كان متأكدا مما رأى فتجرأ واقترب منها، وسألها ماذا وضعت الآن، التفت إليه وعيناها تقدح شررا، ظنّ أنها ستوبخه ولكنها وقفت فجأة ورفعته من ياقة قميصه إلى مكان بين السماء والأرض وسألته بصوت أجش غاضب ماذا رأيت يا...، لم يقوعلى الكلام فقد قبضت على حنجرته ولكنه فكر أنه سيقول لا شيء لم أر شيئا، لم ينطق وبدا له أنها قد علقته دهرا بأكمله، تركته فجأة تدحرج على الأرض نظرت إليه بأعين تقدح شررا أجاب بسرعة والله لم أر شيئا، ركض وهو يتحسس رقبته لم يخيل إليه يوما أن أمه ستفعل ما فعلت لمجرد أنه رآها تضع شيئا في قدر الطعام، كان قد لاحظ عدة مرات أشياء غريبة لكنه لم يسألها قط، ما الذي حدا به اليوم لفعل فعلته، لم ينبس بكلمة لأحد واعتراه خوف شديد من أمه فتحاشى النظر إليها، بل رفض أي مساعدة منها في أي شأن وكان هذا درسه الأول في الكذب فقد أقسم بالله أنه لم ير شيئا وقد رأى، راقه كيف خلص نفسه بالكذب واعتقد أن ذلك ضرب من ضروب العبقرية، رآها أكثر من مرة وهي تسرق من جيب أبيه وجده، فحذا حذوها وقام هو أيضا بالسرقة من زملائه في المدرسة ومن أخوته أيضاً، ومضت السنون وهو معجب بنفسه ها هو يكذب على اساتذته وهم يصدقون أكاذبيه بل بعضهم يعتقد أنه قمة في الذكاء، ويسرق ولا أحد يشك به أبدا، أنهى المدرسة واحترف النصب فقد تسلّح منذ الطفولة بالخبرات الضرورية لهذا العمل، ضبط أكثر من مرة، وخدع أكثر من صديق، وفي كل مرة يزداد زهوا بما يفعل، اليوم شاهد فيلما على التلفاز فيه مقابلة مع روائي انجليزي تسأله الصحفية هل كل ما كتبت في روايتك عن مغامراتك النسائية من تجاربك الخاصة أم محض خيال، نظر الروائي إلى الحضور فرأى زوجته بين الحضور أجابها بذكاء ماذا أجيبك نحن الروائيون لصوص وكاذبون. أعجبته الجملة كثيرا ظل يرددها بصوت منخفض، ثم قام من فوره فتح جهازه على صفحته في الفيسبوك حدث بياناته وكتب عند خانة العمل كاتب وروائي.....ألا يمتلك المؤهلات الضرورية حتى وإن لم يكتب رواية أو حتى كلمة فهو لص بامتياز وكاذب فاق التوقعات.
نبيلة زيدان
تعليقات
إرسال تعليق