في عام 1965 كانت بداية القضية التي أُزيل الستار عنها لاحقاً، وكُشفت تفاصيلها بشأن سرقة المواد المخصبة لليورانيوم لصالح إسرائيل، وكانت عملية أبولو التي هزت مدينة باركس بولاية بنسلفانيا.
تم التحقيق مع شركة المواد والمعدات نوميك، وهي شركة أمريكية، ووجَّه مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي إلى زالمان شابيرو، رئيس الشركة، تهمة تهريب 93 كيلوغراماً من اليورانيوم عالي التخصيب، التي اختفت فجأة من الشركة.
في تلك الأثناء كانت لجنة الطاقة الذرية، ووكالة الاستخبارات المركزية، وبعض الوكالات الحكومية تجري تحقيقاتها أيضاً، وكانت أصابع الاتهام كلها تشير إلى إسرائيل.
إذ أطلعت وكالة المخابرات المركزية كبار الموظفين في لجنة التنظيم النووي (NRC) على الأمر، قائلة إن المخابرات تعتقد أن اليورانيوم المفقود ذهب إلى إسرائيل.
اطَّلع الرئيس الأمريكي آنذاك بنفسه على التحقيق، وقال إن التحقيقات التي أجرتها المخابرات الأمريكية مقنعة حتى وإن لم تكن حاسمة.
لماذا أقدم زالمان على ذلك؟
كان زالمان شابيرو أبرز المتهمين في القضية، ليس لأنه فقط مؤسس الشركة ومديرها وقت وقوع الحادثة، لكن الأمر لديه كانت له جوانب شخصية بشكل أكبر، فقد تأثر الرجل بموت أحد أقربائه في محرقة الهولوكوست، ما جعله من الداعمين البارزين لقيام إسرائيل آنذاك، ويبدو أنه رأى -وفقاً لتحقيقات المخابرات الأمريكية- أن تهريب اليورانيوم لها قد يزيد من قوتها ويدعم بناءها.
عُرف زالمان بصِلاته داخل الموساد والحكومة؛ لذلك عندما اكتشفت لجنة الطاقة النووية بالولايات المتحدة فقد 90 كيلوغراماً من اليورانيوم بلا تفسير واضح، اقتنعت بأنه قد تم تهريبها بطرق غير مشروعة إلى مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل.
ورغم أن التحقيق كان جارياً وقتها، فإن 180 كيلوغراماً أخرى فُقدت خلال الستينيات، تبين أنها سرقت تحت غطاء اتفاقية مع شركة تُجري أبحاثاً عن تعقيم المواد الغذائية، تحت اسم ISORAD، أسسها شابيرو بالشراكة مع الحكومة الإسرائيلية.
هل تكتمت أمريكا على حادث السرقة؟
في عام 2014 كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن وثائق سرية أمريكية قد كُشف الحجاب عنها، تعود إلى ستينيات القرن الماضي، تُثبت وصول المسؤولين الفيدراليين إلى أن إسرائيل أقدمت على سرقة كميات اليورانيوم التي اختفت من منشأة نووية في بنسلفانيا قبل قرابة 50 عاماً أثناء بنائها لمشروعها النووي، وأن مذكرة صادرة عن موظف في مجلس الأمن القومي، بتاريخ 28 يوليو/تموز 1977، أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي في ذلك الحين، جيمي كارتر، اطَّلع على الأمر مبدياً اقتناعه بما وصلت إليه التحقيقات.
لكن وفقاً لما قاله زبيجنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في إدارة كارتر، في مقابلة أجريت معه: «نعم هناك معلومات تسربت، لكن لا يمكن إثارة أزمة دولية من دون أدلة قاطعة، هذه قضية خطيرة جداً، ومثيرة للجدل. ثم لو ثبت أن هناك سرقة، هل سنذهب ونقول للإسرائيليين: أرجعوا ما سرقتم؟».
بقي الأمر طيَّ الكتمان بناء على طلب من كبار مسؤولين في إدارات أمريكية، حرصاً عليهم من تقويض جهود السلام الأمريكية في الشرق الأوسط.
لكن نبقى أمام حقيقة واضحة أن كمية اليورانيوم التي اختفت كانت كافية لصناعة عدد من القنابل يماثل تلك التي أُلقيت على هيروشيما اليابانية.
تعليقات
إرسال تعليق