية (عبر الواتس أب) لاسترجاع التواصل اللفظي مرة أخرى
◄ استشارة متخصص علاقات زوجية إذا فشلت كل السبل لإعادة التفاهم والحوار بين الزوجين
د. ولاء حافظ
تعليقات
إرسال تعليق