بعيدا عن العاطفة والمشاعر تلعب الأمور المادية والحالة الاقتصادية دورا كبيرا في خلق المشكلات وتوتّر العلاقة بين الزّوجين، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع وزيادة مصروفات الأسرة، فالمال يعتبر من الأسباب التي من الممكن أن تؤدي لوجود الكثير من الخلافات والصراعات بين الزوجين، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق بسبب عدم قدرة الزوج على تلبية احتياجات المنزل ولجوئه إلى الديون والقروض، مما يؤدي إلى انهيار الحياة الأسرية.
من المعروف أن غالبية النساء يعشقن التسوّق والحصول على كل ما هو جديد في عالم الموضة، هذا الأمر الذي يزعج الرجال كثيرا، ويرون أنه نوع من أنواع التبذير وضياع للأموال، كما أنه لا يتماشى مع الحالة الاقتصادية الحالية مع ارتفاع الأسعار، ويرون أنه على المرأة أن تجعل أولوياتها لأمور المنزل واحتياجاته لكي يستطيع توفير تلك المتطلبات، لذلك نجد أن الأزواج في بداية حياتهم ينشغلون بتوفير المال من أجل الالتزام بإقامة حياة جديدة مع شخص آخر، لكن كثيرا ما تكون طلبات الزوجة أكثر من قدرة الزوج، مما يؤدي إلى حدوث الكثير من المشاحنات والخلافات على الأمور المادية، لذلك يجب أن يكون هناك إحساس بالمسؤولية بالنسبة إلى الطرفين وتفاعلا متبادلا لعدم تحميل الرجل فوق طاقته، ومحاولة للوصول إلى حياة سعيدة بعيدا عن المشكلات، فكما يقول المثل “إذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك".
ويشير علماء الاجتماع، إلى أن الزوجين اللذين يكون فيهما أحد الزوجين ميسورا والآخر مستواه المادي محدودا، يواجهان العديد من المشكلات في علاقتهما، وسيبديان عدم رضاهما عن الزواج بصفة عامة ومدى استقرارهما، مقارنة مع الأزواج الذين لديهم اهتمامات مالية مشتركة ومتشابهة، مؤكدين أن المال وحده ليس مقياسا أو دليلا على الحب الحقيقي ونجاح العلاقة بين الشريكين.
الحياة الزوجية ليست جميعها وردية فلا بد من بعض المشكلات والخلافات التي من شأنها أن تقوّي العلاقة بشرط أن يتمسك الطرفان ببعضهما بعضا مهما كانت المشكلات التي تواجههما
وأثبت الباحثون أن نسبة كبيرة من حالات الانفصال تكون أسبابها المشكلات المادية التي قد يتعرض لها الزوجان في مرحلة من مراحل الحياة، وتبدأ المشكلة عندما يبدأ أحد الطرفين في محاسبة الطرف الآخر بسبب ما لم يكن من الضروري إنفاقه، مؤكدين أن الفقر وضيق الحالة المادية يؤثران بشكل أو بآخر على العلاقة الزوجية ويخلفان فجوة كبيرة بينهما، مما ينتج عنه وضع عاطفي سيء، لذلك يجب على الزوجين التغلب على المشكلات المادية للحفاظ على الاستقرار العاطفي والأسري والمجتمعي ككل، فهو أمر ليس سهلا، ولكن ليس أيضا بالمستحيل، فمن الضروري وضع خطة لحماية مركب الزواج من الغرق.
وعن كيفية التغلب على المشكلات المادية بين الزوجين، يقول هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، “المشكلات المادية من شأنها أن تخلق فجوة كبيرة بين الزوجين، فمصروف المنزل يؤرق الزوجين كل شهر، لذلك لا بد من وضع خطة شهرية للقضاء على هذه المشكلات التي قد تنشأ بسبب عدم وجود المال الكافي لتلبية احتياجات الأسرة، وتتمثل في محاولة وضع خطة شهرية، وتتطلب تحديد ما هو مطلوب وما هو غير مطلوب، حتى يقدر الزوجان على تخطي كل المشكلات المادية وعدم شراء الكماليات إلا في الوقت الذي يتوفّر فيه فائض من المال لا يحتاجه المنزل، والحرص على عدم المبالغة في الطلبات من قبل الزوجين، كذلك وضع مبلغ خاص بالأزمة المالية، وذلك لمواجهة المشكلات الطارئة التي قد تقابل الأسرة المصرية مثل مرض أحد أطرافها".
ويؤكد بحري على ضرورة الابتعاد عن المتطلبات المادية التي تمثل عائقا كبيرا على الأسرة المصرية، والحرص على استخدام الابتسامة المستمرة عند التعامل مع الزوج، وعدم افتعال المشكلات لمجرد أنه لم يقم بشراء الشيء الذي تريده الزوجة، فيجب على المرأة أن تكون اليد المدبرة للمنزل، وأن تشارك زوجها المسؤولية وتقف بجانبه في السراء والضراء، مع عدم المقارنة بين حياة الآخرين وحياتهما، والعمل على تحسين وضعهما المادي وعدم إعطاء الفرصة لتلك المشكلات بأن تتغلغل في الحياة الزوجية، وتخلق فجوة من شأنها أن تؤدي إلى إنهائها.
ولفت إلى أنه لا مانع من الاقتراض من الأشخاص المقربين للأسرة للمرور من أيّ ضائقة مالية إذا لم يكن هناك سبيل آخر لحلها، حتى يستطيع تسديد تلك الديون التي قد تكون عبئا على الزوج، فالحياة الزوجية ليست جميعها وردية فلا بد من بعض المشكلات والخلافات التي من شأنها أن تقوّي العلاقة بشرط أن يتمسك الطرفان ببعضهما.
تعليقات
إرسال تعليق